بدون وثائق.. شبكات غامضة وراء رحلات تهجير فلسطينيين من غزة للخارج تكشفها صحف إسرائيلية

بدون وثائق.. شبكات غامضة وراء رحلات تهجير فلسطينيين من غزة للخارج تكشفها صحف إسرائيلية
النزوح الفلسطيني في غزة

كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية الأحد أن الجهة التي تقف خلف الرحلات الغامضة التي تقل فلسطينيين من قطاع غزة عبر مطار رامون ليست سوى جمعية يديرها شخص يحمل جنسية إسرائيلية وإستونية، وتبين أنها مجرد واجهة لشركة استشارات مسجلة في إستونيا.

ويأتي ذلك في حين تواصل سلطات جنوب إفريقيا التحقيق في ملابسات وصول عشرات الفلسطينيين الذين وصلوا إلى جوهانسبرغ عبر طائرة مستأجرة مروراً بكينيا وسط غموض يحيط بظروف سفرهم وعدم امتلاكهم وثائق رسمية.

تحقيقات جنوب إفريقيا

وأعلنت سلطات الحدود في جنوب إفريقيا أنها سمحت للمسافرين بالدخول بعد رفضهم في البداية لعدم استيفاء شروط الدخول، إلا أن الرئيس سيريل رامافوزا أكد أن أجهزة الاستخبارات تحقق في الجهة التي تقف وراء الطائرة المستأجرة التي حملت أكثر من مئة وخمسين فلسطينياً قادمين من غزة، وتأتي هذه التصريحات بعد تزايد الشكوك بشأن شبكة تنسق خروج هذه المجموعات وفق مسارات غير واضحة المصادر والتمويل.

آلية عمل الشبكة

التحقيق الصحفي أشار إلى أن الجمعية تعرض على الفلسطينيين دفع نحو ألفي دولار مقابل حجز مقعد على رحلات مستأجرة تتجه إلى دول بعيدة مثل إندونيسيا وماليزيا وجنوب إفريقيا، ورغم إعلانها أنها مؤسسة مسجلة في ألمانيا ولها مكاتب في القدس الشرقية، فإن الوثائق الفعلية تظهر أن التسجيل يتم عبر شركة استشارات في إستونيا، كما نقلت صحيفة "هآرتس" أن مديرية الهجرة الطوعية في وزارة الدفاع الإسرائيلية أحالت الأمر إلى منسق أعمال الحكومة في المناطق لتنسيق خروج المغادرين من القطاع.

دور مؤسسات أخرى

وأوضت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن منظمة تحمل اسم المجد تتخذ من القدس مقراً لها لعبت دوراً في تهجير أكثر من مئة وخمسين فلسطينياً، ورغم أنها تعرض نفسها بوصفها جهة تقدم المساعدة للمجتمعات المسلمة في مناطق النزاع، فإن موقعها الإلكتروني يفتقر إلى المعلومات الأساسية مثل أرقام الهواتف والعناوين ويعرض قائمة شركاء فارغة مع وعد بنشر التفاصيل لاحقاً.

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري إسرائيلي أن إسرائيل تولت مرافقة الحافلات التي أقلت المسافرين من نقطة تجمع داخل غزة إلى معبر كرم أبو سالم قبل نقلهم إلى مطار رامون في النقب حيث أقلعت الطائرة، وأثار هذا المسار المنظم قلق منظمات حقوقية حذرت من احتمال ارتباط هذه الرحلات بمخطط تهجير منظم للفلسطينيين من القطاع.

جدل حول التهجير

وصرح منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية غسان عليان أن خروج الفلسطينيين تم بعد حصول إسرائيل على إذن من دولة ثالثة لاستيعابهم دون الكشف عن اسمها، وتأتي هذه التطورات في ظل تقارير سابقة تحدثت عن بحث تل أبيب ترتيبات مع دول منها جنوب السودان لتهجير واستيعاب فلسطينيين من غزة، وتشير تقديرات يديعوت أحرونوت إلى أن نحو أربعين ألف فلسطيني غادروا القطاع منذ بدء الهجوم الإسرائيلي الواسع في أكتوبر عام 2023.

أعاد الكشف عن هذه الرحلات الجدل حول سياسات التهجير التي طُرحت مراراً داخل الحكومة الإسرائيلية منذ بداية الحرب على غزة، وكانت جنوب إفريقيا قد رفعت دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية أواخر عام 2023 تتهمها بارتكاب إبادة جماعية، وفي العاشر من أكتوبر دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ منهياً عاماً دامياً خلف عشرات آلاف الشهداء والجرحى وتدميراً شبه كامل للبنى التحتية في القطاع بخسائر أولية قدرت بعشرات المليارات، ووسط هذا الواقع الإنساني الصعب باتت أي تحركات متصلة بخروج الفلسطينيين من القطاع محل تدقيق دولي متزايد خشية أن تشكل غطاءً لعمليات تهجير قسري.

تحذيرات مسبقة من التهجير

وفي وقت سابق، شدد المتحدث باسم "الأونروا" على أن وكالته كانت قد حذرت في وقت مبكر من هذا السيناريو الذي يجري تنفيذه الآن على الأرض، والمتمثل في إحداث تغييرات ديموغرافية في القطاع، مؤكداً أن "الفلسطينيين يُجبرون على مغادرة مناطقهم الأصلية تحت ضغط الحاجة والجوع والعمليات العسكرية، دون توفير ضمانات للعودة، وهو ما يرقى إلى سياسة الترحيل القسري المحظورة بموجب القانون الدولي الإنساني".

كما وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوضع الإنساني في قطاع غزة بأنه "الأشد خطورة على الإطلاق"، منتقدًا بشدة خطط التهجير القسري التي تنوي إسرائيل تنفيذها بحق سكان القطاع.

وفي سياق الأزمة، كشف استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، ومقره رام الله، عن أن نحو 49% من سكان غزة باتوا مستعدين للتقدم بطلبات إلى إسرائيل لمساعدتهم على مغادرة القطاع، في مؤشر خطر على حجم اليأس والإحباط المتفشي في أوساط السكان، في المقابل، قال 50% من المشاركين إنهم غير مستعدين لمغادرة القطاع رغم المعاناة.

سلّطت نتائج الاستطلاع الذي شمل 1270 مشاركًا في الضفة الغربية وقطاع غزة الضوء على تدهور الأوضاع إلى حد غير مسبوق، فقد دمرت الحرب البنية التحتية، وتفشى الفقر، وتدهورت الخدمات الصحية والتعليمية، في حين تستمر أزمة المياه والكهرباء وتُمنع المساعدات من الدخول.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية