معاناة الأسر الإيرانية مع بداية العام الدراسي.. تكاليف تثقل كاهل الفقراء
معاناة الأسر الإيرانية مع بداية العام الدراسي.. تكاليف تثقل كاهل الفقراء
تواجه آلاف الأسر الإيرانية، خاصة ذات الدخل المحدود، ضغوطاً مالية خانقة مع بداية شهر سبتمبر من كل عام، وهو موعد تسجيل الطلاب في المدارس، ورغم أن التعليم المجاني يُفترض أن يكون حقاً أساسياً تضمنه الحكومة، فإن تطبيقه يبقى ناقصاً، ما يحوّل العام الدراسي إلى عبء إضافي يثقل كاهل المواطنين.
ويجد كثير من الأهالي أنفسهم أمام قائمة طويلة من المصاريف تشمل الكتب والزي المدرسي ورسوم التسجيل والتأمين ورواتب بعض العاملين، ما يدفع بعضهم إلى التفكير في حرمان أطفالهم من التعليم، خصوصاً في أطراف المدن حيث تتفاقم الأزمة، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، السبت.
وارتفعت أسعار الكتب الدراسية خلال السنوات الأخيرة بأكثر من 100% من دون أي تحديث جوهري في محتواها، ما يضطر الأهالي إلى شرائها سنوياً.
وتصل رسوم مرحلة ما قبل المدرسة إلى مستويات باهظة، إذ لا يقل تسجيل الطفل الواحد في بعض المناطق عن 12 مليون تومان، وقد يرتفع إلى 18 مليوناً، في حين لا تسمح المدارس بالانتقال إلى الصف الأول من دون المرور بهذه المرحلة.
وحتى عندما تتاح إمكانية تقسيط الرسوم، فإنها غالباً لا تتجاوز ثلاث دفعات، وهو ما يعجز كثيرون عن سداده.
شهادة من الميدان
تحكي معصومة محمدي، وهي أم لثلاثة أطفال من حي نايَسَر في أطراف مدينة سنه، قصتها قائلة: "المدارس الحكومية هنا في حالة سيئة من حيث النظافة والخدمات، لكن تكاليفها مثل تكاليف المدارس في الأحياء الراقية، وهذا غير منطقي".
وتوضح أن تسجيل طفلين لها في الصف الرابع والسادس كلّف مبالغ طائلة، تضاف إليها كلفة الزي المدرسي والكتب والرسوم الأخرى التي تُفرض تحت ذرائع مختلفة على مدار العام.
وتقول محمدي إنها تعيش في منزل بالإيجار وزوجها عامل يومي، بينما تضطر هي للعمل بشكل متقطع في الحياكة وتحضير المخللات والمشاركة في مواسم الحصاد، لكن كل ذلك لا يغطي سوى جزء بسيط من النفقات.. "الأطفال يعانون من سوء التغذية والمرض المتكرر، وأنا نفسي أصبت بالاكتئاب بسبب الضغوط، لكن لا أملك رفاهية الاعتراف بمرضي لأنني مسؤولة عن أسرة كبيرة".
التعليم عن بُعد.. عبء إضافي
تتحدث محمدي أيضاً عن التحديات الجديدة المرتبطة بالتعليم الإلكتروني، فتقول: "إذا وقعت حرب أو ظروف طارئة، يتحول التعليم إلى الإنترنت عبر تطبيق شاد، وهذا يتطلب هاتفاً ذكياً واتصالاً بالإنترنت، وهو ما لا نملكه، كما أن التعليم عن بُعد يحتاج أماً متعلمة لمساعدة الأطفال، لكن مستواي التعليمي محدود".
وتؤكد محمدي أنه حتى الرسوم غير الرسمية تشكل عبئاً، فمثلاً طُلب من أسرتها العام الماضي دفع 45 ألف تومان شهرياً كراتب لحارس المدرسة، رغم أن هذه المسؤولية تقع على عاتق وزارة التربية.
وجُمعت مبالغ بمناسبات مختلفة مثل "يوم المعلم" أو "إصلاح الأدوات"، في حين يعيش أطفالها بلا ملابس أو غذاء مناسب ويتعرضون أحياناً للإهانة في المدرسة بسبب مظهرهم.
غياب الدعم وتهديد المستقبل
تشير محمدي بحزن إلى أن الجمعيات الخيرية التي كانت تقدم مساعدات بسيطة كتوفير الحقائب والأحذية توقفت عن ذلك بحجة كثرة المحتاجين.
وتقول: "الحذاء والملابس الجديدة أصبحا حلماً، إذا أجبرت على إخراج أطفالي من المدرسة، فلن أسامح نفسي أبداً"، أما مؤسسات الرعاية الاجتماعية، فتقترح عليها تسليم أطفالها إليها بدلاً من تقديم الدعم، وهو ما ترفضه خوفاً على أطفالها من الأذى النفسي.
تعكس شهادة محمدي واقع آلاف العائلات التي ترى أن الحكومة تتعمد تجاهل أوضاعها، في ظل غياب دعم حقيقي للأسر الفقيرة.
ويخشى كثيرون أن يؤدي استمرار هذا الوضع إلى حرمان جيل كامل من حقه في التعليم، وهو ما قد يفاقم دوائر الفقر والحرمان لسنوات مقبلة.