بعد حادثة المسجد.. قامشلو تدق ناقوس الخطر أمام تصاعد العنف الطائفي في سوريا
بعد حادثة المسجد.. قامشلو تدق ناقوس الخطر أمام تصاعد العنف الطائفي في سوريا
في مدينة قامشلو بإقليم شمال وشرق سوريا أطلق مؤتمر الإسلام الديمقراطي تحذيراً واضحاً من خطورة توظيف الدين في العنف، مؤكداً أن هذا المسار يشكل تهديداً مباشراً للسلم الأهلي ووحدة المجتمع السوري، ويقود البلاد نحو مزيد من الانقسام وعدم الاستقرار، وجاء هذا التحذير في أعقاب استهداف مسجد تابع للطائفة الشيعية في مدينة حمص وسط سوريا، في حادثة أعادت إلى الواجهة المخاوف من تصاعد العنف الطائفي وتحويل دور العبادة إلى ساحات للصراع والدم.
أكدت كلناز عثمان الإدارية في مجلس المرأة في مؤتمر الإسلام الديمقراطي في تصريحات نشرت الاثنين أن تزايد الاعتداءات على دور العبادة، سواء المساجد أو الكنائس، يعكس انحداراً خطيراً في الخطاب الديني وتحولاً مقلقاً في استخدام الدين أداة للعنف. وأوضحت أن استهداف مسجد في حمص سبقه استهداف كنائس مسيحية في مناطق أخرى، ما يؤكد أن أماكن العبادة لم تعد فضاءات للطمأنينة والسكينة الروحية، بل باتت أهدافاً مباشرة لجرائم تهدد حياة المدنيين وتزرع الخوف في نفوسهم، وفق وكالة أنباء المرأة.
مستقبل التعايش في مهب الريح
حذرت كلناز عثمان من أن هذه الاعتداءات تشكل خطراً مباشراً على مستقبل التعايش بين مكونات المجتمع السوري، مشيرة إلى أن تحويل دور العبادة إلى ساحات للقتل يمثل رسالة تهديد لكل من يؤمن بفكرة العيش المشترك، وأكدت أن ما يجري اليوم يدفع الناس إلى التردد في ارتياد أماكن عبادتهم خشية التعرض للاستهداف، وهو ما يضرب أحد أهم أسس الاستقرار الاجتماعي والروحي في البلاد.
شددت كلناز عثمان على أن الجهات التي ترتكب هذه الجرائم هي جماعات متطرفة تدعي الانتماء إلى الإسلام، في حين تمارس القتل والتدمير باسمه، وأكدت أن هذه الأفعال لا تمت إلى الإسلام ولا إلى المسلمين بأي صلة، بل تشكل تشويهاً صارخاً لقيمه القائمة على السلام والرحمة واحترام الإنسان، وأضافت أن المفارقة الخطيرة تكمن في أن مسلمين يقتلون مسلمين باسم الإسلام، في مشهد يهدف إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وبث الخوف والكراهية بين أبناء المجتمع الواحد.
تقويض السلم الأهلي
ترى كلناز عثمان أن ما تشهده سوريا اليوم ليس مجرد حوادث معزولة، بل جزء من سياسات ممنهجة تسعى إلى تقويض السلم الأهلي عبر إشعال الفتن وخلق انقسامات حادة بين المكونات والطوائف. وأوضحت أن موجة القتل والاختطاف والانتهاكات الجسيمة التي تشهدها البلاد تُرتكب تحت غطاء ديني، في محاولة خطيرة لإضفاء شرعية زائفة على العنف وتبريره أمام الرأي العام.
أشارت عثمان إلى أن الانتهاكات الأخيرة طالت مكونات دينية واجتماعية متعددة، منها أبناء الطوائف العلوية والدرزية والمسيحية، في وقت تسلمت فيه الحكومة المؤقتة زمام السلطة، وسط مخاوف متزايدة من دورها في تكريس هذه السياسات، وأكدت أن ما يحدث يتمثل في استهداف الناس وقتلهم على أساس انتمائهم المذهبي، لا على أساس أي جرم قانوني، في انتهاك صارخ لمبادئ العدالة وسيادة القانون، وتحويل خطير لمفهوم العقاب إلى تصفية طائفية.
جوهر الدين في مواجهة التشويه
لفتت كلناز عثمان إلى أن الإسلام في جوهره دين يسر ورحمة، يقوم على قيم العدالة واحترام كرامة الإنسان، وأن ما يرتكب اليوم من عنف وجرائم باسمه لا يمت إلى هذه القيم بصلة، بل يمثل تشويهاً متعمداً لحقيقته، وأكدت أن استغلال الدين بهذه الطريقة لا يستهدف المعتقد ذاته، بل يُستخدم أداة لضرب السلم الأهلي وتقويض الاستقرار عبر تفكيك الروابط الاجتماعية وإضعاف الثقة بين مكونات المجتمع المختلفة.
أوضحت عثمان أن هذه الممارسات تسهم في نشر الخوف والقلق داخل المجتمع السوري، وتدفع الناس إلى التعامل مع بعضهم البعض بمنطق الشك والانقسام بدلاً من التضامن والتكافل، وشددت على أن مواجهة هذا الواقع تتطلب فضح الخطاب المتطرف، وتعزيز فهم ديني إنساني يرسخ قيم التعايش والسلام، ويحمي المجتمع من الانزلاق نحو مزيد من العنف والتفكك.
ترسيخ فكر ديمقراطي جامع
أكدت كلناز عثمان أن مؤتمر الإسلام الديمقراطي يعمل على ترسيخ فكر ديمقراطي يحترم جميع المكونات والأديان، ويؤمن بأهمية التعايش المشترك واحترام التنوع، باعتبار ذلك الضمانة الحقيقية لوحدة المجتمع وبقاء البلاد آمنة ومستقرة، وشددت على الرفض المطلق لأي انتهاك يرتكب باسم الإسلام لما يحمله من تحريض على الفتنة والكراهية.
في هذا السياق، أوضحت عثمان أن المؤتمر يسعى إلى إيصال صوته إلى مناطق الداخل السوري، معرباً عن تضامنه الكامل مع الأهالي المتضررين من الاعتداءات، ومؤكداً الوقوف إلى جانبهم في مواجهة كل أشكال العنف والتطرف، والعمل على تعزيز ثقافة الحوار والسلام.
تحذير من الانزلاق نحو الحرب الأهلية
اختتمت كلناز عثمان تحذيراتها بتأكيد أن استمرار هذه الانتهاكات قد يدفع البلاد نحو حرب أهلية، ويؤدي إلى ترسيخ مشاعر الحقد والكراهية بين المكونات المختلفة. وأكدت أن تجاهل خطاب الكراهية وتركه يتمدد سيقود سوريا إلى مزيد من الانهيار والهلاك، وأن تجنب هذا المصير يتطلب العودة إلى جوهر الدين القائم على الرحمة والاحترام، لا توظيفه أداة للتحريض والعنف.
يأتي هذا التحذير في سياق تصاعد حاد في التوترات الطائفية والأمنية في عدة مدن سورية، حيث شهدت مناطق في الساحل وحمص وحماة خلال الأيام الماضية مظاهرات سلمية طالبت بالفيدرالية واللامركزية وحق تقرير المصير، إلا أن هذه التحركات قوبلت بعنف شديد، شمل قمع المتظاهرين باستخدام الرصاص والقنابل المسيلة للدموع ووسائل عنيفة أخرى، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وفي ظل هذا المشهد المتوتر يعمل مجلس المرأة في مؤتمر الإسلام الديمقراطي عبر برامج تدريبية وتوعوية، تقدم بشكل مباشر وافتراضي، على تعزيز السلم الأهلي وترسيخ ثقافة التعايش وجمع المكونات المختلفة على أساس الاحترام المتبادل والعيش المشترك، في محاولة لوقف انزلاق المجتمع نحو مزيد من العنف والانقسام.











