اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.. أصوات النساء بين التهديد والتمكين الرقمي

يحتفى به 25 نوفمبر من كل عام

اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة.. أصوات النساء بين التهديد والتمكين الرقمي
مكافحة العنف ضد المرأة

أعلنت الأمم المتحدة في عام 1999 عن اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ليصبح مناسبة سنوية تحتفل بها المجتمعات والدول في 25 نوفمبر، تخليداً لذكرى الأخوات ميرابال الثلاث في جمهورية الدومينيكان اللواتي اغتيلن في 25 نوفمبر 1960 بأوامر النظام الدكتاتوري آنذاك بسبب نشاطهن السياسي ومعارضتهن للاستبداد، وقد أصبحت الأخوات رمزاً للمقاومة والشجاعة، وتم الاحتفاء بهن عالمياً كأيقونة للنضال ضد العنف الموجه للنساء والفتيات.

وتركز حملة هذا العام (2025) على العنف الرقمي ضد النساء والفتيات، باعتباره شكلاً متصاعداً من الانتهاكات الحقوقية التي تهدد قدرة النساء على ممارسة حقوقهن بحرية، ووفق الأمم المتحدة، فإن العنف الرقمي يشمل الاعتداءات على الصور ومشاركتها بدون موافقة، التنمّر الإلكتروني والتحرش والتهديدات، والصور والفيديوهات المعدلة رقميًا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى خطاب الكراهية، والمعلومات المضللة، والاستدراج عبر الإنترنت، وانتحال الهوية، وحتى الاستغلال الجنسي الرقمي.

وأكدت الهيئة أن هذه الأفعال غالبًا ما تتحول إلى عنف مادي، وتترك آثاراً مستمرة على الضحايا، خاصة اللواتي يملكن حضوراً عاماً أو رقميًا بارزاً، مثل الناشطات والصحفيات والسياسيات والمدافعات عن حقوق الإنسان.

أرقام صادمة

أظهرت بيانات الأمم المتحدة أن 38% من النساء حول العالم تعرضن للعنف الرقمي، بينما شهد 85% منهن أعمال عنف رقمية موجهة إلى أخريات.

وأفادت نسبة كبيرة من النساء والفتيات بأن أساليب التضليل والتشهير هي أكثر الأشكال انتشاراً، حيث ذكرت 67% منهن أنهن تعرضن لها بشكل مباشر.

كما أوضحت أن 90 إلى 95% من المقاطع العميقة المنشورة بدون موافقة هي صور إباحية، ويظهر نحو 90% منها نساء، في حين أفادت 73% من الصحفيات بتعرضهن لعنف رقمي على منصات التواصل الاجتماعي.

ومن اللافت أن أقل من 40% من الدول لديها تشريعات تحمي النساء من التحرش والملاحقة الرقمية، ما يترك 1.8 مليار امرأة وفتاة بلا حماية قانونية.

16 يومًا من النشاط

وتأتي الحملة العالمية ضمن إطار 16 يومًا من النشاط الذي يمتد من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بهدف تعبئة جميع أفراد المجتمع لمواجهة هذه الانتهاكات.

وتطالب الأمم المتحدة الحكومات بسن قوانين صارمة تجرم العنف الرقمي، وشركات التكنولوجيا بضمان سلامة المنصات وحذف المحتوى الضار، والجهات المانحة بتوفير التمويل اللازم للمنظمات النسوية لدعم النساء والفتيات، مع دعوة الأفراد للانخراط ورفع أصواتهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والمبادرات المحلية.

وركزت الهيئة على أن العنف الرقمي ليس مجرد إساءة على الإنترنت، بل هو انتهاك مباشر لحقوق الإنسان وتهديد فعلي للسلامة الجسدية والنفسية للنساء والفتيات.

وتُسلط الحملة الضوء على أهمية الاعتراف بالعنف الرقمي كجريمة حقيقية، وإدراجه ضمن السياسات الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة، مع توفير دعم شامل للضحايا، بما في ذلك الدعم النفسي والقانوني.

وتبرز التحديات التي تواجه النساء في هذا المجال، بدءًا من ضعف القوانين في بعض الدول، وإفلات مرتكبي العنف الرقمي من العقاب، إلى محدودية الدعم للضحايا، وسرعة تطور التكنولوجيا التي تتيح إنشاء صور وفيديوهات مزيفة لأغراض التحرش والإساءة، بالإضافة إلى تأثير العنف الرقمي بشكل متزايد على النساء اللاتي يواجهن تمييزًا متداخلًا على أساس العرق أو الإعاقة أو الهوية الجنسية أو التوجه الجنسي.

ويؤكد الخبراء أن اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو منصة استراتيجية لتعزيز العدالة والمساءلة، وتسليط الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها النساء والفتيات في كل مكان.

التوعية والدعم المالي

يرى ناشطون أن المشاركة الفردية في الحملة، من خلال التوعية والدعم المالي والمساهمة في أنشطة المناصرة، تلعب دورًا رئيسيًا في حماية النساء ومناهضة العنف الرقمي. وفي الوقت نفسه، تساهم هذه الحملة في رفع وعي المجتمع حول خطورة الانتهاكات الرقمية، وربطها بالعنف الواقعي، مما يضع النساء والفتيات في مقدمة الحقوق المحمية عالميًا.

ويحذر المعنيون بأن العنف الرقمي يتفاقم في ظل غياب التشريعات المناسبة، وإفلات المنصات الرقمية من المساءلة، وظهور أنماط جديدة من التحرش، مع محدودية الدعم المتاح للضحايا.

وفي هذا السياق، تؤكد الأمم المتحدة أن معالجة هذه الأزمة تتطلب تحركًا مشتركًا من الحكومات والمؤسسات والشركات التقنية والمجتمع المدني والأفراد لضمان عالم رقمي وآمن للنساء والفتيات، يكون فيه الدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة العنف واجبًا جماعيًا لا يمكن التهاون فيه.

ويمثل اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 2025، من خلال تركيزه على العنف الرقمي، استدعاءً للحقوق والحماية القانونية في عصر المعلومات، ويوجه رسالة قوية مفادها أن الأدوات الرقمية لا يمكن أن تكون وسيلة لتكميم أصوات النساء أو الإضرار بهن، بل يجب أن تصبح منابر للتمكين والمساواة.

ويؤكد هذا اليوم أن تمكين النساء والفتيات في الفضاء الرقمي والواقعي على حد سواء، والعمل على توفير بيئة آمنة ومستدامة لهن، هو التزام حقوقي عالمي لا يمكن تجاهله.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية