من الأخوات ميرابال إلى "مي تو".. محطات عالمية في تاريخ النضال النسوي

من الأخوات ميرابال إلى "مي تو".. محطات عالمية في تاريخ النضال النسوي
حملة "مي تو" - أرشيف

يكشف اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد النساء الذي يحتفى به في 25 نوفمبر من كل عام، العمق التاريخي للعنف الموجّه ضد النساء بوصفه ظاهرة متجذرة في بنية المجتمعات الإنسانية، لا مجرد سلوك فردي أو انحراف عابر. 

ويظهر ذلك اليوم الذي تحوّل إلى محطة عالمية لمساءلة النظام الأبوي، كيف تشكلت أنماط التمييز والعنف عبر القرون، وكيف ما زالت آثارها تُعيد إنتاج نفسها في المجتمعات الحديثة رغم تطور القوانين والمؤسسات، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء المرأة، اليوم الخميس.

ويوضح الخبراء أن جريمة اغتيال الأخوات ميرابال في ستينيات القرن الماضي على يد عنف الدولة كانت لحظة كاشفة لطبيعة النظام السياسي الأبوي الذي لا يتجسد فقط في العادات والتقاليد، بل أيضاً في البنى القانونية والمؤسساتية التي تشرعن العنف وتعزّز تمييزاً ممتداً في التاريخ الإنساني.

حملة "MeToo" 

تُبرز حملة "MeToo" العالمية التي انطلقت عام 2007 قبل أن تتحول إلى موجة كاسحة سنة 2017، كيفية توحيد التجارب النسائية في مختلف دول العالم لكشف الاعتداءات الجنسية والعنف المتخفي خلف السلطة والمكانة الاجتماعية. 

ومن خلال الآلاف من شهادات النساء، تكشف الحملة حجم الانتهاكات في مجالات الفن والإعلام والجامعات، ما أتاح التعرف على بنية ثقافية معقدة يُعاد فيها إنتاج العنف بطرق متنوعة، بعضها غير مرئي للمجتمع.

ويؤكد ناشطون حقوقيون أن "MeToo" أسست لخطوة أولى في مسار طويل، لكنها لا تُقدّم نموذجاً مجتمعياً متكاملاً لما يجب أن تكون عليه البدائل، فالحملة ركزت على الفضح، في حين تتحرك الحركات النسوية في العالم والشرق الأوسط نحو بناء مؤسسات وقواعد اجتماعية جديدة تتجاوز مجرد كشف الانتهاكات.

معارك متعددة المستويات

تخوض الحركات النسوية في المنطقة معارك متعددة المستويات، تتجاوز الاحتجاجات والشعارات إلى بناء مؤسسات مدنية بديلة، فقد تُنشئ مجموعات نسائية مجالس محلية، مبادرات للحماية الذاتية، أنظمة للرئاسة المشتركة، وأكاديميات نسائية لتدريب الفتيات، في محاولة لإرساء نموذج يختلف عن البنية الذكورية التي حكمت المجتمعات لقرون.

تقدّم هذه الحركات، من خلال تجاربها الواقعية، إجابات ملموسة عن سؤال “كيف يمكن التغيير؟” إذ تعمل على فرض معايير جديدة في الإدارة، والقيادة، وصناعة القرار، ما يفتح الباب أمام تحول اجتماعي أعمق من مجرد تعديل قوانين أو إطلاق حملات توعية.

وتُظهر الدراسات الحديثة أن الحقول الفنية في المنطقة شهدت تحولات كبيرة بسبب دخول النساء بقوة إلى السينما، المسرح، الأدب، والفنون الأدائية، هذه المشاركة تكسر النموذج الجمالي التقليدي الذي كان يحصر جسد المرأة في خانة العرض، وتُقدّم بدائل جمالية تعكس استقلاليتها وتجربتها وتاريخها.

تعيد الفنانات اليوم إنتاج لغة فنية جديدة قوامها المسؤولية الأخلاقية، الوعي الاجتماعي، والعمل الجماعي، وهو ما يُعد جزءاً من عملية إعادة تشكيل الوعي الجمالي بعيداً عن سيطرة المنظور الأبوي.

نموذج اجتماعي جديد

يخلص خبراء قضايا النوع الاجتماعي إلى أن القضاء على العنف لا يتحقق عبر الإجراءات القانونية فقط، بل عبر إعادة تأسيس المجتمع على رؤية تضع حرية المرأة مبدأً مركزياً في العلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. 

ومن هذا المنطلق، يُعدّ الخامس والعشرون من تشرين الثاني/نوفمبر يوماً للانطلاق نحو أفق أوسع، حيث تتحول حرية المرأة إلى حجر أساس في بناء مجتمع أكثر عدلاً ومساواة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية