بسبب الاختفاء الغامض.. متطوعون يعاونون الشرطة بحثاً عن المفقودين في فرنسا
بسبب الاختفاء الغامض.. متطوعون يعاونون الشرطة بحثاً عن المفقودين في فرنسا
في مواجهة آلاف حالات الاختفاء الغامضة التي تُسجَّل سنوياً في فرنسا، ينهض عشرات المتطوعين بدور غير مألوف، إذ يتحولون إلى "شرطة ظل" يعملون في الميدان أو عبر الإنترنت، سعياً لحل ألغاز فقدان أشخاص تركوا وراءهم أسراً مكلومة وأسئلة بلا أجوبة.
مع بداية أغسطس، اختفى مارك (59 عاماً) من منزله في مرسيليا، تاركاً هاتفه وأدويته، سارعت ابنته للتبليغ عنه لدى السلطات ولدى جمعية المساعدة والبحث عن المفقودين (ARPD)، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الاثنين.
بمجهود استثنائي، حملت بولين شاربي، المحققة المتطوعة والخبيرة في علم الأنساب، صورته وجابت شوارع باريس، بحثت في المستشفيات والملاجئ، وراقبت تحركات حساباته المصرفية.
وفيما لم تسفر الجهود في مرسيليا عن شيء، ظهر مارك بعد أسبوعين في العاصمة، من دون تفسير لاختفائه.. تقول بولين: "ما زلنا نبحث عن إجابات"، في جملة تعكس مأساة الكثير من العائلات.
شبكة من المتطوعين
تضم الجمعية نحو 850 عضواً من مختلف الخلفيات.. معلمون، أطباء، عمال، وحتى خبراء أنساب، يجندون وقت فراغهم لمتابعة قضايا تُقدَّر بنحو 400 حالة مفتوحة حالياً.
ويقول رئيس الجمعية، المفوض السابق في الشرطة برنار فاليزي: "في بعض القضايا المقلقة نعمل مع السلطات بشكل وثيق، لكن أحياناً تنتهي التحقيقات الرسمية فيما تظل الأسئلة بلا أجوبة. هنا يتدخل المتطوعون لاكتشاف خيوط جديدة".
تقدّر الجمعية أن 60 ألف شخص يختفون سنوياً في فرنسا، ورغم أن معظم القضايا تُحل سريعاً، تبقى أخرى "باردة"، فيما تواصل العائلات البحث بمساعدة المتطوعين.
قضايا عالقة منذ عقود
من بين هؤلاء المتطوعين، تكرّس إيزابيل كلوزان (57 عاماً) وقتها لقضية قديمة تعود لعام 1968، عندما اختفت تيريز فجراً مرتدية رداء النوم.
ورغم مرور أكثر من نصف قرن، تصر إيزابيل على محاولة حل اللغز، قائلة: "مرّ الوقت، وهذا ليس في صالحنا، لكن الأمل لا يموت"، تقول وهي تستعين بمهاراتها في التحقيق عبر المصادر المفتوحة.
وإلى جانب البحث البشري، تستعين الجمعية بخبراء وكلاب مدرَّبة لتتبع الروائح. فاليري روسو، معلمة لغة فرنسية، شاركت مع كلبها "غوثام" في العثور على جثة رجل ثمانيني مصاب بألزهايمر سقط في غابة كثيفة.
تقول: "لولا تدخلنا، لما عُثر عليه قبل الخريف"، مؤكدة أن الأثر البشري يمكن أن يوجه السلطات إلى ضفة نهر أو رصيف قطار.
يشبه العثور على كنز
بالنسبة لبولين شاربي، لا يقتصر الأمر على المساعدة التقنية، بل يحمل معنى إنسانياً عميقاً: "العثور على شخص مفقود يشبه إلى حد ما العثور على كنز"، تقول بابتسامة متعبة.
وبينما يبقى بعض المفقودين أسراراً معلقة بين الغياب والحضور، يشكل عمل هؤلاء المتطوعين شريان أمل للعائلات، في بلد يختفي فيه الآلاف سنوياً، ويُعاد بعضهم إلى أحضان ذويهم بفضل جهود مواطنين عاديين اختاروا لعب دور المحققين.