كارول موزلي براون.. أول رائدة سوداء في مجلس الشيوخ الأمريكي واجهت الكراهية

كارول موزلي براون.. أول رائدة سوداء في مجلس الشيوخ الأمريكي واجهت الكراهية
كارول موزلي براون

 

في أحد أيام التسعينيات، كانت كارول موزلي براون، أول امرأة أمريكية من أصل إفريقي في مجلس الشيوخ، تستقل مصعدًا في مبنى الكابيتول الأمريكي، إذ تسمع لحنًا جارحًا لأغنية ديكسي، النشيد غير الرسمي للكونفدرالية التي قاتلت للحفاظ على العبودية، التفتت لتجد السيناتور جيسي هيلمز يبتسم ساخرًا ويقول لصديقه: "سأجعلها تبكي.. سأغني ديكسي حتى تبكي".

لكن موزلي براون لم تكن من النوع الذي ينكسر بسهولة خاصة أمام خطابات العنصرية والكراهية، بل ردّت بهدوء: "يا سيناتور هيلمز، غناؤك سيُبكيني حتى لو غنّيت روك أوف إيجز" وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.

نشأة صعبة وإرادة صلبة

وُلدت موزلي براون أواخر الأربعينيات في شيكاغو لعائلة كانت تتأرجح بين الألم والأمل، والدها كان أحيانًا ناصحًا حنونًا، وأحيانًا وحشًا، كما وصفت في مذكراتها، شاركت وهي مراهقة في احتجاج بقيادة مارتن لوثر كينغ عام 1966، وظلت صورة تلك اللحظة التاريخية ترافقها؛ دليلاً على أنّ التغيير يبدأ بالشجاعة.

من قاعات المحاماة إلى مقاعد التشريع

تحدّت موزلي براون كل التوقعات، لتصبح أول فرد في عائلتها ينال شهادة جامعية، ثم التحقت بكلية الحقوق بصفتها واحدة من الطالبات السود القلائل. في سبعينيات القرن الماضي فازت بمقعد في الجمعية العامة لإلينوي، لتشق طريقًا بدا مستحيلًا في مجتمع يعج بالعنصرية وعدم المساواة.

ورغم الشكوك الكثيرة حين ترشحت لمجلس الشيوخ، انتصرت بدعم فريق شاب ضمّ ديفيد أكسلرود الذي أصبح لاحقًا مستشارًا لأوباما، وعندما أدت اليمين عام 1993، قوبلت من حارس مبنى الكابيتول بعبارة: "لا يمكنكِ الذهاب أبعد من هنا"، في إشارة صادمة إلى أن الطريق لا يزال طويلًا أمام المساواة وعدم التمييز.

سنوات في مواجهة التمييز.. وصوت لم ينكسر

لم تكن فترة ولايتها خالية من المعارك؛ دافعت خلالها عن حقوق المدنيين والمزارعين وضحايا العنف المنزلي، لكنها خسرت إعادة انتخابها أمام جمهوري شاب مدعوم بالمال والنفوذ. لم تتراجع، بل ترشحت لاحقًا للرئاسة عام 2004، مواجهةً تهكّم الإعلام وصعوبة جمع التبرعات.

رغم ذلك، ظلّت تؤكد أن التمييز الجنسي أصعب تغييرًا من العنصرية، وتقول إنها أرادت ألّا تكون الأخيرة بين النساء السود في مجلس الشيوخ.. وهو ما تحقق بالفعل لاحقًا.

تنتقد موزلي براون بوضوح صعود دونالد ترامب، معتبرةً أنه استغل الانقسامات العرقية والثقافية، بينما لم يجد الحزب الديمقراطي ردًا فعّالًا، وهي ترى أن أمريكا حققت تقدّمًا في العِرق أكثر من النوع الاجتماعي، وتروي بأسى كيف نظرت إليها حفيدة أختها الصغيرة بدهشة حين أخبرتها بأنها قد تصبح رئيسة: "لكن يا عمتي، كل الرؤساء رجال!".

إيمان بالمستقبل رغم الجراح

بعد ثلاثين عامًا على حلفها اليمين، تؤمن موزلي براون بأن الديمقراطية قادرة على الصمود، تقول: «يتأرجح البندول… لكن الناس يُقدّرون الديمقراطية، علينا ألا نيأس، جوهر الحياة العامة هو أن نخدم الآخرين".

كارول موزلي براون دخلت التاريخ عام 1993 بصفتها أول امرأة أمريكية من أصل إفريقي تنتخب في مجلس الشيوخ الأمريكي. دافعت خلال مسيرتها عن قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق المرأة، وخاضت تحديات سياسية واجتماعية صعبة في زمن لم يكن يتقبل بسهولة امرأة سوداء في موقع سلطة، روت قصتها في مذكراتها «Trailblazer» لتكون مصدر إلهام للأجيال المقبلة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية