مارتن أزيا سوديا.. شيخ قرية كاميروني أكرم اللاجئين فكرّمته الأمم المتحدة
مارتن أزيا سوديا.. شيخ قرية كاميروني أكرم اللاجئين فكرّمته الأمم المتحدة
قدم رئيس القرية الكاميروني مارتن أزيا سوديا، نموذجاً إنسانياً لافتاً بعد اختياره للفوز بجائزة نانسن للاجئين لعام 2025، وهي واحدة من أعرق الجوائز الدولية المخصّصة لتكريم "الشجاعة الاستثنائية والرحمة".
ويأتي هذا التكريم من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تقديراً لدوره البارز في دمج أكثر من 36 ألف لاجئ فرّوا من العنف في جمهورية إفريقيا الوسطى، في واحدة من كبرى موجات النزوح في المنطقة خلال العقد الأخير، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الأربعاء.
يُروّج سوديا لمفهوم بسيط عميق: "نحن جميعاً بشر، وعلينا أن نعتني ببعضنا البعض"، وهي عبارة باتت تُستخدم في الأوساط الحقوقية بوصفها نموذجاً لفلسفة التضامن المجتمعي من القاعدة إلى القمة.
أراضٍ وفرص عمل للاجئين
يستقبل سوديا اللاجئين في قريته جادو-بادزيري الواقعة شرق الكاميرون بطريقة تتجاوز الطابع الإداري أو الإغاثي، فبدلاً من إغلاق الحدود المحلية أو التعامل مع الوافدين كعبء، يُخصص لهم أراضي لبناء منازلهم وزراعة الحقول وتأمين قوتهم، مانحاً إياهم ما يشبه "حق الإقامة الكريمة" بعيداً عن المخيمات التقليدية المزدحمة.
أنشأ سوديا لجاناً مشتركة تضم أبناء القرية واللاجئين، تُعنى بفضّ النزاعات وامتصاص التوترات الاجتماعية، ما ساعد على حماية النسيج المحلي ومنع أي انزلاق إلى العنف أو الاحتكاك الثقافي.
وأصبح هذا النموذج لافتاً لدرجة أنّ قرى أخرى في المنطقة اتبعت أسلوبه نفسه وفتحت أبوابها للاجئين لإعادة بناء حياتهم.
النزوح في إفريقيا الوسطى
اندلع العنف في جمهورية إفريقيا الوسطى منذ عام 2013 نتيجة صراعات سياسية ومسلحة معقّدة أنهكت المجتمع وأنتجت موجات نزوح مستمرة. وبحلول عام 2021 يصل إلى شرق الكاميرون نحو 290 ألف شخص هاربين من القتال، وفق المفوضية.
وفي ظل ضعف البنى التحتية في المناطق الحدودية، أصبحت مبادرات محلية مثل تلك التي يقودها سوديا بمنزلة صمام أمان حقيقي.
يسهم سوديا اليوم في تغيير نظرة المجتمعات الإفريقية لاستقبال اللاجئين، من اعتباره عبئاً اقتصادياً إلى رؤيته فرصة للتكامل والتعاون.
حقق الاندماج الاجتماعي
يقول مسؤولو المفوضية إنّ "إنسانية هذا الرجل وسخاءه" لم تقتصر على الاستقبال، بل شملت توفير آليات استدامة وتخفيف توتر، ما جعل الاندماج الاجتماعي ممكناً.
ويُلهِم كذلك قادة محليين آخرين لمقاربة اللجوء من زاوية إنسانية لا أمنية فقط، في قارة تُعدّ من أكثر مناطق العالم تعرضاً للنزاعات والنزوح.
ويُرسّخ رئيس القرية الكاميروني بفوزه بجائزة نانسن، فكرة أن القيادة الأخلاقية قد تأتي من قرى صغيرة ومن رجال بسطاء، لكن أثرها يمكن أن يمتد ليصل إلى العالم كله.











