الفيفا وحقوق اللاجئين.. اعتقال مهاجر مع أطفاله يثير مخاوف حقوقية قبل كأس العالم 2026

أثار حادث اعتقال رجل مهاجر مع أطفاله قبل نهائي كأس العالم للأندية لكرة القدم في يوليو 2025 تساؤلات جدية حول سلامة غير المواطنين الذين يخططون لحضور كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة، وجاءت الواقعة لتكشف التحديات الحقوقية العميقة المرتبطة بسياسات الهجرة الأمريكية، وخاصة في ما يتعلق بطالبي اللجوء والأسر التي تسعى لحضور الأحداث الرياضية الكبرى.

الاعتقال وإجراءات الترحيل

في صباح يوم المباراة النهائية بين تشيلسي وباريس سان جيرمان، كان الرجل، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، مع طفليه البالغين من العمر عشرة وأربعة عشر عاماً، يقف في موقف سيارات أميريكان دريم مول قرب ملعب متلايف انتظاراً لبداية المباراة، كان هدف الأب بسيطاً وعاطفياً، وهو التقاط صورة تذكارية باستخدام مسيّرة صغيرة، إلا أن حادثة تعطّل المسيّرة قادت إلى استجوابه واعتقاله بشكل مفاجئ، بدلاً من أن ينال مخالفة مدنية بسيطة كما كان متوقعاً بحسب ما أوردته "هيومن رايتس ووتش" الجمعة.

بعد استجواب الرجل، أُحيل مباشرة إلى جهاز الهجرة والجمارك الأمريكية، حيث احتُجز وبدأت إجراءات ترحيله، استمر احتجازه ثلاثة أشهر، خلال فترة تخللتها صعوبات نفسية هائلة له ولأطفاله الذين شاهدوا والدهم يُبعد عنهم فجأة، وكان الرجل وعائلته قد فرّوا من بلدهم الأصلي عام 2022 بعد تعرضهم لتهديدات جماعات مسلحة، وكانوا يسعون للحصول على حماية عبر طلب اللجوء، لكن إدارة ترامب لا تسمح عادة بالإفراج عن طالبي اللجوء حتى في حال قدرتهم على دفع كفالة، مما يزيد من صعوبة الوجود القانوني لهم خلال إجراءات الترحيل.

ردود منظمات حقوق الإنسان

أعربت هيومن رايتس ووتش عن قلقها العميق إزاء هذا الحادث، معتبرة أنه يسلط الضوء على المخاطر التي قد تواجه غير المواطنين خلال فعاليات الفيفا الكبرى، وقالت مينكي ووردن، مديرة المبادرات العالمية في المنظمة، إن السياسات الأمريكية المشددة بشأن الهجرة قد تؤدي إلى تمزيق الأسر وتعريض الأشخاص الفارين من الاضطهاد لخطر يهدد حياتهم، حتى عندما يكون هدفهم حضور حدث رياضي عائلي.

جهود الفيفا والقيود الحالية

سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أرسلت رسالة إلى الفيفا في مايو 2025 لتوضيح المخاطر التي تخلقها سياسات الهجرة الأمريكية وتأثيرها على كأس العالم 2026 وكأس العالم للأندية 2025، وردت الفيفا في يونيو بأنها تعمل مع السلطات لضمان قدرة جميع المشاركين المؤهلين على دخول البلاد، إلا أن الحادثة الأخيرة أظهرت محدودية هذه الجهود في معالجة المخاطر الحقوقية الفعلية التي يواجهها الزوار غير المواطنين، خاصة في ظل إجراءات فرض القانون الصارمة أثناء الأحداث الكبرى.

التداعيات النفسية والاجتماعية

قال الرجل بعد الإفراج عنه إن التجربة أثرت عليه نفسياً بشكل عميق، مؤكداً شعوره باليأس خلال احتجازه الطويل، وأوضح أن الأطفال شاهدوا والدهم يُبعد عنهم فجأة، وأن هذا الحدث ترك أثره النفسي عليهم كذلك، وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن مثل هذه الممارسات لا تقتصر على حالات محددة، بل تمثل نمطاً أوسع في التعامل مع المهاجرين، حيث يُحتجز العديد منهم رغم عدم وجود سجل جنائي أو أي خطر حقيقي على المجتمع.

توصيات حقوقية للفيفا والسلطات الأمريكية

أشارت المنظمة إلى أنه ينبغي للفيفا دعوة السلطات الأمريكية إلى عدم استهداف الفعاليات الرياضية الكبرى في تطبيق قوانين الهجرة، خصوصاً ضمن ترتيبات اتفاقيات برنامج (287 ز)، التي تسمح لبعض السلطات المحلية بالعمل مع وكالة الهجرة، وأكدت أن مثل هذه التدابير يجب أن تُوقف لحماية المشاركين وضمان أن كأس العالم يظل احتفالاً بكرة القدم وليس مناسبة لتطبيق سياسات ترحيل صارمة تهدد الأسر وحقوق الأفراد.

تُظهر هذه القضية التحديات المتشابكة بين الأحداث الرياضية الدولية وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة، لطالما أثارت سياسات إدارة ترامب للحد من الهجرة جدلاً واسعاً، خاصة في ما يتعلق بالإجراءات التي تمنع الإفراج عن طالبي اللجوء وتجعلهم عرضة للاحتجاز لفترات طويلة، برامج مثل اتفاقيات (287 ز)، تسمح لبعض الولايات بتعاون مباشر مع وكالة الهجرة لتطبيق قوانين الدخول، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الأفراد أثناء الفعاليات العامة، وفي المقابل، تهدف الفيفا إلى ضمان مشاركة جميع المؤهلين في مسابقاتها، ما يضعها في مواجهة مباشرة مع الأنظمة الوطنية للحد من الهجرة، ومن المتوقع أن يشكل هذا التوازن بين حقوق اللاجئين وحرية السفر خلال الأحداث الرياضية الكبرى تحدياً متزايداً في الاستعدادات لكأس العالم 2026، خاصة مع التركيز العالمي على معايير حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية في استضافة الأحداث الرياضية الدولية.