لدعم «بنات +30».. خبراء يطالبون بتمكين المرأة وتحريرها من الوصاية الطبية
الدعوة جاءت استناداً لتحقيق استقصائي نشره «جسور بوست»
اتفق عدد من الخبراء على ضرورة تمكين المرأة من حقوقها في الصحة والتعليم والعمل، ورفع الوصاية الذكورية على النساء، والتي ما تزال موجودة في كثير من الدول العربية، خصوصاً الوصاية الطبية التي تعرض النساء لأخطار صحية جمة.
جاء ذلك في الجلسة النقاشية التي نظمها حزب العدل في مصر، والتي عُقدت تحت عنوان "بنات +30"، استنادًا إلى تحقيق استقصائي نشره موقع “جسور بوست”، للزميلة إيمان الوراقي.
تناولت الجلسة التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها النساء فوق سن الثلاثين، خاصة في ظل الصور النمطية المجتمعية التي تحاصر المرأة وتحد من فرصها.
وشارك في الجلسة عدد من أساتذة الجامعات وأعضاء البرلمان والأطباء وممثلات مؤسسات حقوقية وإعلاميون وخبراء في مجالات متعددة، بحضور النائب أحمد القناوي، أمين عام الحزب، والدكتور أحمد دراج، عضو مجلس النواب، والدكتورة نيفين عبيد، مساعد رئيس الحزب لشؤون المرأة، وعدد من الخبراء والمتخصصين.
تصحيح الخطاب المجتمعي
وأكد المشاركون في الجلسة ضرورة تصحيح الخطاب المجتمعي حول النساء غير المتزوجات بعد سن الثلاثين، مشددين على أن قيمة المرأة لا تُقاس بحالتها الاجتماعية، بل بإنجازاتها وإسهاماتها في المجتمع.
ودعوا إلى إطلاق حملات إعلامية تبرز النماذج النسائية الناجحة في مختلف القطاعات، بهدف تغيير الصورة النمطية السائدة وتعزيز ثقة المرأة في نفسها، هذه الخطوة تُعد ضرورية في مجتمع ما يزال يربط قيمة المرأة بكونها زوجةً أو أمًّا، متجاهلًا إمكاناتها وقدراتها الفردية.

مراجعة التشريعات
خرجت الجلسة بعدد من التوصيات، ومن بينها، الدعوة إلى مراجعة التشريعات لضمان تحقيق المساواة بين الجنسين، خاصة فيما يتعلق بحقوق النساء في بيئة العمل، مثل الأجور العادلة والحماية من التمييز.
وأشار المشاركون إلى أن التشريعات الحالية ما تزال تحمل طابعًا ذكوريًا، ما يعوق تحقيق العدالة للمرأة في مجالات عدة، بما في ذلك الصحة والتعليم والعمل.
وطالبوا بتعديل القوانين التي تسمح بوصاية الرجال على قرارات المرأة، خاصة في المجال الطبي، حيث ما يزال بعض الأطباء يطلبون توقيع ولي الأمر الذكر لإجراء عمليات جراحية للنساء، رغم عدم وجود أي أساس قانوني لهذا الإجراء.
وناقشت الجلسة الملف من النواحي الطبية والقانونية، حيث تم طرح موضوع "الوصاية الطبية" كأحد التحديات التي تواجهها النساء.
وقال عضو مجلس الشيوخ المصري، أحمد قناوي: "مناقشة الظواهر الاجتماعية مثل الوصاية على الفتيات يجب أن تتم بشكل علمي موثق، خاصة إذا كانت ظاهرة منتشرة، السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا ينتصر العرف على القانون في كثير من الأحيان؟".
وأضاف عضو مجلس النواب، أحمد دراج: "من باب المسؤولية الطبية، تحدثت مع مسؤولي نقابة الأطباء حول الوصاية الطبية، فأنكروا معرفتهم بها، ومع ذلك، هناك حالات يتطلب فيها الأطباء توقيعًا كتابيًا من الوصي الذكر لإجراء جراحة، حتى لو كانت المرأة بالغة وعاقلة، هذا الأمر يحدث في المستشفيات الحكومية، رغم عدم وجود قرار من وزارة الصحة ينص على ذلك".
وأوضح دراج أن العلاقة بين المريض والطبيب أصبحت "مريبة"، خاصة في القطاع الحكومي، ما يدفع الأطباء إلى طلب توقيع الوصي الذكر كإجراء وقائي قانوني. ومع ذلك، أشار إلى أن الأمر لا يصل إلى حد الحاجة لتشريع جديد، مؤكدًا أن الرحم جزء من جسم المرأة، وهي صاحبة الحق الأصيل في الموافقة على إجراء أي عملية.

الوصاية من الأمور المسكوت عنها
من جانبها، قالت نيفين عبيد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة الجديدة: "الوصاية الطبية من الأمور المسكوت عنها، واهتمام حزب العدل بهذا الموضوع يُعد جرأة مقارنة بأحزاب أخرى. نحن نعيش في مجتمع لا يحب الحديث عن قضايا تتعلق بحياة النساء الجنسية أو صحتهن".
وأضافت عبيد: "لدينا مشكلة تتعلق بالتشريع، وهناك صعوبات في محاسبة الأطباء الذين يرفضون تقديم خدمات طبية للنساء، خاصة في حالات الإجهاض الآمن أو الحمل غير المرغوب فيه، كما أن هناك فجوة كبيرة في ولاية النساء على أنفسهن في الحصول على الخدمات الطبية، رغم أن الدستور والقانون يضمنان لهن هذه الحقوق".
وأشارت إلى أن النساء في المناطق النائية والفقيرة يتعرضن بشكل أكبر للوصاية الذكورية، ما يعوق حصولهن على الخدمات الطبية الأساسية.
وأكدت أن هذه الفجوة الطبقية تزيد من عدم العدالة في توزيع الخدمات الصحية، حيث تتعسر المرأة في الحصول على الخدمة الطبية اللازمة بسبب العرف الاجتماعي الذي يفرض وصاية ذكورية عليها.

توصيات بدعم اقتصادي وصحي
وإلى جانب مراجعة التشريعات، أوصت الجلسة بتعزيز فرص العمل للنساء فوق الثلاثين، وتوفير برامج تدريب وتأهيل مهني تمكنهن من تحقيق الاستقلال المادي كما دعت إلى دعم ريادة الأعمال النسائية من خلال تقديم التسهيلات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفي الجانب الصحي، أكدت التوصيات أهمية توفير منصات للدعم النفسي والاجتماعي للنساء، لمساعدتهن على تجاوز الضغوط المجتمعية. بالإضافة إلى ذلك، دعت الجلسة إلى تعزيز دور الأحزاب السياسية في تبني قضايا المرأة ودعم مشاركتها في الحياة العامة.
وفي سياق متصل، تناولت المائدة المستديرة عددًا من القضايا المهمة المتعلقة بصحة المرأة، حيث ناقش الحاضرون جذور الإشكالات المرتبطة بالصحة النسائية والتحديات التي تواجهها تحت وطأة العرف الاجتماعي، ومدى تأثير العادات والتقاليد مقارنة بالقوانين المنظمة لحقوق المرأة الصحية.

وناقش المشاركون في الجلسة، العلاج كحق أساسي أم رفاهية، وتأثير العوامل النفسية في الصحة العامة للمرأة، وانعكاساتها على المجتمع، إلى جانب تناول مفهوم الوصاية المجتمعية على الجسد الأنثوي، وتأثير الفكر المجتمعي في تكريس الفصل النوعي بين الرجل والمرأة، وأثره في تطور المجتمع.
اختتمت الجلسة بالتأكيد على أهمية التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية لخلق بيئة أكثر دعمًا للنساء، حيث يتم تقييمهن بناءً على إمكاناتهن وإنجازاتهن، وليس وفقًا لمعايير اجتماعية تقليدية، حيث تعد هذه الخطوات بداية لتصحيح مسار يعيد للمرأة حقوقها الكاملة، ويضمن لها مكانة لائقة في المجتمع.