إيطاليا تعلن خطة لتوسيع "الهجرة النظامية" عبر التدريب المهني في دول المنشأ
إيطاليا تعلن خطة لتوسيع "الهجرة النظامية" عبر التدريب المهني في دول المنشأ
أكد وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي، خلال مؤتمر نظمته مؤسسة مايريط في العاصمة روما، أن حكومة بلاده تعمل على تعزيز قنوات الهجرة القانونية من خلال برامج تدريب وتأهيل مهني للمهاجرين في بلدانهم الأصلية، معتبراً أن الهجرة النظامية تمثل "الطريق الأكثر أماناً وصحةً" لتلبية احتياجات سوق العمل الإيطالي المتعطش للأيدي العاملة المؤهلة.
وشدد الوزير الإيطالي على أن معالجة ظاهرة الهجرة لا تقتصر على استقبال المهاجرين، بل تبدأ من بلدانهم الأصلية، قائلاً: "لا يكفي أن نوفر المأوى، بل يجب علينا إعداد المهاجرين وتأهيلهم مهنياً، لتمكينهم من دخول سوق العمل بطريقة منظمة ومستدامة"، بحسب ما ذكر موقع "مهاجر نيوز"، الأربعاء.
وأوضح بيانتيدوسي أن العمل المشترك مع الحكومات الشريكة والمنظمات الدولية يُعد ركيزة أساسية في هذه الاستراتيجية الجديدة.
وأضاف أن بلاده تعمل على إنشاء مسارات تدريبية قبل مغادرة المهاجرين لبلدانهم، بالتعاون مع القطاعين العام والخاص، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمكّنهم من اكتساب المهارات المطلوبة في القطاعات الحيوية مثل البناء، والصناعات التحويلية، والطاقة الخضراء.
شراكات في شمال إفريقيا
استعرض الوزير الإيطالي عدداً من المشاريع الجارية، موضحاً أن روما تتعاون مع الرابطة الوطنية للمقاولين في تونس، ومع الاتحاد الوطني للحرف والشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر، كما تخطط لإطلاق مبادرة جديدة مع الاتحاد الإيطالي للأشغال العامة لاستقدام عمالة متخصصة في قطاع الترميم والبناء.
وقال بيانتيدوسي إن هذه المبادرات تُمثل "نموذجاً عملياً لكيفية تحويل الهجرة من أزمة إلى فرصة تنمية"، مشيراً إلى أن نحو 60% من المشاركين في برامج التدريب بتونس كانوا ينوون الهجرة بطريقة غير قانونية قبل انضمامهم إلى المشاريع، ما يعكس –بحسب قوله– نجاح هذه البرامج في تقليص الهجرة غير النظامية عبر توفير بدائل مشروعة.
ومن جانبها، أشادت كيارا كاردوليتي، مندوبة وكالة الأمم المتحدة للاجئين لدى إيطاليا والكرسي الرسولي وسان مارينو، عبر تغريدة على منصة "إكس"، بالجهود المبذولة ضمن مبادرة مايريط، مؤكدة أن "الاندماج ليس صدفة، بل ثمرة جهد جماعي"، وأوضحت أن التعاون بين المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة يفتح فرصاً جديدة للعمل والحماية للمهاجرين في إيطاليا.
وأكد بيانتيدوسي أن بلاده تسعى إلى تحقيق توازن بين الأمن والتنمية والحقوق الإنسانية، قائلاً: "نحتاج إلى نهج متكامل يجمع بين مكافحة التهريب وضمان الأمن وحماية الحدود، وبين احترام الكرامة الإنسانية وإيجاد مسارات قانونية للهجرة".
الهجرة كفرصة اقتصادية
اعتبر الوزير الإيطالي أن تدفقات الهجرة يمكن أن تكون مصدراً للقوة الاقتصادية إذا أُديرت بشكل منظم، موضحاً أن التحدي يكمن في تحويل الهجرة من عبء إلى رافعة إنتاجية، خصوصاً في ظل التحول البيئي والرقمي الذي تشهده أوروبا.
وقال بيانتيدوسي إن "الهجرة ليست بالضرورة مشكلة، بل يمكن أن تكون فرصة لتعزيز أنظمتنا الإنتاجية ودعم مجتمعاتنا، شريطة إدارتها ضمن إطار قانوني وإنساني واضح".
وفي سياق موازٍ، أعلن الوزير الإيطالي عن مواصلة عمليات إعادة المهاجرين المقيمين بشكل غير قانوني، مشيراً إلى أن السلطات أعادت الأسبوع الماضي 114 مهاجراً إلى بلدانهم الأصلية، ضمن سياسة تهدف إلى الحد من تدفقات الهجرة غير النظامية عبر البحر الأبيض المتوسط.
واختتم بيانتيدوسي كلمته بالتأكيد على أن موقع إيطاليا الجغرافي عند مفترق طرق الهجرة في المتوسط يفرض عليها مسؤوليات مزدوجة، تتمثل في حماية الحدود ومكافحة الشبكات الإجرامية من جهة، وبناء أدوات للتعاون والتنمية المنظمة من جهة أخرى، بما يضمن إدارة عادلة ومستدامة لظاهرة الهجرة التي تمس أمن واستقرار المنطقة بأسرها.