طالبان في مرمى المساءلة.. جنيف تبحث إنشاء آلية لجمع الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان بأفغانستان
طالبان في مرمى المساءلة.. جنيف تبحث إنشاء آلية لجمع الأدلة حول انتهاكات حقوق الإنسان بأفغانستان
يستعد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الاثنين، للتصويت على مشروع قرار يفتح الباب أمام إنشاء آلية تحقيق مستقلة بشأن أخطر انتهاكات القانون الدولي في أفغانستان، في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة على صعيد المساءلة.
المبادرة قادتها الدنمارك باسم الاتحاد الأوروبي الذي أكد أن الهدف هو "معالجة عقود من الإفلات من العقاب"، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس عن متحدث أوروبي.
الآلية المقترحة لن تقتصر على مراقبة الوضع، بل ستعمل على جمع الأدلة والشهادات وتوثيق الانتهاكات وتحليلها، ما يمهّد الطريق أمام ملاحقات جنائية مستقبلية.
النساء في قلب الاهتمام الدولي
منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان عام 2021، فرضت السلطات قيوداً مشددة على النساء والفتيات من خلال منع التعليم بعد سن الثانية عشرة، حظر العمل في مؤسسات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، ومنع ارتياد الحدائق والصالات الرياضية أو السفر دون محرم.
مشروع القرار الأممي يصف هذه السياسة بأنها "نظام مؤسسي قائم على التمييز والفصل والهيمنة، يتعارض مع الكرامة الإنسانية".
"هيومن رايتس ووتش" اعتبرت الخطوة إنجازاً مهماً في مواجهة تفشي الإفلات من العقاب، مؤكدة أن حفظ شهادات الضحايا سيشكل ركيزة لأي مسار عدلي مستقبلي.
دعم دولي واسع
يحظى القرار بدعم علني من 14 دولة عضواً في مجلس حقوق الإنسان، منها فرنسا وألمانيا وتشيلي وسويسرا، ويتوقع أن يثير نقاشاً حاداً داخل المجلس المكوّن من 47 دولة، إذ طالما مثّل الملف الأفغاني ساحة تجاذب بين مقاربات حقوقية وأخرى سياسية.
كما سيبحث المجلس تجديد تفويض المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بأفغانستان، وهو خبير مستقل يقدّم تقارير سنوية عن الأوضاع في البلاد.
الأزمة الأفغانية
منذ انسحاب القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي عام 2021 وعودة طالبان إلى الحكم، تواجه أفغانستان عزلة دولية خانقة. معظم الدول لم تعترف بالحكومة الجديدة، في حين تتوالى التقارير عن تدهور الأوضاع الإنسانية وارتفاع مستويات الفقر والجوع.
القيود على النساء تمثل أبرز نقطة صدام مع المجتمع الدولي، حيث اعتبرت الأمم المتحدة أن ما يجري هو "أكثر الأنظمة قمعاً للنساء في العالم".
على الرغم من ذلك، تستمر حركة طالبان في فرض رؤيتها للشريعة الإسلامية، رافضة دعوات التراجع عن هذه السياسات، ما جعل ملف حقوق الإنسان في أفغانستان أولوية ملحّة في جنيف.
قرار مجلس حقوق الإنسان، إذا تم تبنيه، سيكون خطوة تاريخية نحو تأطير العدالة الدولية في مواجهة نظام طالبان، لكنه يطرح في المقابل تساؤلات حول مدى قدرة المجتمع الدولي على إنفاذه عملياً، في ظل غياب الاعتراف بحكومة طالبان وصعوبة الوصول إلى الضحايا داخل البلاد.