الأمم المتحدة: برد الشتاء والمدارس يؤخران عودة اللاجئين السوريين من الأردن إلى ديارهم
الأمم المتحدة: برد الشتاء والمدارس يؤخران عودة اللاجئين السوريين من الأردن إلى ديارهم
قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن عدداً متزايداً من اللاجئين السوريين في الأردن يخططون لتأجيل عودتهم إلى بلادهم حتى انتهاء فصل الشتاء، بسبب تردي أوضاع السكن وصعوبة التنقل في الطقس البارد، إلى جانب ارتباط العائلات بمواعيد العام الدراسي.
وأوضح تقرير المفوضية، بحسب ما أوردته قناة "المملكة" الأردنية اليوم الثلاثاء، أن الكثير من اللاجئين يفضلون الانتظار حتى تحسن الظروف المعيشية والمناخية قبل اتخاذ قرار العودة النهائية إلى سوريا، متوقعةً أن يتكرر هذا النمط خلال فصل الشتاء المقبل.
تأثير موسمي واضح في حركة العودة
وأشارت مفوضية شؤون اللاجئين إلى أن وتيرة العودة عادة ما تنخفض خلال شهر رمضان، إذ يختار كثير من اللاجئين البقاء في الأردن خلال الشهر الفضيل، ومع حلول رمضان في فصل الشتاء عام 2026، يُتوقع أن تؤجل العديد من الأسر عودتها إلى ما بعد عيد الفطر.
وتُظهر تحليلات بيانات العودة أن حركة اللاجئين موسمية وتتأثر بعوامل عدة، من أبرزها الأوضاع الأمنية في سوريا، والتقويم الدراسي، والطقس، إضافة إلى العطلات الدينية. وتكون ذروة العودة عادة في شهر يوليو، قبل أن تتراجع تدريجياً خلال أغسطس وسبتمبر.
أنماط ديموغرافية مستقرة
وبحسب المفوضية، عاد نحو 165 ألف لاجئ سوري مسجل لديها من الأردن إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024 وحتى منتصف أكتوبر 2025، وبيّنت أن خصائص العائدين بقيت مستقرة نسبياً، إذ تمثل النساء والفتيات نحو 49% من إجمالي العائدين، والأطفال 43%، بينما يشكل الرجال بين 18 و40 عاماً نحو 19%.
وأوضحت البيانات أن معظم اللاجئين السوريين العائدين يغادرون من المجتمعات الحضرية، خصوصاً من عمّان وإربد، وليس فقط من المخيمات، كما تظهر الإحصاءات أن 57% من الأسر العائدة غادرت بكامل أفرادها، بينما شهدت 43% عودات جزئية حيث بقي بعض أفراد الأسرة في الأردن.
استراتيجيات مختلفة للعودة
ووفقاً لشهادات اللاجئين، تعتمد الأسر أساليب متنوعة للعودة بحسب ظروفها المعيشية، ففي نصف الحالات تقريباً تعود الزوجات أولاً إلى سوريا، فيما يبقى الأزواج في الأردن لمتابعة العمل، بينما في النصف الآخر يعود الأزواج أولاً لتأمين السكن والاستقرار قبل التحاق بقية أفراد الأسرة.
مساعدات نقدية ودعم لوجستي
وفي إطار تسهيل العودة الطوعية، تواصل المفوضية تنفيذ مبادرة المساعدات النقدية التي أطلقتها في مخيمي الزعتري والأزرق، وتشمل المعايير الجديدة الأسر الكبيرة التي تضم سبعة أفراد أو أكثر، والعائلات التي عاد بعض أفرادها بالفعل إلى سوريا، إضافة إلى الأسر التي تعيلها نساء أو تضم أشخاصاً من ذوي الإعاقة أو مرضى مزمنين أو كبار السن.
حتى 20 أكتوبر الجاري، قدمت المفوضية المساعدات النقدية لنحو 1650 لاجئاً ضمن المرحلة التجريبية، بينما تلقى الخط الساخن أكثر من 1300 اتصال للاستفسار عن البرنامج، وأثبتت أهلية 41% من المتصلين. يمنح المستفيدون مهلة أسبوعين للعودة بعد استلام الدعم.
كما أكدت المفوضية استمرارها في توفير الدعم اللوجستي لعمليات نقل اللاجئين، مشيرة إلى أنها سهلت انتقال نحو 40 لاجئاً في 23 أكتوبر وحده، ووصل إجمالي المستفيدين من خدمات النقل منذ بداية العام إلى أكثر من 9850 لاجئاً، بالتنسيق مع مكتبها في سوريا لضمان استقبال العائدين ومساندتهم.
عودة طوعية تحفظ الكرامة
وشددت المفوضية على أن قرار العودة إلى سوريا يظل طوعياً بالكامل، مؤكدة التزامها بتوفير الدعم اللازم للاجئين الراغبين في العودة بما يضمن سلامتهم وكرامتهم واستقرارهم المستقبلي.
يستضيف الأردن أكثر من 650 ألف لاجئ سوري مسجل لدى المفوضية السامية، فيما تُقدّر الحكومة العدد الفعلي بأكثر من 1.3 مليون شخص، ويواجه اللاجئون تحديات معيشية متزايدة مع محدودية فرص العمل وارتفاع تكاليف المعيشة، في حين تبقى العودة إلى سوريا مرتبطة بعوامل متعددة تشمل الأمن والاستقرار والقدرة على تأمين سكن وخدمات أساسية.
وترى المفوضية أن دعم اللاجئين في أماكن وجودهم، بالتوازي مع توفير ظروف آمنة وكريمة للعودة، هو الطريق الأنجع لضمان حلول مستدامة للأزمة الممتدة منذ أكثر من عقد.











