عام على رحيل الأسد.. المرصد السوري يوثق تواصل الانتهاكات في سوريا
عام على رحيل الأسد.. المرصد السوري يوثق تواصل الانتهاكات في سوريا
على الرغم من التطلعات التي صاحبت نهاية حكم الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، وبداية مرحلة يفترض أن ترتكز على سيادة القانون وحماية المدنيين، فإن الواقع الميداني كشف عن استمرار واسع للانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، وعودة أنماط العنف المنظم والجرائم الانتقامية والطائفية على نطاق واسع.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الفترة الممتدة من 8 ديسمبر 2024 وحتى 5 ديسمبر 2025 شهدت مقتل 11 ألفاً و439 شخصاً، بينهم 8 آلاف و835 مدنياً، شملوا 512 طفلاً و676 امرأة، في ظل غياب شبه كامل للمساءلة وضعف مؤسسات العدالة، وهو ما يعكس هشاشة النظام الجديد وعدم قدرته على حماية المدنيين.
وأشار المرصد إلى استمرار أنماط خطيرة من الانتهاكات، تضمنت القتل خارج نطاق القانون، الإعدامات الميدانية، الخطف، التعذيب، الاستهداف العشوائي، التفجيرات والهجمات المسلحة، بالإضافة إلى القصف التركي والإسرائيلي والهجمات المتكررة من قبل التنظيمات المتطرفة والفصائل المسلحة المحلية، ما أدى إلى تفاقم معاناة المدنيين، ولا سيما النساء والأطفال الذين باتوا أكثر عرضة للخطر.
تفاصيل الانتهاكات والعنف
سجّل المرصد حالات قتل نتيجة الرصاص العشوائي، الاشتباكات المسلحة، انفجار الألغام والعبوات الناسفة، قصف الطيران التركي والإسرائيلي، هجمات داعش، فضلاً على جرائم قتل على يد مجهولين أو فصائل متعددة.
ووثق المرصد حالات وفاة تحت التعذيب في سجون مختلفة، ووفاة آخرين نتيجة مخلفات الحرب أو ظروف مجهولة، وسط تصاعد الانقسامات الطائفية والدينية بين المكونات السورية.
وسجل المرصد حملات واسعة من الاعتداء على دور العبادة والمزارات الدينية والرموز الثقافية، شملت مساجد وكنائس ومزارات للطوائف المختلفة، من أبرزها الاعتداء الإرهابي على كنيسة مار إلياس في دمشق الذي أسفر عن قتلى وجرحى، ما أدى إلى حالة من الخوف بين السكان.
وامتدت هذه الاعتداءات إلى مدن سورية عدة، وشملت هجمات مسلحة، تخريباً، نهباً وتدميراً مباشراً، ما يعكس اتساع الشرخ الطائفي وتنامي الانقسامات المجتمعية.
استهداف الإعلام والتحريض
وأكد المرصد تصاعد حملات التضليل والتحريض الإعلامي التي تقودها أطراف موالية للحكومة السورية المؤقتة، بهدف التشويش على التوثيق الحقوقي، عبر خطاب طائفي وتحريضي، واتهامات جماعية لطوائف بأنها "فلول النظام" أو "عملاء"، إضافة إلى استهداف ناشطين وصحفيين ومنصات إعلامية مستقلة.
وشملت هذه الحملات ما يعرف بـ"الذباب الإلكتروني" أو الحسابات الوهمية، والتلاعب بالترند لخدمة مصالح سياسية، ما أسهم في تأجيج الانقسامات الاجتماعية وتعويق جهود العدالة الانتقالية.
وفي الوقت ذاته، يواصل آلاف السوريين احتجازهم في السجون دون مسوّغ قانوني، بينهم ضباط سابقون، أطباء، مدنيون، وبعضهم اعتُقل بعد سقوط النظام أو خلال المداهمات والحواجز.
وأكد المرصد أن كثيرين من هؤلاء المحتجزين محتجزون تعسفياً دون توجيه تهم أو عرضهم على القضاء، في حين يظل مصير عدد كبير من المفقودين مجهولاً حتى اليوم، ما يعكس الانتهاك الصارخ للحقوق الأساسية وغياب العدالة.
تفعيل آليات العدالة
يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن استمرار الانتهاكات بهذا الشكل يعكس الفشل في حماية المدنيين وضمان المساءلة، ويبرز الحاجة الملحّة لتفعيل آليات العدالة الانتقالية، وحماية حقوق النساء والأطفال، وحظر الانتهاكات الطائفية.
كما يستدعي ضمان مراقبة شاملة لعمليات الأمن والجيش والفصائل المسلحة، حتى يتمكن السوريون من العيش في بيئة آمنة ومستقرة، بعيداً عن الفوضى والانتقام المنظم.











