"فايننشيال تايمز": علماء يتهمون "ميتا" بتضليل مناخي يهدد حق المجتمعات في بيئة آمنة

"فايننشيال تايمز": علماء يتهمون "ميتا" بتضليل مناخي يهدد حق المجتمعات في بيئة آمنة
البيئية - أرشيف

اتهم مجموعة من العلماء شركة "ميتا" بإثارة آمال زائفة حول إمكانيات الذكاء الاصطناعي في مواجهة تغير المناخ، وذلك بعد أن اعتمدت الشركة، وفقًا لخبراء، على بيانات غير دقيقة لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي يزعم تحديد مواد قادرة على إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء.

ووفقا لتقرير نشرته صحيفة "فايننشيال تايمز"، اليوم الخميس، أثارت مبادرة الشركة، التي نُشرت نتائجها العام الماضي بالتعاون مع معهد جورجيا للتكنولوجيا، موجة انتقادات من علماء مستقلين، اعتبروا أن البيانات المستخدمة لم تكن صالحة علميًا، وأن المواد المقترحة في الدراسة تفتقر إلى الخصائص الأساسية المطلوبة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون بكفاءة.

وأعلنت شركة ميتا العام الماضي أنها ساهمت في حل واحدة من أكثر تحديات المناخ تعقيدًا، من خلال تطوير قاعدة بيانات "رائدة" لمواد يُفترض أنها قادرة على سحب ثاني أكسيد الكربون من الجو، حيث درّبت الشركة نماذج تعلم آلي مفتوحة المصدر على هذه البيانات، معلنة أنها أتاحت للباحثين أدوات متقدمة لتسريع البحث في هذا المجال.

واتهم باحثون من جامعة هيريوت وات والمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في لوزان (EPFL) الشركة بالمبالغة، وأنكر العلماء أن المواد الـ135 التي وصفتها ميتا بأنها "مرشحة واعدة" تمتلك فعليًا القدرة على التقاط ثاني أكسيد الكربون كما زُعم، بل ذهب بعضهم إلى القول إن بعض هذه المواد لا وجود لها على الإطلاق.

وصف أستاذ الهندسة الكيميائية في المعهد الفيدرالي السويسري، بيريند سميت، نتائج ميتا بأنها "هراء علمي"، مؤكدًا أن "نهج شركات التكنولوجيا الكبرى يتّسم بالاندفاع: افعل أولًا، ثم فكّر لاحقًا"، وهو ما يعكس تجاهلًا لمنهجية البحث العلمي الرصين.

رد ميتا

ردت شركة ميتا بأن بياناتها اعتمدت على "حسابات صحيحة علميًا ومفيدة لتدريب نماذج تعلم الآلة"، وأكدت تمسكها بنهج المصادر المفتوحة، قائلة إن الشفافية تعزز التعاون العلمي وتُسرّع من وتيرة الابتكار.

استثمرت كبرى شركات التكنولوجيا في تقنيات إزالة الكربون في السنوات الأخيرة، بما في ذلك أدوات التقاط الهواء المباشر (DAC)، في محاولة لتعويض الانبعاثات الناتجة عن مراكز البيانات الضخمة التي تدعم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي.

أعلنت شركة مايكروسوفت التزامها بشراء كميات كبيرة من أرصدة الكربون الناتجة عن تقنيات DAC، بينما وقّعت ميتا اتفاقيات مع شركات ناشئة في المجال لشراء اعتمادات الكربون مستقبلًا، رغم أن التقنية لم تُثبت فاعليتها التجارية حتى الآن.

أهداف المشروع البحثي

صرح الأستاذ المشارك في معهد جورجيا للتكنولوجيا، أ. ج. ميدفورد، أحد مؤلفي الدراسة، بأن منتقدي الدراسة أخطأوا في فهم هدفها، وأوضح أن الفريق لم يهدف إلى تحديد مواد جديدة بشكل نهائي، بل إلى اختبار أدوات تصنيف أكثر تطورًا وتحديد العقبات القائمة في البحث.

نفذ فريق ميتا أكثر من 40 مليون عملية حسابية ضمن مجال ميكانيكا الكم، بهدف بناء قاعدة بيانات لهياكل كيميائية تُعرف بالأطر المعدنية العضوية، والتي يُتوقع أن ترتبط بجزيئات ثاني أكسيد الكربون دون امتصاص بخار الماء أو مكونات الهواء الأخرى.

أكدت الشركة أن المشروع تطلب طاقة حوسبة تفوق بمئات المرات قدرات أي مختبر أكاديمي متوسط خلال عام واحد، مشيرة إلى أن النماذج التي درّبتها كانت "أسرع بكثير من المحاكاة الكيميائية التقليدية" في تحديد المواد الواعدة.

اتهامات بالمبالغة

قال باحثون مستقلون حاولوا إعادة إنتاج النتائج إن أداة ميتا بالغت في تقدير قدرة المواد الكيميائية على جذب ثاني أكسيد الكربون، وإن النماذج المستخدمة لم تكن مناسبة للأهداف المناخية المرجوة، أشاروا إلى أن إحدى أبرز المشكلات تمثلت في استخدام عناصر كيميائية أُدرجت بشكل خاطئ ضمن قاعدة بيانات أكاديمية، جرى تحديثها لاحقًا.

من جانبها أكدت ميتا أن بعض المواد في قائمتها "واعدة وتستحق دراسة أعمق"، لكنها اعترفت في الوقت نفسه بأن بعض الحسابات ارتبطت بهياكل "غير منطقية أو غير مستقرة" من الناحية الإلكترونية أو التركيبية، وأضافت أن المؤلفين أشاروا بوضوح إلى هذه الإشكالات في نص البحث المنشور.

وأثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخفض الدعم لمشاريع الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة مخاوف في أوساط العاملين على تطوير تقنيات التقاط الكربون، ورغم بقاء الإعفاءات الضريبية لهذه التقنية محمية جزئيًا في إطار قانون الضرائب والإنفاق، فإن مناخ الاستثمار في هذا المجال بات أكثر تعقيدًا.

أعلنت شركة "كلايم ووركس" السويسرية، إحدى الشركات الرائدة في تطوير تكنولوجيا التقاط الهواء المباشر، في مايو الماضي عن تسريح أكثر من 100 موظف، رغم أنها لا تعتمد على المواد التي حددتها دراسة ميتا، مع ذلك، أعلنت الشركة بعد أشهر أنها تجاوزت حاجز المليار دولار في تمويل الأسهم، واعتبر مسؤولوها أن ذلك يعكس "ثقة متزايدة من المستثمرين" في مستقبل التقنية.

أقل فاعلية من الحلول البديلة

صرّح المسؤول عن سياسات إزالة الكربون في منظمة كاربون ماركت ووتش غير الحكومية، ويناند ستوفس، بأن تكنولوجيا التقاط الهواء المباشر تُروَّج لها بشكل مبالغ فيه من قِبل شركات التكنولوجيا الكبرى، مشيرًا إلى أن تكلفتها العالية واستهلاكها الكبير للطاقة تجعلها أقل فاعلية من الحلول البديلة، مثل التحول إلى الطاقة النظيفة، وحذر من أن هذا التوجه قد يؤدي إلى "أزمة ثقة" في جدوى الأدوات المناخية المدعومة من القطاع الخاص.

ورغم ذلك، رحّب علماء بمبادرة ميتا لفتح بياناتها ومشاركة أدواتها، معتبرين أن هذه الشفافية تتيح لمجتمع البحث التقدم بشكل أسرع نحو حلول فعالة.

قالت أستاذة الهندسة الكيميائية وهندسة العمليات في جامعة هيريوت وات، سوزانا غارسيا، إن "النهج المفتوح الذي اعتمدته ميتا مكّن المجتمع العلمي من الغوص في تفاصيل التقنية وتحديد مواطن الخلل، وهو أمر ضروري لتطوير أدوات أكثر دقة وكفاءة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية