خبراء أمميون يحذرون من تدهور حقوق الإنسان في إيران بعد الغارات الأمريكية والإسرائيلية
خبراء أمميون يحذرون من تدهور حقوق الإنسان في إيران بعد الغارات الأمريكية والإسرائيلية
حذّر خبراء حقوقيون مستقلون من تدهور خطير في وضع حقوق الإنسان في إيران عقب الغارات الجوية الإسرائيلية والأمريكية التي استهدفت البلاد في يونيو الماضي، مشيرين إلى أن تداعيات الهجمات الخارجية غذّت حملة قمع داخلي غير مسبوقة طالت نشطاء وأقليات ونساء.
قمع داخلي متزايد
في بيان صدر الجمعة، قالت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إيران، ماي ساتو، إن العدوان الخارجي أدى إلى تغذية قمع داخلي أعمق، معتبرة أن حقوق الشعب الإيراني في الحياة والحرية تواجه تهديداً متصاعداً، وأشارت إلى أن الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها السلطات الإيرانية خلال الأزمة شملت ترحيل آلاف المواطنين الأفغان، وسنّ قوانين جديدة حول قضايا التجسس تقيّد الحقوق المدنية، إلى جانب موجة اعتقالات ومراقبة واسعة استهدفت ناشطين وأفراداً من الأقليات الدينية والعرقية وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
إدانات للهجمات الخارجية وقلق من الإعدامات
أدانت المقررة الخاصة ما وصفته بالهجمات غير القانونية التي شنتها إسرائيل والولايات المتحدة على الأراضي الإيرانية، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 1100 شخص منهم نساء وأطفال، وفي الوقت ذاته، نبهت إلى ارتفاع غير مسبوق في عدد الإعدامات داخل إيران، حيث تلقت تقارير تفيد بتنفيذ أكثر من ألف حكم إعدام منذ سبتمبر الماضي، كثير منها صدر عقب محاكمات وصفتها بأنها غير عادلة أو استندت إلى تهم فضفاضة تتعلق بالأمن القومي.
ودعت ساتو الحكومة الإيرانية إلى اغتنام ما وصفته بـ "اللحظة المحورية" لإعادة بناء الثقة مع الشعب، مؤكدة أن وقف الإعدامات وحماية الحريات الأساسية وتعزيز سيادة القانون تمثل خطوات أولى ضرورية في طريق الإصلاح.
بعثة تقصي الحقائق: القمع في أعلى مستوياته منذ سنوات
في عرضها الأول أمام الجمعية العامة يوم الخميس، سلّطت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن إيران الضوء على التدهور الخطير في الأوضاع الحقوقية عقب النزاع الأخير، وأعربت رئيسة البعثة سارة حسين عن قلقها من آثار الغارات الجوية الإسرائيلية التي أوقعت ضحايا بين المدنيين وألحقت أضراراً بمنشآت طبية ومدارس، إلى جانب الرد الإيراني الذي تضمن إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل.
وأكدت البعثة أن الحكومة الإيرانية أعلنت اعتقال أكثر من 21 ألف شخص حتى منتصف أغسطس الماضي، منهم محامون وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان وأشخاص عبّروا عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أشارت إلى تشريع جديد وسّع نطاق استخدام عقوبة الإعدام في قضايا التجسس وجرّم نشر محتوى تعتبره السلطات معلومات كاذبة.
الأقليات والنساء في مرمى القمع
قالت البعثة إن التصعيد الأخير في القمع أثّر بشكل خاص في الأقليات العرقية والدينية، ومنها الأكراد والعرب وأفراد الطائفة البهائية الذين وُجهت إليهم اتهامات بالتجسس لصالح إسرائيل، كما رصدت تصاعداً مقلقاً في قتل النساء، مع تسجيل أكثر من 60 حالة خلال الأشهر الأخيرة، وسط تعثر الإصلاحات القانونية الرامية إلى مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي وعودة "شرطة الآداب" إلى الشوارع.
قمع عابر للحدود وإفلات من العقاب
وثّقت البعثة كذلك حالات من القمع العابر للحدود تمثلت في تهديد ومراقبة عائلات صحفيين إيرانيين يعيشون في الخارج، وأكدت أن هذه الممارسات تمثل نمطاً ممنهجاً من سياسات القمع والإفلات من العقاب التي أصبحت جزءاً من منظومة السيطرة الداخلية في إيران، ولفت عضو البعثة ماكس دو بليسيس إلى أن تنفيذ الإعدامات على نطاق واسع ومنهجي قد يشكل جريمة ضد الإنسانية يمكن أن يحاسب عليها المسؤولون، ومنهم القضاة الذين يصدرون تلك الأحكام.
أُنشئت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن إيران عام 2022 بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بهدف رصد الانتهاكات وتوثيقها بعد احتجاجات واسعة اندلعت عقب وفاة الشابة مهسا أميني، كما يعمل المقررون الخاصون والخبراء المستقلون التابعون للمجلس، ومنهم ماي ساتو، على مراقبة أوضاع حقوق الإنسان حول العالم وتقديم توصياتهم بشكل مستقل دون أن يكونوا موظفين أمميين أو يتقاضوا أجوراً من الأمم المتحدة.
ويؤكد مراقبون أن التطورات الأخيرة في إيران تمثل اختباراً حقيقياً للمجتمع الدولي في مدى قدرته على التحرك الفعلي لوقف دوامة العنف والإعدامات ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وسط تزايد الدعوات لإعادة فتح قنوات الحوار الحقوقي مع طهران قبل أن يتفاقم الانغلاق السياسي والحقوقي إلى مستويات يصعب احتواؤها.










