في يوم مناهضة العنف.. عرض نسائي يكشف معاناة المرأة الأفغانية تحت حكم طالبان

في يوم مناهضة العنف.. عرض نسائي يكشف معاناة المرأة الأفغانية تحت حكم طالبان
جانب من العرض المسرحي للنساء الأفغانيات

في يوم عالمي يفترض أن يُسمع فيه صوت النساء حول العالم، اختارت حركة “فانوس الحرية للنساء الأفغانيات” أن تفتح نافذة جديدة على واقع يخنق الملايين من النساء في البلاد، حيث قدمت بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، عرضاً مسرحياً حمل طابعاً رمزياً ووجدانياً، في محاولة لنقل ما تصفه بالكارثة الإنسانية المتفاقمة التي تطول النساء والفتيات منذ سيطرة طالبان على الحكم، وقد اعتبرت الحركة أن ما تتعرض له المرأة في أفغانستان يرتقي إلى مستوى الفصل الجنسي وجريمة ضد الإنسانية.

وبحسب ما أورده موقع قناة "أفغانستان إنترناشيونال" الثلاثاء، أكدت الحركة في رسالة موجهة للمجتمع الدولي أن الصمت تجاه ما يحدث لم يعد مقبولاً، مشددة على أن استمرار هذه الانتهاكات يفرض على العالم تحمل مسؤوليته الأخلاقية. 

وجاء العرض المسرحي متزامناً مع الخامس والعشرين من نوفمبر، وهو اليوم الذي خصصته الأمم المتحدة لرفع الوعي العالمي بالعنف ضد النساء، إلا أن مشاهد العرض أعادت التأكيد أن ما تعانيه النساء الأفغانيات يتجاوز حدود التوعية إلى حدود الاستغاثة، وأوضحت الحركة في بيانها أن الحرمان من التعليم والمنع من العمل والتعنيف المنهجي والتمييز الهيكلي لم تعد أحداثاً متفرقة، بل تحولت إلى جزء ثابت من الحياة اليومية.

قيد يشتد كل يوم

تصف منظمات حقوقية عدة أفغانستان بأنها واحدة من أسوأ البيئات على مستوى العالم بالنسبة للنساء، وهي توصيفات تعززها شهادات ميدانية وتقارير إنسانية، فمع عودة حركة طالبان إلى الحكم، توسعت القيود المفروضة على حرية المرأة، بدءاً من حظر التعليم الثانوي والجامعي، وصولاً إلى منع العمل في معظم القطاعات، وفرض قيود على الحركة والتنقل وفرض نمط حياة قسري يعوق حضور المرأة في المجال العام.

ولا يقتصر الحديث عن العنف على الجانب الوصفي، فالإحصاءات الدولية تؤكد حجم الظاهرة وخطورتها، فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في العام الماضي أن واحدة من كل ثلاث نساء وفتيات تتعرض للعنف الجسدي أو الجنسي خلال حياتها، وهي نسب تعكس واقعاً قاتماً يتشابك فيه العنف الأسري والعنف المجتمعي والعنف السياسي في ظل غياب منظومة حماية قانونية فعالة.

وتحاول حركة فانوس الحرية، عبر الفن والرسائل العلنية، الدفاع عن حق النساء في الوجود قبل أن يكون الحديث عن الحقوق، فالعرض المسرحي الذي قدمته لم يكن مجرد أداء فني، بل شكل محاولة لإعادة امتلاك مساحة رمزية في بلد تسعى السلطة فيه إلى إخفاء النساء خلف الجدران وإخراجهن من المجال العام، ويشير ناشطون إلى أن هذا النوع من الفعاليات التي تعتمد على الإبداع والتمثيل يكتسب أهمية خاصة في بيئة تمنع فيها أي مظاهر احتجاج علني أو تظاهر حر.

الأمل في إعادة بناء الصوت

رغم الإغلاق شبه التام للمجال المدني داخل أفغانستان، تستمر مجموعات نسائية في البحث عن طرق بديلة لإيصال أصواتهن إلى الخارج، ويؤكد الباحثون في قضايا النوع الاجتماعي أن المقاومة النسائية الأفغانية لم تنقطع، بل تحولت من الشوارع إلى الفنون والوسائط الرقمية والشبكات العابرة للحدود، وهذا ما ظهر جلياً في الرسالة التي أرادت الحركة إيصالها للعالم بأن النساء في أفغانستان ما زلن قادرات على التعبير والمطالبة رغم كل أدوات القمع.

يعد اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة مناسبة سنوية أطلقتها الأمم المتحدة بهدف تسليط الضوء على مختلف أشكال العنف التي تتعرض لها النساء، ومنها العنف الأسري والجنسي والاقتصادي والسياسي، ويأتي هذا اليوم ضمن حملة دولية تمتد لستة عشر يوماً للضغط من أجل تشريعات أكثر فعالية وتعزيز منظومات الحماية والدعم.

وفي السياق الأفغاني، تصاعدت الانتهاكات بحق النساء منذ أغسطس 2021، بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة، حيث فرضت قيود واسعة على التعليم والعمل والمشاركة العامة، وأُغلقت معظم المؤسسات التي كانت تقدم خدمات دعم أو حماية قانونية للنساء، كما تراجعت قدرة المنظمات الإنسانية على تنفيذ برامجها بسبب القيود المفروضة على الموظفات، وهو ما جعل أفغانستان واحدة من أكثر الدول التي تواجه تحديات خطيرة في مجال حقوق المرأة على مستوى العالم.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية