أزمة الرواتب تضرب الكونغرس.. الإغلاق الحكومي يشلّ المؤسسات الأمريكية
أزمة الرواتب تضرب الكونغرس.. الإغلاق الحكومي يشلّ المؤسسات الأمريكية
في مشهد يعكس عمق الشلل السياسي الذي تعيشه الولايات المتحدة، وجّهت إدارة الكونغرس الأمريكي تحذيرًا صارمًا لموظفي مجلس النواب، مفاده أن رواتب شهر أكتوبر لن تُصرف إذا استمر الإغلاق الحكومي حتى نوفمبر المقبل.
يأتي هذا التحذير ليكشف حجم المعاناة التي بدأت تطال ليس فقط المواطنين، بل حتى العاملين في قلب المؤسسة التشريعية الأمريكية، مع تفاقم الخلافات الحزبية حول تمرير الموازنة العامة للبلاد، بحسب ما ذكر موقع "أكسيوس"، اليوم الخميس.
أكدت كبيرة الإداريين في مجلس النواب الأمريكي كاثرين سبيندور، في مذكرة داخلية نشرتها وسائل الإعلام، أن "الراتب المقبل لموظفي المجلس، والمقرر صرفه في 31 أكتوبر، لن يُحوّل في حال استمرار الإغلاق الحكومي"، مشيرة إلى أن التأجيل سيبقى ساريًا حتى يتم تمرير تشريع الاعتمادات المالية الجديد من قبل الكونغرس.
ويُعد هذا الإعلان أول إجراء مالي مباشر يمسّ موظفي الكونغرس منذ بداية الأزمة، ويكشف عن هشاشة الوضع المالي داخل المؤسسات الفيدرالية في ظل غياب اتفاق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
تعليق برامج المساعدات
حذّرت المذكرة أيضًا من أن برنامج المساعدات التعليمية التابع للكونغرس سيتوقف عن العمل خلال فترة الإغلاق، ما يعني أن البرنامج لن يغطي القروض الدراسية الخاصة بموظفي المجلس كما هو معتاد.
ودعت سبيندور الموظفين إلى التواصل مع المقرضين مباشرة لترتيب دفعات بديلة، مؤكدة أن صرف الرواتب ومدفوعات القروض سيُستأنف فور تمرير الكونغرس مشروع قانون لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية.
ويأتي هذا التعليق ليزيد من الأعباء المالية على مئات الموظفين الذين يعتمدون على هذه المساعدات لتسديد التزاماتهم الشهرية.
انقسام حزبي متصاعد
تتواصل الأزمة وسط خلافات حادة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول بنود الإنفاق العام، حيث يرفض الجمهوريون زيادة مخصصات بعض البرامج الاجتماعية، بينما يتمسك الديمقراطيون بضرورة الحفاظ على التمويل الموجه لدعم الأسر محدودة الدخل.
ويرى مراقبون أن هذه الأزمة ليست مالية فحسب، بل هي انعكاس لتآكل الثقة بين الحزبين الكبيرين، وتحوّل الملفات الاقتصادية إلى سلاح سياسي يُستخدم للضغط والمساومة داخل أروقة الكونغرس.
قال النائب الديمقراطي جيمس ووكنشو، الذي يمثل ولاية فيرجينيا، إن الإغلاق الحكومي "صعب للغاية على موظفي الكونغرس"، مشيرًا إلى أن كثيرًا منهم لا يتقاضون رواتب مرتفعة رغم الساعات الطويلة التي يعملون بها يوميًا.
وأضاف أن الاتحادات الائتمانية في واشنطن تبذل جهودًا كبيرة لتقديم قروض مؤقتة منخفضة الفائدة للموظفين المتضررين، لكنه شدد على أن هذه الحلول "لا تعالج المشكلة الأساسية"، في إشارة إلى غياب الإرادة السياسية لإنهاء حالة الشلل الحكومي.
تداعيات اقتصادية أوسع
يُذكر أن الإغلاق الحكومي، إذا استمر حتى نوفمبر، سيؤثر على مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين في مختلف الولايات الأمريكية، وسيتسبب في تأخير رواتبهم، وتعليق البرامج الاجتماعية، وتعطيل المساعدات الإنسانية والغذائية.
وتشير التقديرات الاقتصادية إلى أن كل أسبوع من الإغلاق يُكلّف الاقتصاد الأمريكي نحو 6 مليارات دولار من الخسائر المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب تراجع الثقة في قدرة الحكومة على إدارة شؤون البلاد بكفاءة.
ويُبرز هذا التطور المقلق هشاشة النظام المالي الأمريكي أمام الخلافات الحزبية المتصاعدة، ويؤكد أن الصراع السياسي في واشنطن بات يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وفي الوقت الذي تتأهب فيه الأسواق العالمية لأي ارتدادات محتملة على الدولار الأمريكي، يقف آلاف الموظفين، حتى داخل أروقة الكونغرس، في مواجهة أزمة معيشية لم يسبق أن طالت مؤسسات الدولة بهذا الشكل منذ إغلاق عام 2019.











