بعد هجوم واشنطن.. قلق متصاعد بين اللاجئين الأفغان في الولايات المتحدة
بعد هجوم واشنطن.. قلق متصاعد بين اللاجئين الأفغان في الولايات المتحدة
أثار حادث إطلاق النار الذي استهدف اثنين من جنود الحرس الوطني في العاصمة الأمريكية واشنطن هذا الأسبوع، وأدى إلى مقتل أحدهما، مخاوف واسعة داخل أوساط اللاجئين الأفغان والجماعات الحقوقية التي تخشى من موجة ردود فعل عنيفة قد تطول مجتمعات فرّت من العنف طلبًا للأمان في الولايات المتحدة.
وأعلنت السلطات الأمريكية أن مطلق النار هو لاجئ أفغاني يدعى رحمان الله لاكانوال، يبلغ من العمر 29 عامًا، بحسب ما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس"، اليوم السبت.
وتقول جماعات مساعدة اللاجئين إن مئات الأفغان المقيمين في الولايات المتحدة يعيشون حالة من التوتر والقلق، خشية أن تتسبب الحادثة في ملاحقتهم أو تعرضهم لخطاب الكراهية، خصوصًا مع تصاعد الخطاب السياسي المتشدد تجاه المهاجرين.
تزايد مشاعر الكراهية
قال شون فاندايفر، رئيس مجموعة #AfghanEvac في سان دييغو، وهي إحدى كبرى المبادرات التي ساعدت في إعادة توطين الأفغان الذين خدموا إلى جانب القوات الأمريكية خلال الحرب: "إنهم مرعوبون.. يتصرف الناس بكراهية الأجانب بسبب رجل واحد مختل عقليًا.. إنه لا يمثل جميع الأفغان، بل يمثل نفسه فقط".
ويؤكد العاملون في منظمات إعادة التوطين أن العديد من اللاجئين باتوا يخشون مغادرة منازلهم خوفًا من اعتقال تعسفي أو مواجهة اعتداءات لفظية أو جسدية، في ظل صعود خطاب سياسي يعد اللاجئين تهديدًا أمنيًا محتملًا.
وفق السلطات، قاد لاكانوال سيارته من بيلينجهام في ولاية واشنطن إلى العاصمة واشنطن، حيث أطلق النار على جنديين من الحرس الوطني لولاية فرجينيا الغربية المنتشرين في العاصمة ضمن مهام أمنية.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الخميس، وفاة الجندية سارة بيكستروم (20 عامًا) متأثرة بجراحها، في حين لا يزال الجندي أندرو وولف (24 عامًا) يرقد في المستشفى في حالة حرجة.
ويقول مسؤولون ومصادر مطلعة إن لاكانوال كان قد خدم سابقًا في وحدة أفغانية خاصة مدعومة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة ويحصل على حق اللجوء بعد تدقيق أمني شامل.
تصريحات تزيد التوتر
بعد الحادث، أعلن الرئيس ترامب أن إدارته ستراجع ملفات كل من دخل الولايات المتحدة خلال فترة حكم الرئيس السابق جو بايدن، في خطوة يرى خبراء الهجرة أنها قد تزيد المخاوف داخل المجتمعات المهاجرة، وخصوصًا اللاجئين الأفغان الذين وصل كثير منهم بعد سقوط الحكومة الأفغانية عام 2021.
وتخشى منظمات الهجرة من أن يؤدي هذا الخطاب إلى تحميل مجتمع كامل مسؤولية فعل فردي، وهو ما يتعارض مع القواعد الأساسية في حقوق الإنسان ومعايير العدالة.
وقال السفير أشرف حيدري، رئيس منظمة "ديسبلسيد إنترناشونال" الداعمة للنازحين حول العالم، إن التحقيق يجب أن يكون شاملًا ونزيهًا، لكنه أكد ضرورة عدم استخدام الحادث ذريعة لاستهداف مجتمعات بأكملها.
وأضاف: "لا يمكن السماح لأفعال شخص واحد أن تُثقل كاهل مجتمعات كاملة لم يكن لها أي دور في هذه المأساة".
من جانبه، شدد ماثيو سورينز، نائب رئيس منظمة "وورلد ريليف"، على أن المسؤولية يجب أن تبقى فردية وليست جماعية، قائلًا: "بغض النظر عن جنسية الجاني أو دينه أو وضعه القانوني، يجب أن يحاكم وفق القانون، ولا يجوز إصدار أحكام عامة تطول الآخرين فقط لأنهم يشتركون معه في السمات".
مجتمع هش وضغط متصاعد
منذ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان عام 2021، أعيد توطين أكثر من 90 ألف أفغاني في الولايات المتحدة، معظمهم من الذين عملوا مع الحكومة الأمريكية أو القوات الدولية.
وقد واجه هؤلاء صعوبات في الاندماج، منها: تهديدات من جماعات اليمين المتطرف، حملات سياسية تستغل ملف الهجرة، تأخير في الحصول على الإقامة الدائمة وصدمات نفسية حادة بسبب الحرب والتهجير.
ويخشى مسؤولون في منظمات الإغاثة أن يتحول الحادث الأخير إلى نقطة تصعيد جديدة تُضاعف شعور اللاجئين بالعزلة والخطر.
وبين الدعوات إلى تحقيق عادل وضبط النفس، وبين تصاعد خطاب سياسي مُحمّل بالتوتر، تجد الولايات المتحدة نفسها أمام اختبار جديد: كيف يمكن ضمان الأمن دون التضحية بحقوق ملايين اللاجئين والمهاجرين الذين اختاروا هذا البلد ملاذًا لهم؟
ومع بقاء التحقيقات جارية، تبقى المخاوف الإنسانية في صدارة المشهد، وسط نداءات ملحّة لعدم إعادة إنتاج نماذج التمييز الجماعي التي تكررت في فترات تاريخية مختلفة داخل الولايات المتحدة.










