9 دول أوروبية تطالب بمراجعة التجارة المرتبطة بالاستيطان الإسرائيلي
9 دول أوروبية تطالب بمراجعة التجارة المرتبطة بالاستيطان الإسرائيلي
طالبت تسع دول أوروبية، مفوضية الاتحاد الأوروبي، بإجراء مراجعة شاملة لمدى توافق الأنشطة التجارية المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة مع القانون الدولي، في خطوة تعتبر مؤشراً على تنامي القلق الأوروبي من التورط غير المباشر في دعم نظام استيطاني يُعد غير قانوني بموجب الشرعية الدولية.
وأعلن وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو، عبر منشور على منصة "إكس"، اليوم الجمعة، أن الدول التي تبنّت المبادرة تشمل: بلجيكا، أيرلندا، فنلندا، لوكسمبورغ، بولندا، البرتغال، سلوفينيا، إسبانيا، والسويد، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
وأوضح بريفو أن هذه المطالبة تأتي استناداً إلى الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، والذي يؤكد على عدم جواز قيام الدول بأي أنشطة تجارية تساهم في ترسيخ أو استدامة أو إضفاء الشرعية على وضع غير قانوني، كالاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وأضاف الوزير البلجيكي أن "حماية القانون الدولي مسؤولية جماعية، ويجب أن يوجّه الوضوح القانوني السياسات العامة للدول الأعضاء في نظام دولي يستند إلى القواعد لا القوة"، في إشارة واضحة إلى ضرورة الفصل بين المصالح التجارية ومبادئ الشرعية الدولية.
الاستيطان وتبعاته القانونية
ويُعد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، انتهاكاً صارخاً للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تحظر على القوة القائمة بالاحتلال نقل جزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي المحتلة.
كما اعتبر مجلس الأمن في قراره رقم 2334 الصادر عام 2016 أن المستوطنات ليس لها أي شرعية قانونية وتشكل انتهاكاً فادحاً للقانون الدولي.
ويرى مراقبون أن استمرار بعض الشركات الأوروبية في الاستثمار أو التجارة في منتجات قادمة من مستوطنات إسرائيلية يُعد مساهمة غير مباشرة في دعم وضع غير قانوني، وهو ما دفع منظمات حقوقية إلى الضغط على الحكومات لاتخاذ موقف حازم يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي.
حرب مستمرة وجرائم متصاعدة
وتتزامن المبادرة الأوروبية مع تفاقم الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية، لا سيما قطاع غزة، حيث تواصل إسرائيل، بدعم أميركي، شن حملة عسكرية وصفتها تقارير أممية ومنظمات حقوقية بـ"الإبادة الجماعية".
ووفق آخر الأرقام الصادرة عن مصادر صحية فلسطينية، أسفرت الهجمات الإسرائيلية على غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، عن استشهاد أكثر من 186 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، وسط أوضاع كارثية تشمل مجاعة ونزوحاً واسعاً.
وفي الضفة الغربية والقدس الشرقية، صعّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون من اعتداءاتهم، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 979 فلسطينياً وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 17,500 فلسطيني، بحسب إحصاءات فلسطينية وحقوقية.
خطوة قد تُمهّد لعقوبات
ويرى محللون أن الخطوة الأوروبية قد تمهّد لمواقف أكثر تشدداً تجاه التعاملات الاقتصادية مع المستوطنات الإسرائيلية، وربما تقود إلى فرض قيود تجارية أو تصنيف المنتجات القادمة من المستوطنات بشكل منفصل عن تلك القادمة من إسرائيل داخل السوق الأوروبية الموحدة، في إطار سياسة "التمييز الإيجابي" التي تسمح للدول الأعضاء بعدم استيراد منتجات من مصادر تنتهك القانون الدولي.
وفي حال تجاوبت المفوضية الأوروبية مع هذا الطلب، فإن ذلك سيفتح نقاشاً حاداً داخل الاتحاد بشأن الموازنة بين المصالح الاستراتيجية، ولا سيما في العلاقات مع إسرائيل، والالتزامات الحقوقية للدول الأوروبية.