مفاوضات كوب30 تتعثر.. ضغوط أوروبية واصطفافات دولية تُهدد مخرجات المؤتمر

مفاوضات كوب30 تتعثر.. ضغوط أوروبية واصطفافات دولية تُهدد مخرجات المؤتمر
كوب 30 في البرازيل

دخلت المفاوضات في مؤتمر الأطراف الثلاثين للمناخ (كوب30)، المنعقد في مدينة بيليم داخل غابات الأمازون، مرحلة تمديد جديدة، اليوم السبت، وسط مخاوف جدية من انتهاء القمة دون اتفاق يعكس الحد الأدنى من التزام الدول بالانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، بعد أسبوعين شابتهما التوترات وتعطّل المسارات التفاوضية أكثر من مرة.

وكان من المفترض أن تختتم أعمال المؤتمر مساء أمس الجمعة، لكن فشل الوفود في تجاوز أبرز النقاط الخلافية دفع الرئاسة البرازيلية إلى تمديد الحوار ليومين إضافيين، في محاولة أخيرة للوصول إلى صيغة يمكن للدول الـ200 الموافقة عليها، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

ثلاث عقد رئيسية

وفق ما أفاد مندوبون ومراقبون لـ"فرانس برس"، تتركز المفاوضات الحالية على تعديلات طفيفة تتعلق بثلاث قضايا حساسة، هي:

مستوى الطموح في خفض استهلاك النفط والغاز والفحم.

حجم التعهدات المالية الجديدة للدول النامية.

الخلاف حول الضرائب الكربونية على الحدود، خصوصًا آلية الاتحاد الأوروبي (CBAM).

وبحسب مراقبين، فإن هذه القضايا التي تراكمت منذ قمم سابقة عادت لتفرض نفسها بقوة مع تباعد المواقف بين الدول الصناعية الكبرى والدول النامية.

ضغوط بلا نتائج

يبدي الاتحاد الأوروبي موقفًا أكثر تشددًا هذا العام، محذرًا من أن المؤتمر قد ينتهي بلا اتفاق، بعدما طرحت البرازيل مسودة لم تتضمّن أي ذكر صريح لـ"مصادر الطاقة الأحفورية" أو "خريطة طريق" زمنية للتخلي عنها، رغم أن الرئيس لولا دا سيلفا كان قد أعلن دعمه لها سابقًا.

وتعقد دول الاتحاد اجتماعات متواصلة منذ ليلة الجمعة، لكن وزيرة التحول البيئي الفرنسية مونيك باربو أكدت أن "الأمور لا تحرز أي تقدم حتى الآن"، فيما عبّر دبلوماسي أوروبي عن شعور "بالعزلة" داخل قاعة التفاوض، قائلاً إن الاتحاد يُصوَّر وكأنه "الطرف الشرير" في المحادثات.

وبحسب المندوب نفسه، تدرس بعض دول الاتحاد إمكانية انسحاب مشروط إذا اتجهت مسودة الاتفاق نحو تمييع الالتزامات المناخية.

معسكر رافض وغياب أمريكي

على الطرف المقابل، تتهم دول الاتحاد الأوروبي كلاً من روسيا والهند - إلى جانب عدة اقتصادات ناشئة - بعرقلة أي صيغة تدعو صراحة إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، سواء بشكل كامل أو جزئي.

وتستند هذه الدول إلى حجة أساسية مفادها أن الانتقال السريع سيضر بأنظمة الطاقة المحلية، ويهدد ملايين العاملين في قطاعات النفط والفحم، وهو ما عبّر عنه المبعوث الخاص لجنوب آسيا أرونابا غوش، قائلاً إن تصوير طرف ما بأنه "لا يكترث بالكوكب" يضر بروح المفاوضات ولا يعكس تعقيدات المرحلة الانتقالية التي تمر بها الدول النامية.

ويُعقد كوب30 هذا العام من دون مشاركة الولايات المتحدة، بعد أن قاطع الرئيس دونالد ترامب القمة، في خطوة أثارت تساؤلات حول مستقبل الالتزامات الأميركية تجاه المناخ، خصوصًا بعد عودة التوتر بين واشنطن والقوى الغربية حول ملفات اقتصادية وأمنية متعددة.

هذا الغياب وضع مسؤولية أكبر على الاتحاد الأوروبي، الذي يحاول الدفع نحو اتفاق قوي، مقابل دول ترى في غياب واشنطن فرصة لإعادة التفاوض على شروط أكثر مرونة.

الدعم المالي حجر عثرة

لم تكن مسألة التمويل بعيدة عن التجاذبات، إذ تطالب الدول النامية - ومن ضمنها دول جزرية مهددة بالغرق - بزيادة الدعم المالي لمواجهة آثار التغير المناخي من فيضانات وجفاف وعواصف.

لكن مسودة النص الأخيرة أسقطت الإشارة إلى مضاعفة التمويل ثلاث مرات بحلول 2030، كما رفض الاتحاد الأوروبي إدراج أي صياغة تتعلق بالتجارة، في ظل تمسكه بآلية تعديل الكربون على الحدود، التي ستُطبق بالكامل العام المقبل وتشمل الصلب والألمنيوم والأسمنت والأسمدة والكهرباء والهيدروجين.

وعلى الجانب الآخر، ترى الصين والهند أن هذه الآلية تمثل "حاجزًا تجاريًا مقنّعًا"، وتضغطان لإدراج نص صريح يرفض القيود التجارية المرتبطة بالكربون.

احتجاجات في الخارج

لم تخلُ أيام المؤتمر من الاضطرابات، إذ أغلق محتجون من السكّان الأصليين المداخل الرئيسية الأسبوع الماضي، كما تعطلت الجلسات نتيجة حريق داخل مقر الاجتماعات يوم الخميس، ما زاد من الضغوط اللوجستية والنفسية على الوفود.

ومع تصاعد حدة الانقسام بين دول تطالب بخارطة طريق واضحة للتخلص من الوقود الأحفوري وأخرى ترفض المسار أصلًا، يبقى مستقبل اتفاق كوب30 غير مضمون، وسط توقعات بليلة تفاوض طويلة قد تفضي إلى إما صيغة فضفاضة، أو فشل كامل في التوصل إلى اتفاق.

ويقول رئيس المؤتمر، الدبلوماسي البرازيلي أندريه كوريا دو لاغو، إن الذين يشككون في جدوى التعاون الدولي "سيكونون سعداء إذا فشلنا في التوصل إلى اتفاق"، في إشارة إلى ما يعتبره رهانًا على الانقسام هو الأخطر منذ سنوات.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية