الرئيس الفلسطيني يوضح موقفه بعد تصريحات مثيرة عن الهولوكوست

الرئيس الفلسطيني يوضح موقفه بعد تصريحات مثيرة عن الهولوكوست
المستشار الألماني والرئيس الفلسطيني

أثار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عاصفة من الجدل والانتقادات الدولية بتصريحاته حول الهولوكوست واتهامه لإسرائيل بارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين على مدار العقود الماضية أثناء زيارته لألمانيا الثلاثاء، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وعقب الرئيس الفلسطيني، أنه لم يقصد إنكار خصوصية الهولوكوست، وأصدر بياناً نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أعاد فيه التأكيد أن "الهولوكوست أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث".

وقال الرئيس الفلسطيني إنه لم يكن المقصود في إجابته إنكار خصوصية الهولوكوست، التي ارتكبت في القرن الماضي، فهو مدان بأشد العبارات.

وأضاف البيان أن "المقصود بالجرائم التي تحدث عنها عباس، هي المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهي جرائم لم تتوقف حتى يومنا هذا".

انتقادات دولية

في المقابل، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد تعليقات الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول اتهام تل أبيب بارتكاب "هولوكوست" بحق الفلسطينيين بأنها "مهزلة أخلاقية" و"تشويه رهيب".

وكتب يائير لبيد على تويتر: "اتهام محمود عباس لإسرائيل بارتكاب 50 محرقة أثناء وقوفه على الأراضي الألمانية ليس عاراً أخلاقياً فحسب، بل كذبة وحشية".

فيما عبر المستشار الألماني أولاف شولتس اليوم الأربعاء، عن استيائه من تصريحات للرئيس الفلسطيني محمود عباس قال شولتس إنها تقلل من أهمية المحرقة.

وقال شولتس على تويتر: "بالنسبة لنا نحن الألمان على وجه الخصوص، فإن أي محاولة لإضفاء الطابع النسبي على تفرد المحرقة أمر غير محتمل وغير مقبول.. أنا مستاء من هذه التصريحات المشينة التي أدلى بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس".

ومن جانبها انتقدت لجنة "أوشفيتس" الدولية بشدة اتهام الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد إسرائيل بارتكاب هولوكوست، كما انتقدت رد الفعل المتردد من جانب ألمانيا.

وقال نائب الرئيس التنفيذي للجنة كريستوف هويبنر، مساء أمس الثلاثاء تعقيباً على تصريحات عباس مع المستشار أولاف شولتس إن عباس "استخدم عن قصد المسرح السياسي في برلين لتشويه سمعة الثقافة الألمانية للذكرى والعلاقات مع دولة إسرائيل.. بمقارنته المخزية وغير الملائمة بالمحرقة، حاول عباس مرة أخرى خدمة العدوان المعادي لإسرائيل والمعادي للسامية في ألمانيا وأوروبا".

وانتقد هويبنر الحكومة الألمانية، وقال: "من المدهش والغريب أن الجانب الألماني لم يكن مستعداً لاستفزازات عباس وأن تصريحاته حول الهولوكوست في المؤتمر الصحفي ذهبت دون اعتراض".

وفي السياق، كتب نائب رئيسة المفوضية الأوروبية، مارغريتيس شيناس، المختص أيضا بشؤون مكافحة معاداة السامية، على موقع “تويتر” الأربعاء أن التصريحات غير مقبولة.

وشدد شيناس على أن الهولوكوست “وصمة عار لا تُمحى” في التاريخ الأوروبي، وكتب: “تشويه الهولوكوست أمر خطير”، مضيفا أن ذلك يعزز معاداة السامية وله تأثير مدمر على الديمقراطية.

وكان عباس اتهم في مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في برلين أمس الثلاثاء إسرائيل بأنها "ارتكبت منذ عام 1947 حتى اليوم 50 مجزرة في 50 موقعاً فلسطينياً"، وأردف: "50 مجزرة 50 هولوكوست".

وكان شولتس انتقد عباس علناً قبل ذلك لأن عباس وصف السياسة الإسرائيلية بأنها "نظام أبارتايد (فصل عنصري)" وقال شولتس: "أود أن أقول صراحة عند هذه النقطة إنني لا أتبنى كلمة أبارتايد ولا أعتبرها صحيحة لوصف الموقف".

و”الهولوكوست” مصطلح استخدم لوصف الحملات من قبل حكومة ألمانيا النازية وبعض حلفائها، بغرض اضطهاد وتصفية اليهود في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية (1939- 1945).

حادثة سابقة

وهذه ليس المرة الأولى التي يواجه فيها عباس انتقادات أوروبية بسبب تصريحاته بشأن الهولوكوست، ففي مايو عام 2018، أدان الاتحاد الأوروبي تصريحات لعباس قال فيها إن الهولوكوست، "تسبب في حدوثها، حقد وغضب الأوروبيين حيال الدور الذي لعبه اليهود في القطاع المالي".

وقال الاتحاد الأوروبي حينها، إن تلك التصريحات "غير مقبولة".

وأدلى عباس بتلك التصريحات حينها في خطاب موجه للمجلس الوطني الفلسطيني، وتضمن خطابه -الذي استغرق 90 دقيقة- مقطعاً عن نظرة القيادة الفلسطينية لتاريخ اليهود في أوروبا، اعتماداً على ما قال إنه كتب صاغها "مؤلفون يهود صهاينة"، حسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

وألمح عباس في خطابه إلى أن" الاضطهاد التاريخي لليهود الأوروبيين نجم عن سلوكهم وليس دينهم".

وقال إن اليهود في شرق أوروبا وغربها تعرضوا لمذابح في فترات متقطعة عبر القرون، انتهت بالهولوكوست.

ثم تساءل عباس: "ولكن لماذا كان يحدث هذا؟"، وأضاف: "إنهم يقولون إن هذا بسبب أنهم يهود.. سأحضر لكم ثلاثة يهود، وثلاثة كتب تقول إن هذا العداء نحو اليهود لم يكن بسبب هويتهم الدينية، ولكن بسبب وظيفتهم الاجتماعية"، حسب ما ذكرت "بي بي سي".

وتابع في خطابه: "وهذه قضية أخرى؛ ولذلك فإن المشكلة اليهودية التي كانت منتشرة في أنحاء أوروبا لم تكن بسبب العداء لدينهم، لكن بسبب وظيفتهم الاجتماعية، المرتبطة بالمراباة والصرافة وما شابهها".

واعتذر عباس عن تلك التصريحات بعد اتهامه بمعاداة السامية، وأدان في بيان أصدره مكتبه في رام الله معاداة السامية وقال إن المحرقة "أبشع جريمة في التاريخ"، بحسب تقرير لـ"دويتشه فيله" حينها.

وقال: "إذا شعر الناس بإهانة بسبب كلمتي أمام المجلس الوطني الفلسطيني، لا سيما أتباع الدين اليهودي، فأقدم اعتذاري لهم. أود أن أؤكد للجميع أنني لم أكن أقصد ذلك وأؤكد مجدداً احترامي الكامل للدين اليهودي وكل الأديان السماوية".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية