"نيويورك تايمز": قرار ترامب بتقليص عدد المفتشين يُحوّل سوق السلاح لبيئة بلا رقابة
"نيويورك تايمز": قرار ترامب بتقليص عدد المفتشين يُحوّل سوق السلاح لبيئة بلا رقابة
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات (ATF)، قررت وزارة العدل الأمريكية تقليص عدد المفتشين المكلفين بمراقبة تجار الأسلحة الفيدراليين بمقدار الثلثين، ضمن خطة داخلية لتقليص حجم المكتب.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، الخميس، كشفت وثائق الميزانية، التي سُرّبت الأسبوع الماضي، أن الوزارة تعتزم إلغاء 541 وظيفة من أصل 800 وظيفة تفتيش قائمة، في واحدة من أكبر عمليات إعادة الهيكلة التي تطول جهات الرقابة على تجارة الأسلحة في الولايات المتحدة.
وسعى مسؤولو الإدارة إلى تبرير التخفيضات باعتبارها استجابة لتوجيه البيت الأبيض بتقليص ميزانية المكتب بنسبة تقارب الثلث، من أصل 1.6 مليار دولار، وقدّرت وزارة العدل أن هذه التخفيضات ستؤدي إلى تراجع قدرة المكتب على تنظيم سوق الأسلحة النارية والمتفجرات بنسبة 40%، ما يفتح الباب واسعًا أمام المخاوف المتعلقة بالرقابة على مبيعات السلاح.
ونقلت الصحيفة عن عدد من موظفي الوزارة، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم خشية العقوبات، أن القرار يُنذر بتسريح مئات المفتشين ويقوّض فعليًا الدور التنظيمي للمكتب إذا لم يُعَد النظر فيه من قبل البيت الأبيض أو الكونغرس.
وأعرب هؤلاء عن خشيتهم من أن يخلق التخفيض فراغًا رقابيًا يُستغل من قبل شبكات المتاجرة غير المشروعة.
وصف رئيس منظمة "كل مدينة من أجل سلامة الأسلحة"، الناشط جون فينبلات، القرار بأنه "تخفيض كارثي في تمويل إنفاذ القانون".
وأكّد فينبلات، الذي يرأس منظمة أسسها عمدة نيويورك السابق مايكل بلومبرغ، أن التخفيضات "ستُضعف قدرة المكتب على حماية المجتمعات من عنف السلاح"، وستُسجل "انتصارًا لتجار الأسلحة عديمي الضمير".
نقص في الكوادر
عانت برامج التفتيش التابعة لمكتب ATF من نقص طويل الأمد في الكوادر، إذ يخضع عدد محدود جدًا من أصل نحو 100 ألف تاجر ومصنع ومجمّع أسلحة لفحص سنوي.
تُظهر التقارير أن بعض المتعاملين لا يخضعون لأي تفتيش اتحادي لفترات تمتد حتى عشر سنوات، وهو ما يثير قلق الأجهزة الأمنية والمجتمع المدني، رغم اعتبار بعض الجمهوريين هذه التفتيشات "تدخلاً في الحقوق الدستورية لحمل السلاح".
ألغت المدعية العامة بام بوندي عددًا من التدابير التي أقرتها إدارة بايدن للحد من التلاعب في سوق الأسلحة، من بينها آليات مشددة ضد من يتلاعبون بسجلات البيع أو يتجاوزون خطوات التحقق من خلفيات المشترين.
وجّهت بوندي مكتب ATF أيضًا بمراجعة سياسات أخرى، بينها حظر دعامات المسدسات التي تُحولها إلى أسلحة شبه رشاشة، وقاعدة تُلزم التحقق من خلفيات المبيعات الخاصة.
شهد مكتب ATF خلال إدارة بايدن تحسنًا محدودًا تمثل في تعزيز عمليات الرقابة على الأسلحة محلية الصنع المعروفة بـ"البنادق الشبحية"، وتوسيع نطاق التحقق من خلفيات المشترين.
قاد المكتب في حينه حملة واسعة للحد من وصول الأسلحة إلى أيدي المجرمين، وضبط الأجهزة التي تُحوّل الأسلحة إلى رشاشات قاتلة، إلا أن هذه الفترة انتهت فجأة مع تغيّر التوجهات السياسية.
واجه المكتب خلال الأشهر الماضية حالة من الارتباك الإداري، إذ شهد رحيل عدد من الموظفين المهنيين البارزين وتحويل عشرات العملاء من مهامهم الأساسية إلى ملفات الهجرة، تسببت هذه التحولات في تراجع المعنويات داخل المكتب، وفقدان الاتجاه والقيادة التنظيمية.
نقل 10 آلاف موظف
نقل البيت الأبيض في أبريل ما يقارب 10 آلاف موظف من المكتب إلى قيادة مؤقتة تحت إشراف القائم بأعمال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، كاش باتيل، ثم إلى وزير الجيش دانيال دريسكول، وكشف عدد من المصادر أن دريسكول لم يكن راضيًا عن تكليفه المفاجئ بالمهمة، ما يُضيف مزيدًا من الغموض حول مستقبل المكتب.
رفض المتحدث باسم وزارة العدل التعليق على خطة التخفيض، رغم تصاعد القلق في صفوف العاملين، فيما طالب نشطاء ومشرعون بإعادة النظر في القرار حفاظًا على قدرة الحكومة الفيدرالية على ضبط واحدة من أكثر الصناعات حساسية وخطورة.