جراء التصعيد الإسرائيلي.. 4 آلاف أسرة في جنين تواجه فقدان المأوى وغياب الخدمات

جراء التصعيد الإسرائيلي.. 4 آلاف أسرة في جنين تواجه فقدان المأوى وغياب الخدمات
قوات إسرائيلية في الضفة

تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية على جنين ومخيمها بالضفة الغربية لليوم الخامس عشر على التوالي، في مشهد يومي تتداخل فيه أصوات الهدم مع نداءات الإغاثة ورائحة الدخان الصاعد من الأحياء التي تتعرض للقصف والتجريف، ومع اتساع رقعة الاستهداف، تتعمق معاناة الآلاف من الأهالي الذين يعيشون تحت حصار طويل واعتداءات متواصلة تحرمهم من الأمن والسكن والاستقرار.

ويشير بيان اللجنة الإعلامية لمخيم جنين، الصادر اليوم الاثنين، بحسب ما أوردته وكالة أنباء صفا، إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي وزعت إخطارات جديدة بهدم منازل في بلدة سيلة الظهر جنوب جنين، وأجبرت عدداً من الأهالي على إخلاء منازلهم في حي الجابريات المحاذي للمخيم، ويأتي هذا التطور في إطار عمليات واسعة لتجريف الأحياء والبنية السكنية، حيث شرعت القوات في هدم أربعة وعشرين مبنى سكنياً إضافياً داخل المخيم، بعد أن كانت قد دمرت أكثر من 700 منزل ومنشأة بشكل كلي أو جزئي خلال الأشهر الماضية.

دفعت هذه الاعتداءات آلاف العائلات إلى النزوح القسري، إذ بلغ عدد الأسر المهجرة منذ بدء العدوان 4 آلاف أسرة، وجميعها تواجه ظروفاً إنسانية قاسية من فقدان المأوى وغياب الخدمات الأساسية وصعوبة الوصول إلى الاحتياجات اليومية، وتؤكد المصادر المحلية أن المخيم بات يواجه أزمة معيشية خانقة، تتفاقم مع استمرار الحصار وتعطل الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

مداهمات واعتقالات

لا يقتصر المشهد في جنين على الهدم فقط، بل يمتد إلى حملات مداهمة يومية في البلدات المحيطة، يتخللها اقتحام البيوت وتفتيشها وتخريب ممتلكات المواطنين، وتشير اللجنة الإعلامية إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي اعتقلت شاباً من بلدة قباطية جنوب جنين، واحتجزت آخرين للتحقيق الميداني، كما تخضع بلدة يعبد لعدوان مستمر منذ نحو أربعة وعشرين يوماً، حيث تتمركز القوات الإسرائيلية في ثكنة داخل البلدة وتستولي على منازل، في محاولة لبسط سيطرة عسكرية متواصلة.

امتد التصعيد إلى قرى وبلدات أخرى، حيث شنت القوات حملة مداهمات في بير الباشا جنوب جنين، تخللها تفتيش منازل وترويع السكان، كما أطلقت قنابل الغاز والصوت خلال اقتحام بلدة السيلة الحارثية غرب المحافظة، ما أدى إلى إصابات بحالات اختناق وزيادة في حالة الهلع بين الأطفال والنساء.

على وقع هذه التطورات، يعيش سكان جنين ومخيمها حالة إنهاك جماعي، تُظهرها الشوارع المدمرة والبيوت غير الصالحة للسكن والمحال التجارية المغلقة، كل بيت مهدم يحمل قصة عائلة فقدت الأمان، وكل شارع محاصر يعكس مساراً طويلاً من الحصار والضغط اليومي، وحتى الذين لم تُهدم بيوتهم بعد يعيشون حالة خوف دائم من أن تكون منازلهم التالية على قائمة الاستهداف.

أثر اجتماعي ونفسي ممتد

تترك هذه الاعتداءات آثاراً عميقة على النسيج الاجتماعي للمخيم والمحافظة، إذ يواجه الأطفال صدمات متكررة، وتعاني الأسر من فقدان مصادر الرزق، في حين تتراجع قدرة المؤسسات المحلية على توفير الخدمات الأساسية، والأزمة لا تتوقف عند حدود الدمار المرئي، بل تتسع لتشمل تدهوراً في الصحة النفسية وارتفاعاً في معدلات البطالة وتعطل التعليم نتيجة عدم الاستقرار الأمني.

ومنذ أشهر طويلة، تتعامل القوات الإسرائيلية مع جنين بوصفها منطقة عمليات مفتوحة، ما أدى إلى تغييرات جذرية في طبيعة الحياة هناك، وتتكرر عمليات الاقتحام ليلاً ونهاراً، ويجري خلالها استخدام آليات ثقيلة، وتدمير طرق ومحولات كهرباء وشبكات مياه وصرف صحي، في ظل غياب أي أفق لانتهاء هذه العمليات أو تخفيف حدتها.

يؤكد مراقبون ميدانيون أن استمرار الهدم بوتيرة مرتفعة في المخيم قد يقود إلى موجة نزوح إضافية، نظراً للدمار الكبير الذي يطول البنية السكنية وعدم قدرة العائلات على العودة إلى بيوتها، ومع محدودية مراكز الإيواء وارتفاع أسعار الإيجارات، تزداد الفجوة بين احتياجات الأهالي وإمكانات الدعم المتاحة.

عمليات عسكرية متكررة

تعرض مخيم جنين الذي يعد من أكبر مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية، لعمليات عسكرية متكررة خلال السنوات الماضية، وازدادت حدتها منذ منتصف عام 2023 مع توسع الاجتياحات البرية واستخدام سياسة الهدم الممنهج، ويقطن المخيم آلاف الفلسطينيين الذين نزحت عائلاتهم الأصلية إثر نكبة عام 1948.

ويعد المخيم اليوم أحد أكثر المناطق استهدافاً في الضفة الغربية، حيث تتكرر الاقتحامات العسكرية وتتصاعد عمليات الاعتقال والهدم وتقييد الحركة، ما أدى إلى تدهور واسع في البنية التحتية والحياة الاقتصادية والاجتماعية. كما تشير منظمات حقوقية إلى أن سياسات الهدم والنزوح القسري في جنين تندرج ضمن أنماط متكررة من العقاب الجماعي الذي تحظره القوانين الدولية.

ومنذ بدء الحرب على غزة يواصل الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم وتصعيدهم في الضفة الغربية، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 1085 فلسطينيًا، وإصابة قرابة 11 ألفًا، واعتقال ما يزيد على 21 ألفاً آخرين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية