التعليم حق مسلوب.. فتيات الأهواز الإيرانية يعانين بين الفقر والحرمان
التعليم حق مسلوب.. فتيات الأهواز الإيرانية يعانين بين الفقر والحرمان
تتصاعد أزمة التعليم في إيران عاماً بعد عام، حيث تواجه مناطق واسعة من البلاد حرماناً ممنهجاً من أبسط حقوقها الأساسية، وفي مقدمتها الحق في التعليم.
وبينما تعلن الحكومة الإيرانية التزامها بالاتفاقيات الدولية التي تكفل هذا الحق، يعيش آلاف الأطفال في المناطق النائية والمهمشة واقعاً مختلفاً كلياً، حيث تتحول مقاعد الدراسة إلى حلم بعيد المنال بسبب الفقر، غياب البنية التحتية، وانعدام وسائل النقل، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، الخميس.
وفي قلب هذه المأساة، برزت معاناة 50 طالبة من قرية "براية" في مدينة الأهواز، اللواتي يواجهن خطر الانقطاع عن التعليم في واحدة من أغنى مناطق إيران نفطياً وأفقرها خدمياً.
معاناة يومية قاسية
تواجه نحو 50 طالبة من قرية براية في مدينة الأهواز جنوب غرب إيران، خطر ترك مقاعد الدراسة بشكل نهائي بسبب غياب وسائل نقل آمنة.
وتضطر الفتيات يومياً إلى السير لمسافة طويلة تصل إلى كيلومتر للوصول إلى الطريق الرئيسي، قبل أن يقفن ساعات بانتظار وسيلة نقل متهالكة أو غير آمنة تقلهن إلى مدارس في قرية مجاورة.
ويؤكد الأهالي أن استمرار هذا الوضع قد يدفعهم، تحت ضغط الخوف والفقر، إلى منع بناتهم من متابعة تعليمهن، وهو ما يعني تدمير مستقبل جيل كامل من الفتيات.
فقر وتهميش مزمن
تعاني قرية براية التي يبلغ عدد سكانها 3000 نسمة من فقر مدقع ونقص حاد في الخدمات الأساسية، رغم أنها تقع في محافظة خوزستان الغنية بالنفط.
ويقول السكان إن السلطات الإيرانية تستغل ثروات منطقتهم النفطية لكنها تتركهم في مواجهة الفقر والحرمان، حتى في أبسط حقوقهم الإنسانية كالتعليم.
ويؤكد الأهالي أنهم عاجزون عن توفير تكاليف النقل بأنفسهم، في ظل ظروف اقتصادية خانقة وغياب أي دعم حكومي حقيقي، ما جعل العشرات من الطلاب بالفعل يتركون الدراسة في السنوات الأخيرة.
تحذيرات المعلمين الإيرانيين
حذّر مجلس تنسيق نقابات المعلمين الإيرانيين من عواقب تجاهل أزمة تعليم الفتيات في المناطق المحرومة، مؤكداً أن حرمان الطالبات من مقاعد الدراسة يُعدّ انتهاكاً صريحاً لالتزامات إيران القانونية والدولية، وخاصة الاتفاقيات التي تضمن حق الأطفال في التعليم.
وشدد المجلس على أن واجب الدولة لا يقتصر على توفير المدارس، بل يشمل ضمان وسائل نقل آمنة، بيئة تعليمية مناسبة، وفرص متساوية لجميع الطلاب بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو موقعهم الجغرافي.
وتجسد معاناة طالبات الأهواز نموذجاً صارخاً للتمييز الممنهج الذي يعانيه سكان المنطقة منذ عقود، حيث تُستغل ثرواتهم النفطية بينما يُحرمون من أبسط الخدمات كالمياه النظيفة، البنية التحتية، والرعاية الصحية.
ويصف ناشطون الوضع بأنه "ظلم مزدوج" يجمع بين الفقر المفروض والتمييز القومي، ما يجعل سكان الأهواز من أكثر الفئات تهميشاً في إيران، ويؤكد الأهالي أن حرمان الفتيات من التعليم اليوم يعني تكريس حلقة جديدة من الفقر والحرمان ستستمر لأجيال قادمة.
دعوات لتدخل عاجل
يطالب أهالي قرية براية وسكان الأهواز بضرورة تدخل عاجل من السلطات الإيرانية لتوفير خدمات النقل المدرسي الآمن والمستدام، حتى تتمكن الطالبات من مواصلة تعليمهن.
كما تناشد منظمات حقوق الإنسان العالمية التدخل لمراقبة الأوضاع وضمان التزام إيران بتعهداتها الدولية.
فالحق في التعليم ليس مجرد خدمة اجتماعية، بل هو حق أساسي يحدد مصير الشعوب ويضع الفتيات أمام خيار واحد: إما مستقبل أفضل أو مستقبل مسلوب.