علماء يحذّرون: الحرائق المدمرة خطر غير مفهوم يهدد البشرية
علماء يحذّرون: الحرائق المدمرة خطر غير مفهوم يهدد البشرية
شهدت العديد من دول العالم في الآونة الأخيرة موجة من الحرائق المدمّرة التي دمرت مدناً بأكملها وأطلقت أعمدة دخان كبيرة وكثيفة إلى درجة يمكن رؤيتها من الفضاء بواسطة الأقمار الصناعية، بينما أقرّ العلماء بصعوبة فهم جميع آثارها على الإنسان والطبيعة والمناخ بشكل كامل.
ووفقا لتقرير نشرته، وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد، حطمت حرائق الغابات في كندا أرقاماً قياسية خلال السنوات الأخيرة، بينما واجهت مدن مثل أثينا وهاواي ولوس أنجلوس حرائق كارثية.
وفي عام 2022، أصدر مجموعة من العلماء من مختلف دول العالم تقريراً، بدعم من وكالة الفضاء الأوروبية وشبكة "فيوتشر إيرث"، أكدوا فيه أن التغيرات في شدة الحرائق تمثل خطراً غير مسبوق، لا يزال فهمه قاصراً.
رصد ودراسة الظاهرة
وسعى الباحثون جاهدين إلى دراسة هذه الظاهرة، حيث رصدوا آثار الحرائق من خلال الأقمار الصناعية وأخذوا عينات من التربة والممرات المائية لتحليل تأثيرها على الكوكب.
وفي بعض الحالات، دفع العلماء أنفسهم ثمن هذه الحرائق، ففي ديسمبر 2021، اضطرت كريستين فيدنماير، أستاذة تلوث الهواء في جامعة كولورادو، إلى إخلاء منزلها بسبب حريق اقترب بفعل الرياح.
وقالت لوكالة فرانس برس: "رأينا عمود دخان خلف منزلي مباشرة"، موضحة أنها فرت وسط الدخان والنيران مع عشرات الآلاف من السكان.
النار.. من رفيق الإنسان إلى عدوه
أكد المؤرخ المتخصص في الحرائق ستيفن باين أن النار كانت على مر التاريخ "رفيقاً للبشرية"، لكنها أصبحت اليوم "أسوأ أعدائها"، ووصف العصر الحالي بـ"بيروسين"، حيث ساهم التغير المناخي في زيادة درجات الحرارة والجفاف، مما أتاح ظروفاً مواتية لاندلاع الحرائق.
وأظهرت دراسات أجريت عام 2021 علاقة بين ذوبان الطبقة الجليدية في القطب الشمالي وتزايد حرائق الغابات في غرب الولايات المتحدة، ولم تكن هذه الظاهرة مقتصرة على المناخ فقط، حيث ساهمت أمطار غزيرة في لوس أنجلوس في نمو النباتات بشكل سريع، مما جعلها وقوداً للحرائق في فترات الجفاف.
وتسببت الحرائق في إطلاق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، حيث سجلت حرائق الغابات الكندية عام 2023 انبعاثات كربونية خلال خمسة أشهر تفوق ما تنتجه روسيا من احتراق الوقود في عام كامل، وفقاً لوكالة ناسا.
وظهرت تأثيرات غير متوقعة، مثل تفاعل كيميائي ناتج عن دخان حرائق أستراليا عام 2020 أدى إلى اتساع ثقب الأوزون بنسبة 10%، كما ساهم الرماد الناتج عن هذه الحرائق في تكاثر العوالق البحرية التي امتصت كميات إضافية من ثاني أكسيد الكربون لفترة مؤقتة.
خطر على على صحة السكان
واجهت الباحثة كريستين فيدنماير تحدياً علمياً آخر عندما اضطرت لدراسة كيفية تنظيف المنازل التي اسودت بسبب الدخان، موضحة أن "مواد ضارة كثيرة تتسرب عند احتراق المنازل أو الأجهزة الإلكترونية"، مما يشكل خطراً على صحة السكان.
وأظهرت دراساتها أن الجدران تمتص بقايا السخام الضارة التي يمكن أن تبقى لأسابيع أو أشهر، ونصحت باستخدام الماء والصابون لإزالة آثار الدخان بشكل فعال.
ومع زيادة شدة الحرائق واتساع نطاق تأثيرها، تتواصل التحذيرات بشأن آثارها البيئية والإنسانية، ويظل العلماء يعملون بلا هوادة لفهم هذه الظاهرة وتطوير استراتيجيات للتعامل معها قبل أن تتفاقم مخاطرها بشكل أكبر.