شبكة النساء العراقيات تدعو للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
شبكة النساء العراقيات تدعو للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
أطلقت شبكة النساء العراقيات، اليوم السبت، تقرير الظل الثالث لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، خلال مؤتمر عقدته في العاصمة بغداد ضمن مشروعها "تعزيز قدرات التحالفات والشبكات النسوية في رصد وتقييم التقدم المحرز في إنفاذ اتفاقية سيداو".
وجاء التقرير ليُقيّم واقع النساء في العراق خلال الفترة من 2019 إلى 2024، تمهيدًا لعرضه أمام لجنة سيداو التابعة للأمم المتحدة في جنيف خلال دورتها الـ92 في فبراير 2026، في خطوة تهدف إلى تسليط الضوء على التحديات القانونية والاجتماعية التي تواجه المرأة العراقية في ظل التحولات السياسية الراهنة، بحسب ما ذكرت وكالة “JINHA”.
تسليط الضوء على التحديات
افتتحت الناشطة الحقوقية هناء أدور المؤتمر بقراءة بيان المؤتمر الوطني لشبكة النساء العراقيات الذي انعقد في بغداد منتصف أكتوبر الفائت بمشاركة أكثر من 140 شخصية نسوية من مختلف المحافظات العراقية.
وركّز البيان على أبرز التحديات التي تواجه النساء، وفي مقدمتها تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (1) لسنة 2025 الذي خلّف آثارًا سلبية في النساء والأطفال والاستقرار الأسري.
كما ناقش البيان دور الحركة النسوية في الانتخابات المقبلة، وفرص النساء في بناء نظام ديمقراطي يضمن الحقوق والحريات على أسس المساواة والعدالة الاجتماعية.
تضامن ورسائل دعم
وجّهت الشبكة خلال المؤتمر تحية تضامنية إلى نساء السودان واليمن وسوريا وليبيا، مشيدةً بنضالهن في مواجهة النزاعات المسلحة والمخططات التي تهدد وحدة بلدانهن.
وأدانت الشبكة في بيانها جميع أشكال القمع والانتهاكات التي تتعرض لها النساء في مناطق النزاع، مؤكدةً أن التضامن النسوي العابر للحدود يمثل ركيزة أساسية في مواجهة التراجع المتزايد عن مكتسبات المساواة وحقوق الإنسان في المنطقة.
وأكدت ممثلة مؤسسة فريدريش إيبرت، السيدة رشا راشد، أن التقرير الموازي لا يُعد مجرد وثيقة تقييم، بل هو منصة تدريبية وتعليمية تُسهم في بناء قدرات جيل جديد من الباحثين والباحثات في مجال حقوق المرأة.
وشددت راشد على أن المشروع يعزز التعاون بين التحالفات النسوية العراقية، في ظل التحديات المالية التي تواجه منظمات المجتمع المدني، داعيةً إلى الاستثمار في البحث العلمي بوصفه أداة فاعلة لدعم الحركة النسوية ومتابعة التزامات العراق الدولية.
تحذير من تراجع الحقوق
قدمت المديرة التنفيذية لشبكة النساء العراقيات أمل كباشي عرضًا تفصيليًا لمراحل إعداد التقرير الذي حمل عنوان "النساء العراقيات وخطر التراجع في الحقوق والمساواة والعدالة".
وأشار التقرير إلى أن الجهود الحكومية ما زالت غير كافية لمكافحة التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وأن العراق لم يستجب بعد للملاحظات الختامية للجنة سيداو الصادرة عامي 2014 و2019، خصوصًا فيما يتعلق بسحب التحفظات عن المواد 2 (و) و(ز) و16 من الاتفاقية، والمتعلقة بالمساواة في الزواج والأسرة والولاية القانونية للنساء.
وانتقد التقرير الموقف الرسمي من الاتفاقية، بعد أن اعتبر التقرير الحكومي الثامن بعض موادها "خطرًا على الأسرة الإسلامية"، ما أثار موجة من الجدل والقلق في الأوساط الحقوقية والنسوية.
تعزيز آليات الحماية
أوصى التقرير لجنة سيداو بحثّ الدولة العراقية على تبني الملاحظات الختامية السابقة وتسريع جهودها لسحب التحفظات، والمصادقة على البروتوكول الاختياري للاتفاقية، بما يضمن تعزيز آليات الحماية القانونية ورفع الوعي بمضامين سيداو على المستويين الرسمي والمجتمعي.
وأكدت المشاركات أن التزام العراق بالاتفاقية لا يعني المساس بالقيم المجتمعية أو الدينية، بل يعكس رغبة حقيقية في مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والمساواة.
واستعرضت رئيسة الفريق الوطني لإعداد التقرير هناء حمود الفقرات المرتبطة بقرار مجلس الأمن رقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن، ومدى توافق التشريعات العراقية مع اتفاقية سيداو.
وشمل التقرير تحليلًا دقيقًا لتعديلات قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وقوانين أخرى مثل قانون مكافحة البغاء، إضافة إلى ملفات حساسة كالعنف ضد النساء والفتيات، المشاركة السياسية، قضايا الأحوال الشخصية، أوضاع الناجيات من جرائم تنظيم داعش، وجرائم القتل بداعي الشرف.
كما ناقش التقرير دور السلطة التنفيذية والإدارة العامة، ومشاركة النساء في الحكومات المحلية وحكومة إقليم كردستان، إلى جانب العنف الاقتصادي واستقلالية القضاء والهيئات المستقلة.
تعزيز الضغط الحقوقي
اختُتم المؤتمر بجلسة نقاشية موسعة خُصصت لبحث سبل الترويج لتوصيات التقرير، وتقديم المقترحات المتعلقة بالملاحظات الختامية التي ستصدر عن لجنة سيداو بعد عرض التقرير في جنيف.
وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الضغط الحقوقي والمدني لضمان التزام العراق الكامل ببنود الاتفاقية، وحماية المكتسبات التي حققتها النساء خلال العقدين الماضيين.
وأكدت المشاركات أن تقرير الظل الثالث يمثل وثيقة توثيقية وشهادة سياسية في الوقت ذاته، تكشف واقع النساء العراقيات بين الأمل في التغيير والخشية من التراجع، وتؤكد أن النضال النسوي في العراق لا يزال مستمرًا رغم كل التحديات.










