"مهاجر نيوز": العثور على 40 مهاجراً مكدسين داخل مركبة في شمال فرنسا

عثرت قوات الدرك الوطني الفرنسي على نحو 40 مهاجراً غير نظامي، بينهم قاصرون، مكدسين في الصندوق الخلفي لمركبة صغيرة في مدينة إتابل، التابعة لمقاطعة با-دو-كاليه، في ظروف وصفت بـ"اللاإنسانية". 

وظهر المهاجرون وهم غارقون في العرق، ويعانون من ضيق التنفس، وسط تكدّس خانق يفتقر لأدنى شروط السلامة، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الثلاثاء.

وأوقفت السلطات الفرنسية شخصين مشتبه بتورطهما في محاولة التهريب، أحدهما السائق وهو رجل عراقي، والآخر قاصر فرنسي أقرّ بأنه كلّف بمهمة توجيه السائق عبر الطرقات. 

وصادرت قوات الدرك سترتي نجاة ومضختين يدويتين عُثِر عليهما داخل المركبة، ما عزز الشكوك بوجود نية لتنفيذ عبور بحري لاحق نحو السواحل البريطانية.

تفاصيل التحقيق والعقوبات

كشفت التحقيقات أن السائق يعيش في مخيم "جانغل" قرب مدينة دانكيرك، وكان يسعى للهجرة إلى بريطانيا بنفسه، لكنه اضطر لتأدية مهمة القيادة مقابل تهريبه لاحقاً، نتيجة نفاد موارده المالية. 

وتبيّن أن رخصة قيادته غير معترف بها في فرنسا. وقد أدانت محكمة بولوني سور مير السائق بتهم التهريب والقيادة من دون رخصة، وحكمت عليه بالسجن 18 شهراً نافذاً، مع أمر بالطرد النهائي من الأراضي الفرنسية، إلى جانب مصادرة المركبة المستخدمة والمعدات المرتبطة بها.

وسلّطت هذه الحادثة الضوء مجدداً على الأزمة الإنسانية المتفاقمة في مناطق شمال فرنسا، خصوصاً في كاليه ودانكيرك، حيث يعيش آلاف المهاجرين في مخيمات غير رسمية بانتظار فرصة عبور محفوفة بالمخاطر نحو المملكة المتحدة. 

وتستمر السلطات الفرنسية في تنفيذ سياسة تفكيك تلك المخيمات من دون توفير بدائل، ما يدفع المهاجرين إلى الاعتماد على شبكات تهريب تستغل بؤسهم ويأسهم.

دعوات لإنهاء الانتهاكات

دعت منظمات دولية مثل "أطباء بلا حدود" و"هيومن رايتس ووتش" إلى ضرورة التوقف عن الإجراءات العقابية تجاه المهاجرين، ومطالبة السلطات الفرنسية بتوفير حلول إنسانية تحفظ الكرامة وتراعي الحق في اللجوء. 

وشددت المنظمات على ضرورة التعامل مع الظاهرة من منطلق إنساني لا أمني فقط، لأن الضغط الأمني يخلق مسارات تهريب جديدة أكثر عنفاً وتعقيداً.

ورصدت السلطات الفرنسية 5874 محاولة تهريب عبر الشاحنات في موانئ كاليه ودانكيرك ونفق المانش في "كوكيل" خلال عام 2024، مقارنة بـ4794 محاولة في 2023، في مؤشر واضح على تصاعد عمليات التهريب. 

ورغم تكثيف الإجراءات الأمنية منذ 2016، بعد تسجيل أكثر من 56 ألف محاولة تهريب في الشاحنات آنذاك، لم تتوقف أنشطة الشبكات الإجرامية، بل ازدادت تنظيماً وتطوراً.

ضحايا البحر.. أرقام مفزعة

سجّل مكتب مكافحة تهريب المهاجرين (Oltim) وفاة 78 مهاجراً خلال محاولاتهم عبور بحر المانش في عام 2024، في نحو 20 حادث غرق، ما يجعل هذا العام الأعلى من حيث الضحايا منذ بداية المسار غير النظامي البحري في 2018. 

واضطر المهربون إلى الانطلاق من نقاط أبعد على الساحل لتفادي الرقابة الأمنية، ما زاد من خطورة الرحلات، بينما تزداد تكلفة التهريب وسط غياب أي حلول سياسية مستدامة.