ارتفاع الأسعار يحاصر الموائد.. الشرائح الفقيرة في إيران تعاني تحت وطأة غياب الدعم

ارتفاع الأسعار يحاصر الموائد.. الشرائح الفقيرة في إيران تعاني تحت وطأة غياب الدعم
إحدى الأسر الفقيرة في إيران

تواجه الأسر الإيرانية تحدياً متزايداً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، في وقت تحذر فيه وزارة الصحة من صعوبة وصول الشرائح الفقيرة إلى السلع الضرورية، وتشير البيانات الأخيرة إلى أن أكثر من 438 ألف شخص تم حذفهم من قوائم مستحقي الدعم النقدي خلال شهر نوفمبر، ما يزيد المخاوف بشأن تعمق الفقر الغذائي في البلاد.

الوضع الغذائي للأسر

قال مدير مكتب تحسين تغذية المجتمع في وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي الإيراني أحمد إسماعيل زاده في تصريحات أوردتها “إيران إنترناشيونال” إن الارتفاع الحاد في أسعار الأغذية جعل وصول الأسر من الشريحة الأولى حتى الخامسة إلى المواد الغذائية الأساسية محدوداً وصعباً، وأضاف أن نحو 35 إلى 45 في المئة من الأسر تستهلك بعض المواد الغذائية مثل الخضراوات ومنتجات الألبان بكميات أقل من الحد الموصى به، نتيجة للزيادة المباشرة في الأسعار.

وأضاف إسماعيل زاده أن وزارة الصحة ليست مسؤولة عن ضبط الأسعار، داعياً الوزارات المعنية، ومنها وزارة الجهاد الزراعي ووزارة الصناعة والتعدين والتجارة، إلى مراقبة الأسواق وردع المخالفين لضمان توفير المواد الغذائية بأسعار مناسبة.

تفاقم الضغوط المعيشية

لا يقتصر القلق على نقص الغذاء فحسب، بل يشمل الأوضاع المعيشية العامة، فقد أشار مسؤولو النقابات العمالية إلى أن الحد الأدنى للأجور أصبح أقل بكثير من خط الفقر، وأن تكاليف المعيشة ارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة، وقال عضو المجلس الأعلى للعمل علي خدائي إن معدل تضخم المواد الغذائية بلغ 64 في المئة، وإن أجور العمال الحالية تكفي بالكاد لعشرة أيام من الشهر، ما يجعلهم غير قادرين على تغطية احتياجاتهم الأساسية.

دعوة لإعادة برامج الدعم الغذائي

أكد إسماعيل زاده ضرورة إعداد برامج دعم غذائي فعالة، ومنها تنفيذ البطاقات الإلكترونية للسلع، لتخفيف الضغوط عن الشرائح الأدنى دخلاً، وأوضح أن الوزارة ستقدم قائمة بالسلع الغذائية الأساسية ذات القيمة الغذائية، مثل الأرز الإيراني ومنتجات الألبان ومصادر البروتين، إلى وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي لتلبية احتياجات المواطنين.

وأشار إلى ارتفاع أسعار البروتينات، مؤكداً أن تناول وجبتين من اللحوم الحمراء أسبوعياً يعد ضرورياً، إلا أن الظروف الحالية تفرض الاعتماد على بدائل مثل الدجاج والسمك والبيض والبقوليات، مع التنويه إلى أن أسعار بعض البقوليات مثل الفاصوليا ارتفعت بشدة، وأن الوصول إلى المكسرات أصبح شبه مستحيل، وحذّر أيضاً من انخفاض استهلاك منتجات الألبان، مشيراً إلى أن المنتجات المحلية قد تكون مقبولة فقط عند غليها جيداً.

تأثير الفقر الغذائي في الأسر

أوضح الخبير في الاقتصاد الإيراني حسين راغفر أن 40 في المئة من الشعب الإيراني يعيشون في فقر مطلق، وأن نحو سبعة ملايين شخص يقبعون تحت خط الجوع ويعانون من سوء التغذية، ومع استمرار حذف المواطنين من قوائم الدعم، تزداد صعوبة حصول ذوي الدخل المنخفض على السلع الغذائية الأساسية، ما يؤدي إلى تقليص استهلاك اللحوم والألبان وتفاقم الفقر الغذائي.

ضغط جديد على موائد الأسر

ذكرت وكالة تسنيم أن 438 ألف شخص آخر تم حذفهم من قوائم الدعم النقدي في إيران خلال نوفمبر، مقارنة بشهر أكتوبر الذي شمل 42 مليوناً و313 ألفاً و39 شخصاً، وفي الوقت ذاته، صرف الدعم لشريحة واسعة تشمل نحو 41 مليوناً و874 ألفاً و817 شخصاً من الشرائح الرابعة حتى التاسعة، ما يعكس استمرار التفاوت الكبير بين الفئات المختلفة في المجتمع.

خطر استمرار السياسات الاقتصادية الحالية

يحذر الخبراء من أن استمرار هذا النهج سيزيد من صعوبة حصول الأسر على المواد الغذائية الأساسية، ويضع شرائح واسعة تحت ضغط دائم، مع احتمالية تفاقم تدهور الوضع الصحي والغذائي للأطفال وكبار السن على حد سواء، ويشيرون إلى أن السنوات الأخيرة شهدت إدارة اقتصادية متعثرة، أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر وتراجع القدرة الشرائية للأسر، فضلاً عن محدودية برامج الدعم الموجهة للفئات الأكثر ضعفاً.

يعاني الاقتصاد الإيراني من ارتفاع مستمر في أسعار المواد الغذائية الأساسية منذ عدة سنوات، نتيجة عوامل عدة تشمل التضخم وارتفاع تكاليف الإنتاج والقيود على الاستيراد، وتعاني الأسر من محدودية القدرة على الوصول إلى السلع الأساسية، ما ينعكس على تغذية الأطفال والحوامل وكبار السن بشكل خاص، ووفق تقارير رسمية وغير رسمية، فإن الفقر الغذائي يتزايد يوماً بعد يوم، مع ضعف كفاية برامج الدعم الاجتماعي، وارتفاع الأسعار بشكل يفوق القدرة الشرائية لمعظم الأسر، ويؤكد المختصون أن استمرار هذه الظروف من دون تدخل حكومي فعال سيؤدي إلى أزمات إنسانية متصاعدة تشمل سوء التغذية وتراجع الصحة العامة، بالإضافة إلى تصاعد الاحتياجات الأساسية للشرائح الفقيرة والمتوسطة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية