بريطانيا تشدد سياسات اللجوء وسط جدل حول فعاليتها في ردع الهجرة غير النظامية

بريطانيا تشدد سياسات اللجوء وسط جدل حول فعاليتها في ردع الهجرة غير النظامية
الهجرة غير الشرعية - أرشيفية

أعلنت الحكومة البريطانية في الآونة الأخيرة سلسلة من الإجراءات الجديدة الهادفة إلى الحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين، عبر تقليص الامتيازات التي يحصل عليها طالبو اللجوء وتحويل وضعهم القانوني إلى صفة "مؤقتة". 

ووفق الإجراءات المعلنة، سيحصل اللاجئون على حماية لا تتجاوز 30 شهراً، مقارنة بخمس سنوات سابقًا، على أن يُعاد تقييم وضعهم بصورة دورية وفق أوضاع بلدانهم الأصلية.

وتتضمن الخطة الحكومية أيضًا إنهاء الالتزام بتوفير السكن والمخصصات المالية لجميع طالبي اللجوء، في محاولة لدفع القادرين منهم على العمل أو ذوي الموارد الخاصة لتحمّل جزء من نفقاتهم. 

وتشير البنود الجديدة إلى عدم منح حق لمّ الشمل تلقائيًا، وإتاحة إمكانية ترحيل العائلات التي رُفضت طلباتها، حتى وإن كان لديها أطفال قاصرون، ما أثار انتقادات واسعة من منظمات الدفاع عن المهاجرين.

تأثير غير واضح

رغم تشدد الإجراءات البريطانية، يرى خبراء الهجرة أن تأثير الإجراءات الجديدة في الحد من الهجرة غير النظامية ما زال غير واضح. 

ويقول ميهنا كويبوس المتخصص في شؤون الهجرة بجامعة أوكسفورد إن تقييم فعالية الخطة "مرتبط بآلية تنفيذها"، مشيرًا إلى أن اعتماد التجربة الدنماركية -التي نجحت في خفض طلبات اللجوء إلى أدنى مستوياتها خلال أربعة عقود- لا يضمن نتائج مماثلة في المملكة المتحدة، نظرًا لاختلاف الظروف والسياقات القانونية.

وتبرز عوامل أخرى قد تحدّ من تأثير السياسة الجديدة، منها الروابط العائلية الواسعة التي تجمع مهاجرين كثيرين بمجتمعات قائمة داخل بريطانيا، بالإضافة إلى اللغة التي تُعد عنصر جذب أساسياً. 

كما أسهم خروج لندن من الاتحاد الأوروبي في منعها من إعادة المهاجرين إلى دول الدخول الأولى، مثل إيطاليا واليونان، بموجب نظام دبلن، ما يزيد من العبء على النظام البريطاني.

في المقابل، تعد منظمات حقوقية أن الإجراءات الجديدة "غير واقعية وغير إنسانية"، إذ قد يكلف إعادة تقييم ملفات اللاجئين دوريًا نحو 872 مليون جنيه إسترليني على مدى عشر سنوات، بحسب تقديرات مجلس اللاجئين البريطاني.

الطعون واحتمالات التعطيل

لتقليل عدد الطعون القانونية، أعلنت وزيرة الداخلية شابانة محمود أن طالبي اللجوء سيُمنحون فرصة واحدة لتقديم الطلب وفرصة واحدة للاستئناف، مع إنشاء هيئة جديدة تضم "محكّمين" مستقلين لتسريع البت في القضايا بعيدًا عن المحاكم التقليدية.

غير أن خبراء القانون يحذرون من أن بعض البنود قد تواجه طعونًا واسعة، كما حدث في ملفات سابقة مثل خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، والاتفاق الأمني بين باريس ولندن، حين أوقفت المحاكم التنفيذ أكثر من مرة.

وتبرز إشكاليات قانونية إضافية، أبرزها احتمال تعارض ترحيل العائلات أو تقليص المساعدات مع الالتزامات الدولية لبريطانيا، وخاصة تلك المتعلقة بحماية الأطفال. 

فالمادة الثالثة من اتفاقية حقوق الطفل تنص على ضرورة مراعاة "المصلحة الفضلى للطفل" في أي قرار حكومي، ما قد يضع الحكومة البريطانية أمام تحديات قانونية إذا حاولت تطبيق الإجراءات دون استثناءات واضحة.

تطبيق الإصلاحات المنشودة

يرى سياسيون يمينيون أن التقيّد بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، يمثل معوقًا حقيقيًا أمام تطبيق إصلاحات مشددة في سياسة الهجرة. 

وتؤكد زعيمة المعارضة المحافظة كيمي بادنوك، وكذلك السياسي زياد يوسف من حزب "الإصلاح البريطاني"، أن استمرار عضوية المملكة المتحدة في تلك الاتفاقية "يقيّد قدرة الحكومة على مواجهة الهجرة غير النظامية".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية