بين الخوف والعجز.. فصيل يهدد بقتل نجل عائلة سورية إن لم تُدفع الفدية

بين الخوف والعجز.. فصيل يهدد بقتل نجل عائلة سورية إن لم تُدفع الفدية
مسلحون في سوريا- أرشيف

في منزل متواضع على أطراف بلدة تل عران بريف حلب الشرقي في سوريا، تجلس أم خمسينية منهكة من البكاء، تحدق في هاتفها المحمول الذي بات وسيلتها الوحيدة لسماع صوت مَن يحتجز ابنها. منذ أكثر من شهر، لم تعرف العائلة أي خبر مؤكد عن مصير الشاب، سوى اتصالات متقطعة من أشخاص يزعمون انتماءهم إلى فصيل العمشات الموالي لتركيا، يطالبون بفدية قدرها عشرة آلاف دولار مقابل إطلاق سراحه.

الاعتقال الذي جرى في التاسع من أكتوبر الماضي تحول إلى مأساة إنسانية قاسية، إذ لم تفلح العائلة في العثور على ابنها رغم محاولاتها المتكررة للسؤال عنه في مقرات الفصيل بمدينة حلب، ووفق روايات شهود، فقد اعتُقل الشاب ضمن مجموعة من الشبان أُفرج عن بعضهم لاحقًا، بينما بقي هو محتجزًا بلا أثر أو تواصل مباشر، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

تهديدات يومية

تقول الأم بصوت مبحوح إن الاتصالات لا تتوقف، يطلب المتصلون تحويل الأموال بطرق غامضة مثل نظام شام كاش كود، ويرفضون الإفصاح عن هوياتهم أو مكان وجود ابنها، وتضيف أن التهديدات وصلت إلى حد التلويح بتصفيته إذا لم تُدفع الفدية خلال أيام، وقد حاولت العائلة بيع ما تملك من أثاث ومواشٍ، لكن المبلغ المطلوب يفوق قدرتهم، ومع تزايد الضغط والخوف، انهارت الأم نفسيًا وحاولت الانتحار قبل أن يتم إنقاذها ونقلها إلى المستشفى.

اتهامات عبثية

بحسب ذوي الشاب، فإن سبب اعتقاله كان استماعه لأغانٍ كردية عبر هاتفه، وهي تهمة تتكرر كثيرًا في مناطق ريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة فصائل موالية لأنقرة. منظمات حقوقية سورية وثقت خلال العام الحالي عشرات الحالات المشابهة التي جرى فيها اعتقال مدنيين وابتزاز عائلاتهم ماليًا مقابل الإفراج عنهم.

تقول مصادر محلية إن مثل هذه الممارسات أصبحت نمطًا ممنهجًا في سوريا، حيث يُحتجز المدنيون تعسفيًا بتهم واهية، ثم يُطلب من عائلاتهم دفع مبالغ كبيرة عبر وسطاء. في كثير من الحالات، لا يحصل الأهالي حتى على تأكيد بأن أبناءهم ما زالوا على قيد الحياة.

تحذيرات حقوقية

المرصد السوري لحقوق الإنسان ندد باستمرار ما وصفه بموجة الانتهاكات والابتزاز في مناطق سيطرة الجيش الوطني السوري، محذرًا من تحول تلك المناطق إلى بيئة خصبة للجريمة والإفلات من العقاب، وطالب بالكشف الفوري عن مصير الشاب المعتقل وضمان سلامته، ووقف ممارسات التهديد والابتزاز ضد الأهالي، داعيًا إلى تدخل دولي يضمن الحد الأدنى من المساءلة القانونية.

من جهتها، أكدت منظمات حقوقية في سوريا أن استمرار حالات الاعتقال التعسفي يشكل خرقًا واضحًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر احتجاز المدنيين خارج إطار القضاء، كما شددت على أن غياب الرقابة والمحاسبة يساهم في ترسيخ مناخ الخوف ويدفع مزيدًا من العائلات إلى الصمت تجنبًا للانتقام.

منطقة تل عران تقع في ريف حلب الشرقي وتخضع لسيطرة فصائل منضوية ضمن ما يعرف بالجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، ومنذ عام 2018، وثقت منظمات سورية ودولية مئات الانتهاكات في تلك المناطق شملت الاعتقال القسري والابتزاز المالي ومصادرة الممتلكات، وتشير تقارير صادرة عن لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا إلى أن أنماط الانتهاكات في شمال البلاد تُظهر استغلالًا واسعًا للسلطة من قبل بعض الفصائل المسلحة، مع ضعف المساءلة وانعدام الشفافية في أماكن الاحتجاز، كما تؤكد الأمم المتحدة أن استمرار هذه الانتهاكات يقوّض فرص الاستقرار ويعمّق معاناة المدنيين الذين يجدون أنفسهم بين فكي الخوف والفقر والابتزاز.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية