قاضية أمريكية تمنع شركة إسرائيلية من التجسس على مستخدمي "واتساب"
قاضية أمريكية تمنع شركة إسرائيلية من التجسس على مستخدمي "واتساب"
أصدرت القاضية الأمريكية فيليس هاميلتون، أمرًا قضائيًا يمنع مجموعة "إن إس أو" الإسرائيلية، المتخصصة في صناعة برامج التجسس، من استهداف مستخدمي تطبيق واتساب المملوك لشركة "ميتا".
وقضت المحكمة بتخفيض قيمة التعويض المالي الذي كان مقدرًا بـ168 مليون دولار إلى 4 ملايين دولار فقط، معتبرة أن سلوك الشركة الإسرائيلية "لم يبلغ درجة الخطورة القصوى" التي تبرر العقوبة الأصلية التي أوصت بها هيئة المحلفين، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم السبت.
تثبيت قرار المنع
رغم تقليص الغرامة، أكدت القاضية هاميلتون في نص الحكم، أن "سلوك المدعى عليهم يُسبب ضررًا لا يمكن إصلاحه، وبالنظر إلى عدم وجود خلاف حول استمرار هذا السلوك، فإن المحكمة تُصدر أمرًا قضائيًا دائمًا بوقفه".
وبموجب القرار، مُنحت شركة "ميتا" المالكة لتطبيق "واتساب" حق الحماية القضائية ضد محاولات مجموعة "إن إس أو" لاختراق أنظمتها الرقمية أو استهداف مستخدميها بأي شكل مستقبلي.
وأشاد الرئيس التنفيذي لتطبيق واتساب ويل كاثكارت بالحكم، مؤكدًا أنه يمثل "انتصارًا مهمًا لحماية خصوصية المستخدمين حول العالم"، وقال في بيان رسمي: "هذا القرار يمنع مجموعة إن إس أو من استهداف مستخدمي واتساب مرة أخرى، ويُعد تتويجًا لست سنوات من التقاضي لمحاسبة من استخدموا برامج التجسس ضد المجتمع المدني".
ووفق نص الحكم، أثبتت الأدلة أن مجموعة "إن إس أو" قامت بعملية "هندسة عكسية" لشفرة تطبيق واتساب من أجل تثبيت برامج تجسس سرية على أجهزة المستخدمين دون علمهم، في انتهاك مباشر لقوانين حماية الخصوصية الأمريكية.
وأوضحت المحكمة أن الشركة الإسرائيلية أعادت تصميم برمجياتها مرارًا لتجاوز تحديثات الأمان والإصلاحات التي نفذتها "ميتا"، في محاولة مستمرة لتفادي الكشف عن نشاطها التجسسي.
تاريخ من الانتهاكات
تُعد مجموعة "إن إس أو" من أكثر شركات الأمن السيبراني المثيرة للجدل في العالم، واشتهرت بتطوير برنامج "بيغاسوس" الشهير، الذي كُشف عام 2016 ثم في تحقيق استقصائي دولي عام 2021، بعد أن استخدمته حكومات للتجسس على صحفيين ومعارضين سياسيين وحقوقيين في عدد من الدول.
وطبقًا لتحقيقات منظمة العفو الدولية ومجموعة "Forbidden Stories"، استُخدم برنامج "بيغاسوس" لاختراق هواتف شخصيات عامة، منها رؤساء دول وصحفيون في مؤسسات كبرى مثل "رويترز" و"واشنطن بوست"، وهو ما أثار موجة إدانات واسعة ودفع الولايات المتحدة إلى إدراج الشركة الإسرائيلية على قائمتها السوداء عام 2021.
ورفعت شركة "ميتا" دعواها ضد "إن إس أو" في أواخر عام 2019، متهمة إياها بالتجسس على نشطاء ومحامين وصحفيين يستخدمون تطبيق واتساب عبر ثغرات تقنية مكّنتها من اختراق أكثر من 1400 حساب في 20 دولة خلال عام 2019 فقط.
وأكدت الدعوى أن الشركة الإسرائيلية انتهكت قوانين مكافحة الاحتيال واستخدام الحواسيب بطريقة غير مشروعة في الولايات المتحدة، إلى جانب التعدي على الملكية الفكرية لواتساب باستخدام أكوادها البرمجية بطرق غير مصرح بها.
جدل حول التعويضات
رغم إثبات الانتهاك التقني والأخلاقي، رأت القاضية هاميلتون أن التعويض المالي البالغ 168 مليون دولار الذي أوصت به هيئة المحلفين "مبالغ فيه"، وخفّضته إلى 4 ملايين دولار فقط، معتبرة أن القضية "ذات طابع ردعي أكثر من كونها تعويضية".
لكن الحكم الجديد، بحسب محللين قانونيين، يشكّل سابقة قضائية مهمة في إطار حماية خصوصية المستخدمين من المراقبة الرقمية العابرة للحدود، ويعزز مسؤولية الشركات التقنية الكبرى في ملاحقة من ينتهكون أنظمتها الرقمية.