بينهم أطفال ونساء.. أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني خلف القضبان الإسرائيلية
بينهم أطفال ونساء.. أكثر من 11 ألف أسير فلسطيني خلف القضبان الإسرائيلية
كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عن تدهور خطير في أوضاع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، التي وصفتها بأنها "أماكن موت" نتيجة السياسات الانتقامية.
وقدم ثائر شريتح، المتحدث باسم الهيئة، في تصريحات تلفزيونية لقناة "القاهرة الإخبارية" مساء الأحد، وصفًا قاسيًا للأوضاع التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون في سجون إسرائيل، قائلًا إن "السجون تحولت خلال الأشهر الأخيرة إلى أماكن للموت البطيء"، مضيفًا أن السلطات الإسرائيلية "تمارس سياسة ممنهجة من القتل والتعذيب والتجويع بحق الأسرى".
وأوضح أن التقارير التي ترد من داخل السجون تشير إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك التنكيل الجسدي والنفسي، والعزل الانفرادي، وحرمان الأسرى من العلاج والغذاء الكافي، مشيرًا إلى أن حالات الإعدام الميداني داخل المعتقلات "باتت تتكرر بشكل صادم".
وأضاف شريتح أن عدد الأسرى في سجون إسرائيل يتجاوز 11 ألف أسير فلسطيني، من بينهم نساء وأطفال وكبار سن، بالإضافة إلى آلاف من سكان قطاع غزة المحتجزين قسريًا منذ بدء الحرب الأخيرة، مؤكّدًا أن هؤلاء "يُعتبرون في عداد المختفين قسرًا" نظرًا لغياب أي معلومات رسمية عن أماكن احتجازهم أو ظروفهم الصحية.
الأمل في الحرية
وفي ما يتعلق بملف تبادل الأسرى، أوضح شريتح أن المرحلة الأولى من الاتفاق الجاري تتضمن الإفراج عن نحو 250 أسيرًا فلسطينيًا من ذوي الأحكام العالية والمؤبدات، مقابل إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة في غزة.
وأشار إلى أن الوفد الفلسطيني المفاوض "قدّم قائمة تضم ستة أسماء بارزة من القيادات الوطنية"، طالبًا إدراجهم ضمن الصفقة، وهم مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وأربعة من قادة حركة حماس: عباس السيد، وعبد الله البرغوثي، وإبراهيم حامد، وحسن سلامة.
لكن المتحدث أكد أن هؤلاء "لم يُدرجوا حتى الآن ضمن الدفعة الأولى"، موضحًا أن عمليات الإفراج ستتم من سجني عوفر والنقب في الضفة الغربية والجنوب، وأن الهيئة تواصل مساعيها لإدراج المزيد من الأسرى القدامى في المراحل اللاحقة.
ردود فعل حقوقية ودولية
أثارت تصريحات شريتح ردود فعل واسعة في الأوساط الحقوقية والإنسانية، حيث أعربت منظمات دولية، بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، عن قلقها البالغ إزاء التقارير المتزايدة عن الانتهاكات داخل السجون الإسرائيلية، مطالبة بالسماح لبعثات المراقبة بزيارة المعتقلات "دون قيود أو عراقيل".
وأكدت منظمة العفو الدولية في تقرير حديث أن سياسة إسرائيل تجاه الأسرى "تشكل خرقًا واضحًا لاتفاقيات جنيف الرابعة"، ودعت إلى فتح تحقيق دولي مستقل في ما وصفتها بـ"جرائم المعاملة القاسية واللاإنسانية".
تأتي هذه التطورات في ظل الأجواء الإيجابية التي تشهدها المنطقة بالتزامن مع قمة شرم الشيخ للسلام، والتي جمعت أكثر من عشرين قائدًا وزعيمًا عالميًا، في محاولة لوضع الأسس النهائية لاتفاق شامل ينهي الحرب الدائرة منذ أكثر من عام في قطاع غزة.
ويُنتظر أن يشمل الاتفاق إلى جانب وقف دائم لإطلاق النار، وترتيبات لإعادة الإعمار، وضمانات دولية للإشراف على المعابر، وخطة طويلة الأمد لتبادل الأسرى وإعادة إدماجهم في المجتمع الفلسطيني.
معاناة الأسرى
رغم التفاؤل النسبي الذي ترافق مع الحديث عن وقف النار وتبادل الأسرى، يبقى ملف المعتقلين في سجون إسرائيل أحد أكثر الملفات حساسية وإنسانية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالأسرى، الذين يُنظر إليهم داخل المجتمع الفلسطيني كرمز للثبات والمقاومة، يعيشون اليوم ظروفًا توصف بأنها "الأسوأ منذ عقود"، بحسب تقارير الهيئة الفلسطينية ومنظمات دولية مستقلة.
ويأمل الفلسطينيون أن يشكل الاتفاق الجاري تفعيله نقطة تحول حقيقية تفتح الباب أمام تحسين أوضاع الأسرى والإفراج عن أعداد أكبر منهم في إطار تسوية شاملة تحفظ كرامتهم وحقوقهم.
تُعيد تصريحات هيئة الأسرى تسليط الضوء على البعد الإنساني للصراع الذي طال أمده، وعلى معاناة آلاف العائلات الفلسطينية التي تنتظر أبناءها خلف القضبان.
وبينما تتواصل المساعي الدولية في شرم الشيخ لترسيخ السلام، تبقى قضايا الأسرى والمفقودين والضحايا المدنيين محكًا حقيقيًا لمدى جدية الأطراف الدولية في تحقيق عدالة شاملة لا تقتصر على وقف إطلاق النار، بل تمتد لتشمل إنصاف الإنسان الفلسطيني الذي دفع ثمن الحرب والمواجهة لعقود طويلة.