"الغارديان": هونغ كونغ تُلاحق الصحفيين وسط تحذيرات من تصاعد قمع الحريات
"الغارديان": هونغ كونغ تُلاحق الصحفيين وسط تحذيرات من تصاعد قمع الحريات
تواجه الصحافة المستقلة في هونغ كونغ ضغوطًا متزايدة، مع تصاعد ما وُصف بأنه "استهداف منظم" عبر تدقيقات ضريبية مشبوهة تطول صحفيين ومنصات إعلامية مستقلة، ما دفع منظمات صحفية للتحذير من تدهور خطير في بيئة حرية التعبير.
وأفادت صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الخميس، نقلا عن سيلينا تشنغ، رئيسة جمعية صحفيي هونغ كونغ، بأن الجمعية وأكثر من ثماني وسائل إعلام مستقلة، إضافة إلى ما لا يقل عن 20 صحفيًا وعائلاتهم، قد تعرضوا لتحقيقات ضريبية وصفتها بأنها غير عقلانية.
وفي مؤتمر صحفي، سردت تشنغ أمثلة قالت إنها توضح الطبيعة التعسفية للتدقيقات، من بينها مطالبة صحفي بدفع ضريبة عن شركة لا يمتلكها، وتقديم أرقام تسجيل ضريبي غير موجودة، ومطالبة أخرى تتعلق بأرباح سنة تسبق تأسيس الشركة المعنية.
وتساءلت تشنغ: "هل يملك الصحفي العادي موارد لتوكيل مدقق حسابات؟ نحن قلقون من أن هذه التحقيقات تستهلك طاقتنا ومواردنا، وتُعطل قدرتنا على أداء عملنا".
إعلام تحت المقصلة
من بين الوسائل المستهدفة في هونغ كونغ: Hong Kong Free Press))، وهي منصة ناطقة بالإنجليزية، أسسها الصحفي توم جراندي، الذي صرّح بأن التحقيقات استمرت 15 شهرًا، وأجبرته على العمل كـ"قسم امتثال من شخص واحد".
وقال جراندي على منصة "إكس": "توقعنا هذا النوع من الهجمات منذ سنوات، أصبحنا مهووسين بالشفافية المالية، لكن هذا لم يمنع استهدافنا".
استشهد جراندي بإحصائيات رسمية تُظهر أن احتمال الخضوع العشوائي للتدقيق الضريبي يبلغ 0.123% فقط، مضيفًا: "الاختيار المتزامن لجميع وسائل الإعلام المستقلة يكشف أن هذه ليست مصادفة".
تضييق ممنهج
أدانت منظمة “مراسلون بلا حدود” ما يحدث، مؤكدة أن السلطات في هونغ كونغ وبكين تسعيان لإسكات الأصوات المستقلة، حسب تصريحات ألكسندرا بيلاكوفسكا، مديرة المناصرة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وقالت بيلاكوفسكا: "إذا لم يستطيعوا سجن الصحفيين، فسيمارسون الضغط المالي والنفسي عليهم وعلى عائلاتهم لإسكاتهم".
وقد شهدت السنوات الأخيرة تفككًا في المشهد الإعلامي بهونغ كونغ، بعد حملة القمع التي أعقبت احتجاجات الحراك المؤيد للديمقراطية.
من بين المنصات التي أُغلقت صحيفة "آبل ديلي"، ويخضع مؤسسها جيمي لاي لمحاكمة بموجب قانون الأمن القومي، و"ستاند نيوز"، حيث سُجن محرراها العام الماضي بتهمة "التحريض على الفتنة".
كما كشف اتحاد الصحفيين في هونغ كونغ مؤخرًا عن حملة ممنهجة من المضايقات شملت تهديدات بالقتل، وتشويه السمعة، ورسائل تهديد أُرسلت إلى أصحاب عمل الصحفيين وعائلاتهم وحتى جيرانهم.
مؤشر حرية الصحافة
في مؤشر حرية الصحافة العالمي الصادر عن “مراسلون بلا حدود” لعام 2024، احتلت هونغ كونغ المرتبة 140 من أصل 180 دولة، مقارنة بالمرتبة 80 في عام 2021، ما يعكس تراجعًا دراماتيكيًا في الحريات الصحفية.
رغم ذلك، ترفض إدارة الإيرادات الداخلية في هونغ كونغ التعليق على الحالات الفردية، مشددة على أن "خلفية دافع الضرائب أو مهنته لا تؤثر على قرارات التدقيق".
لطالما تمتعت هونغ كونغ بسمعة باعتبارها إحدى أبرز البيئات الصحفية الحرة في آسيا، لكنها تشهد منذ عام 2020 تغييرات جذرية بعد فرض بكين قانون الأمن القومي، الذي اعتبرته جماعات حقوقية أداة لإسكات المعارضة.
وتتزايد المؤشرات على أن السلطات تستخدم أدوات مالية وإدارية للسيطرة على الإعلام، في وقت يسود فيه القلق من اختفاء آخر معاقل الصحافة المستقلة في المدينة.