معهد "بروميثيوس" يدعو لتعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية في المغرب
معهد "بروميثيوس" يدعو لتعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية في المغرب
أصدر معهد بروميثيوس للديمقراطية وحقوق الإنسان تقريره السنوي حول وضعية حرية الصحافة والتعبير في المغرب، مسلّطاً الضوء على استمرار التحديات البنيوية والقانونية التي تواجه الجسم الصحفي، رغم تسجيل بعض المؤشرات الإيجابية المحدودة خلال العام الماضي.
وأكد التقرير الذي نشره المعهد على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، اليوم السبت، أن واقع الممارسة الإعلامية ما يزال يصطدم بمجموعة من الإكراهات السياسية والقانونية والاقتصادية، ما يعكس فجوة واضحة بين التنصيص الدستوري على حرية التعبير وسياقها التطبيقي اليومي.
استمرار المتابعات القضائية
وأبرز التقرير وجود تراجع ملحوظ في منسوب الثقة بين الصحفيين والمؤسسات الرسمية خلال العقد الأخير، إلى جانب بطء في ملاءمة التشريعات والسياسات العمومية مع مقتضيات دستور 2011 الذي ينص صراحة على حماية حرية التعبير والصحافة.
وسجّل استمرار عدد من المتابعات القضائية المرتبطة بالتعبير السلمي، في سياق تُستعمل فيه أحياناً نصوص قانونية ذات طابع زجري لتقييد العمل الصحفي بدل حمايته، الأمر الذي يكرّس مناخاً من الحذر والخوف داخل الأوساط المهنية.
وأشار التقرير إلى أن الضغوط لا تقتصر فقط على الجانب القانوني، بل تمتد كذلك إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، حيث تعاني العديد من المقاولات الصحفية من هشاشة مالية مزمنة، نتيجة اختلالات في سوق الإشهار وضعف شفافية الدعم العمومي.
وتؤثر هذه الوضعية بشكل مباشر في استقلالية المنابر الإعلامية وخياراتها التحريرية، ما يضعف قدرتها على لعب دورها الرقابي والتنويري في المجتمع.
إشكالات تنظيمية ومهنية
وسلّط معهد بروميثيوس الضوء على تعقيدات تنظيمية ومهنية تعوق تطور القطاع، منها غموض بعض النصوص القانونية المنظمة للمهنة وصعوبة الولوج إليها، فضلاً عن تأخر تجديد المجلس الوطني للصحافة، وهو ما يعرقل انتظام آليات التنظيم الذاتي ويحدّ من فعالية الحكامة المهنية داخل الحقل الإعلامي.
واعتمد التقرير مقاربة مزدوجة، كمية وكيفية، حيث استند إلى مجموعات نقاش ضمّت خبراءً قانونيين وممثلين عن هيئات الصحافة والمجتمع المدني، إلى جانب استبيان وُزّع على صحفيات وصحفيين من مختلف المنابر الوطنية والجهوية.
وأسفرت هذه المقاربة عن إعداد مؤشر شامل يعكس واقع حرية الصحافة والممارسة المهنية ضمن سياقها القانوني والسياسي والاجتماعي.
توصيات من أجل إصلاح شامل
ودعا التقرير إلى بناء مسار إصلاحي متكامل يرتكز على جملة من التوصيات الأساسية، منها: مواءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحرية التعبير والصحافة، وتعزيز استقلالية المؤسسات الإعلامية، وضمان شفافية منظومة الدعم العمومي والإشهار.
ودعا التقرير إلى حماية الصحفيين من المتابعات ذات الطابع العقابي المرتبطة بعملهم المهني، وتسريع تجديد وتقوية هيئات التنظيم الذاتي وعلى رأسها المجلس الوطني للصحافة، ودعم الصحافة الجهوية وضمان تكوين مهني مستدام، خصوصاً للصحفيات.
واختتم معهد بروميثيوس تقريره بتأكيد أن هذه المبادرة تندرج في إطار التزامه بترسيخ ثقافة التقييم العلمي لواقع الحقوق والحريات في المغرب، والإسهام في إغناء النقاش العمومي حول مسارات الإصلاح الديمقراطي.
وشدد على أن حماية حرية الصحافة ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة بين السلطات العمومية والمجتمع المدني والمؤسسات المهنية، من أجل بناء فضاء إعلامي حر مستقل ومتعدد يعكس تطلعات المجتمع المغربي ويصون حقه في الوصول إلى المعلومة.











