احتجاجات وقمع وغياب الحلول.. أزمة تعصف بالتعليم الثانوي في إيران
احتجاجات وقمع وغياب الحلول.. أزمة تعصف بالتعليم الثانوي في إيران
مع اقتراب العام الدراسي الجديد في إيران، واجه طلاب الثانوية المهنية للبنين في مدينة أنار بمحافظة كرمان أزمة حقيقية، بعد أن تُركوا من دون أماكن دراسية واضحة، ما أدخلهم وأسرهم في حالة من الضياع.
وذكرت صحيفة هم میهن، الأربعاء، أن أولياء أمور 140 طالباً بمدرسة "رئیسي" المهنية راجعوا مراراً دوائر التربية والتعليم مطالبين بتحديد مصير أبنائهم، لكنهم لم يجدوا سوى وعود مؤجلة وقرارات متضاربة.
وقوبلت الاعتراضات السلمية التي نظمها أولياء الأمور بتعامل أمني صارم؛ إذ جرى استدعاء عدد منهم إلى الأجهزة الأمنية للتحقيق، فيما فُتحت ملفات قضائية للبعض الآخر.
وأكدت العائلات أن السلطات بدلاً من معالجة أزمة تعليم أبنائهم، واجهتهم بالتهديد والضغط.
استقالة المدير تحت الضغط
تزامناً مع الأزمة، قدّم حسين ميركي، مدير ثانوية "رئیسي" المهنية، استقالته بعد استدعائه إلى دائرة الاستخبارات.
وأوضح في حديثه لصحيفة هم میهن أنه أراد الحفاظ على كرامة المدرسة والطلاب، لكن "مع التدخلات السياسية، وانعدام الشفافية، والنظرة المتعالية للمسؤولين تجاه العائلات، لم يعد ممكناً الاستمرار في إدارة المدرسة".
وأشارت حملة حقوق الإنسان في إيران إلى أن الأزمة التعليمية تترافق مع تصعيد أمني ضد المعلمين والنقابيين، فمنذ 1 يونيو وحتى 19 سبتمبر، جرى اعتقال أو استدعاء أو استجواب ما لا يقل عن 45 معلماً وناشطاً نقابياً، وأدين بعضهم في محاكم الثورة من دون احترام الضمانات القانونية أو حق الدفاع.
أزمة الأماكن الدراسية
بدأت مدرسة "رئیسي" عملها العام الماضي في ظروف غير مستقرة، وكان من المقرر نقلها إلى مبنى دائرة التربية والتعليم، لكن الأخيرة رفضت تسليم المبنى قبل أسابيع من افتتاح المدارس.
ونتيجة لذلك، لجأت السلطات إلى حل مؤقت تمثل في تخصيص مبنى مدرسة للبنات وتحويله إلى ثانوية للبنين، ونقل الطالبات إلى مدرسة أخرى مكتظة.
وأثار هذا القرار استياء عائلات الطالبات أيضاً، إذ لم يُستشر أحد قبل اتخاذه.
شهادات من الأهالي
قالت جميلة زعيم حسيني، رئيسة جمعية أولياء الأمور والمعلمين بالمدرسة، والتي استدعيت بدورها للتحقيق وواجهت ملفاً قضائياً: "جئنا فقط لمتابعة حق أبنائنا، لكننا وُوجهنا بتعامل أمني بدلاً من الحلول".
وأكدت أن مطلب الأهالي لا يتجاوز توفير أماكن مناسبة ومدير كفء.
من جانبها، أوضحت والدة أحد الطلاب أن الوضع الاقتصادي الصعب يمنع الأسر من إرسال أبنائهم إلى مدارس خاصة أو بعيدة، بينما ذكرت والدة أخرى أن احتجاجات عائلات الطالبات لم تلقَ أي استجابة، رغم اكتظاظ الصفوف الجديدة.
أزمة على مستوى البلاد
لا تقتصر المشكلة على أنار وحدها، إذ تشير تقديرات منظمة التحديث والتطوير وتجهيز المدارس إلى وجود عجز يفوق 102 ألف صف دراسي في عموم إيران.
وشكّل النقص المزمن في البنية التحتية أحد الأسباب الرئيسية لتسرب الطلاب من التعليم، خاصة في القرى والمناطق المحرومة.
وتُظهر أزمة أنار بوضوح التداخل بين الإهمال الإداري والتدخل الأمني، حيث يتم التعامل مع مطالب الأهالي والمعلمين كقضية أمنية بدل أن تُنظر كحق أساسي في التعليم.
ويخشى ناشطون أن يؤدي استمرار هذه السياسات إلى حرمان أجيال جديدة من حقها في التعلم، وتعميق الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، في وقت يشهد فيه المجتمع الإيراني ضغوطاً اقتصادية غير مسبوقة.