من الفاشر إلى غزة.. الجوع بات أداة حرب تستهدف أجساد النساء وأرواحهن

من الفاشر إلى غزة.. الجوع بات أداة حرب تستهدف أجساد النساء وأرواحهن
نساء في غزة يواجهن الجوع والألم - أرشيف

في مناطق الحصار والنزاع المسلح، يتحول الجوع إلى أداة حرب صامتة تستهدف أجساد النساء وأرواحهن، لتجعل من كل وجبة معركة للبقاء، فمن غرب السودان إلى غزة، تواجه النساء التجويع الممنهج كأحد أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، ويبتكرن طرقاً للمقاومة في ظروف تحرمهن من أبسط مقومات الحياة. 

هذه الشهادات ليست مجرد وصف لمعاناة تتعرض لها النساء في مناطق النزاع، بل وثيقة حية عن صمود إنساني يستحق أن يُسمع ويُحاكم المسؤولون عنه، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم السبت.

وتتحمل النساء العبء الأكبر في سياقات الحصار، إذ يُنظر إليهن كحارسات للحياة ومسؤولات عن تأمين الغذاء ورعاية الأسرة، وعندما يُمارس التجويع الممنهج، فإنه يستهدف المرأة لتنهار الأسرة من بعدها. 

ويتجلى هذا العنف في حرمان النساء من الموارد، وقطع الخدمات الصحية، وفرض العزلة، ما يجعل الجوع سلاحاً ذا أثر مباشر في النوع الاجتماعي.

الفاشر.. معركة ضد العدم

قالت المديرة التنفيذية لمنظمة "كيان" لتمكين المرأة، مريم حامد، إنه في الفاشر، تحت الحصار والاشتباكات المستمرة، تخرج النساء فجراً بحثاً عن فتات الغذاء والماء. 

وأضافت حامد، تحولت بقايا الفول السوداني المخصصة للحيوانات إلى طعام يومي للأطفال، ورغم الخطر، تنظم النساء مبادرات جماعية للطهي وتقاسم ما تبقى من الموارد، مثبتات أن التضامن قد يكون سلاح البقاء الأخير.

وتابعت: في كادوقلي، يغيب دوي القصف لكن يحضر الخنق المعيشي، تغلي النساء أوراق التبلدي لساعات لإعداد ما يشبه وجبة، فالخدمات الصحية شبه معدومة، والزراعة انهارت، تاركة آلاف الأسر في مواجهة مجاعة صامتة. 

وللتعبير عن حجم المعاناة، تقول إحدى النساء: "نغلي أوراق الأشجار فقط لنخدع أجسادنا لعلها تصمد قليلاً".

انهيار الحياة اليومية

في الأُبيّض، كانت الأسواق مزدهرة قبل أن يغلق الحصار أبوابها، الآن، تبيع النساء ما تبقى من ممتلكاتهن للحصول على القليل من الدقيق، ورغم ذلك، يواصلن إدارة الحياة داخل البيوت، وتحويل الضعف إلى مصدر قوة يقي الأسر من الانهيار الكامل.

وفي غزة، الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 17 عاماً جعل الجوع سياسة عقاب جماعي. النساء هناك يواجهن حرماناً مركباً من احتلال، وقصف، وفقدان موارد، وفقدان أحباء. 

شهادات الأمهات تكشف المأساة، وقالت إحدى السيدات: "ابني توفي بين يدي، كنت أعلم أنه جائع، لكن لم يكن بيدي شيء"، الجوع هنا ليس عارضاً، بل قرار سياسي يضرب الحياة في قلبها.

للجوع ملامح نسوية

من الفاشر إلى غزة، تثبت النساء أنهن لسن ضحايا صامتات، بل فاعلات في معركة البقاء، يبتكرن طرقاً للتأقلم مع الندرة، ويحتضن أطفالهن وسط الخراب، ويحوّلن الصمت إلى شهادات. 

لكن هذه الجريمة لا تسقط بالتقادم، ويجب فتح تحقيق دولي لمحاسبة المسؤولين عن استخدام التجويع سلاحاً، وضمان ممرات إنسانية، وإشراك النساء في خطط الاستجابة الإنسانية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية