بريطانيا على خطى الدنمارك.. خطط جديدة لتشديد سياسات الهجرة واللجوء

بريطانيا على خطى الدنمارك.. خطط جديدة لتشديد سياسات الهجرة واللجوء
وزيرة الداخلية البريطانية، شبانة محمود

تستعد وزارة الداخلية البريطانية للإعلان قبل نهاية شهر نوفمبر الجاري عن حزمة من القرارات الجديدة التي تستهدف تشديد قوانين الهجرة واللجوء في البلاد، في خطوة تمثل تحولًا لافتًا في سياسة حكومة كير ستارمر العمالية تجاه ملف طالما أثار انقسامات داخلية وجدلاً مجتمعياً واسعاً.

وكشفت مصادر حكومية أن لندن تدرس الاستفادة من النموذج الدنماركي في تنظيم دخول الأجانب وإقامتهم، بعدما أظهرت كوبنهاغن قدرة كبيرة على خفض أعداد اللاجئين خلال العقود الأربعة الماضية، بحسب ما ذكرت “الإندبندنت”، اليوم الأحد. 

وأوفدت الحكومة البريطانية فعلاً ممثلاً رسميًا لبحث تفاصيل التجربة على أرض الواقع، وتحديد الإجراءات التي يمكن تكييفها لتناسب البيئة البريطانية.

لكن المراقبين يؤكدون أن نقل التجربة كما هي يبدو معقدًا، نظرًا للفوارق السكانية والاقتصادية والسياسية بين البلدين، فضلًا عن الانقسامات داخل حزب العمال نفسه بشأن مدى تشديد القوانين.

قوانين صارمة في كوبنهاغن

اعتمدت الدنمارك منذ سنوات سياسة صارمة حيال اللاجئين، إذ تمنحهم إقامات مؤقتة فقط إلى حين تحسّن الأوضاع في بلدانهم الأصلية، بما يتيح للحكومة إعادتهم بسهولة متى زالت أسباب اللجوء. 

وتمنع القوانين الدنماركية لمّ الشمل أو الزواج من خارج البلاد إلا وفق شروط محددة، أبرزها تجاوز عمر الشريكين 24 عامًا، والعمل المستقر لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، مع تقديم ضمانات مالية واجتياز اختبار اللغة الدنماركية.

وترى كوبنهاغن أن هذه السياسات تحافظ على هوية البلاد وتمنع تشكّل مجتمعات موازية، فيما يعتبرها منتقدوها تقييداً للحقوق الإنسانية ومظهراً من مظاهر التمييز.

اللغة بين النفور والجذب

تُعدّ اللغة أحد أهم الفوارق بين التجربتين، إذ تمثل الدنماركية حاجزاً لغوياً ينفّر اللاجئين من الاستقرار هناك، بينما تُعدّ الإنجليزية عامل جذب للمهاجرين إلى بريطانيا. 

ومع ذلك، قررت لندن مؤخرًا اشتراط إتقان اللغة الإنجليزية مسبقاً للوافدين، في مسعى لتقليص أعداد المهاجرين وتعزيز اندماجهم في المجتمع. 

وتشير الدراسات إلى أن ضعف الكفاءة اللغوية أسهم في تفاقم مشكلات اجتماعية وإدارية وأعاق اندماج المهاجرين في الحياة العامة.

تحديات الاختلاف الديمغرافي

يعيش في بريطانيا أكثر من 11 مليون شخص من مواليد خارج البلاد، أي ما يعادل نحو 16% من السكان، وهو رقم يعادل ضعف عدد سكان الدنمارك بأكملها. 

هذا الفارق يجعل من استنساخ النموذج الدنماركي مهمة شبه مستحيلة، خصوصاً أن لندن تحتضن مجتمعات متعددة الثقافات متجذرة منذ عقود.

ومع ذلك، تلتقي التجربتان في نقطتين أساسيتين، أولاهما أن اليمين المتطرف في كلا البلدين استغل قضية الهجرة كورقة انتخابية للضغط على الحكومات، والثانية أن الدولتين لا تنويان مغادرة الاتفاق الأوروبي لحقوق الإنسان رغم الانتقادات التي تطالهما من اليمين الشعبوي.

انقسام داخل حزب العمال

تتباين مواقف نواب حزب العمال بشأن الاتجاه الجديد، فقد اعتبرت النائبة نادية ويتوم في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية أن "الاقتداء بالتجربة الدنماركية سيكون مساراً خطراً"، مؤكدة أن بعض سياساتها "ذات طابع عنصري وتميّزي"، وترى أن تبنّيها في بريطانيا قد يكون انتحاراً سياسياً وأخلاقياً.

أما النائب غاريث سنيل فيرى أن هناك ما يمكن الاستفادة منه، خصوصاً فكرة الإقامة المؤقتة للاجئين حتى تتحسن ظروف بلدانهم، مشيراً إلى أن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت بريطانيا قادرة على تقديم حوافز مالية تشجع اللاجئين على العودة إلى أوطانهم، مثلما تفعل الدنمارك التي تعرض نحو 30 ألف دولار أمريكي لمن يقرر المغادرة طوعاً.

ومن جهتها، دعت النائبة جو وايت، التي تقود مجموعة من خمسين نائباً عمالياً، إلى تبني بعض القوانين الدنماركية المتشددة لتفادي خسائر انتخابية أمام حزب "ريفورم" اليميني، معتبرة أن الحكومة يجب أن توازن بين الضغوط الشعبية ومقتضيات العدالة الاجتماعية في ملف الهجرة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية