ملف المعتقلين الأجانب.. قلق أوروبي من تقارير عن حكم إعدام لمواطن في إيران

ملف المعتقلين الأجانب.. قلق أوروبي من تقارير عن حكم إعدام لمواطن في إيران
السويد - أرشيف

أعلنت وزارة الخارجية السويدية، السبت، أنها تتابع -بقلق بالغ- تقارير غير مؤكدة تفيد بصدور حكم إعدام بحق مواطن سويدي في إيران، ووصفت هذه المعلومات بأنها بالغة الخطورة، مؤكدة في الوقت ذاته أن موقف السويد والاتحاد الأوروبي من عقوبة الإعدام واضح ولا لبس فيه، وذلك وسط تصاعد المخاوف من مصير المعتقلين الأجانب ومزدوجي الجنسية في السجون الإيرانية.

وأوضحت الوزارة، عبر مكتبها الإعلامي، أن وزارة الخارجية والسفارة السويدية في طهران تعملان بشكل نشط على متابعة القضية وجمع المزيد من المعلومات حول ما يتم تداوله، مشيرة إلى أن التواصل مستمر مع الجهات المعنية من أجل التحقق من صحة التقارير وضمان متابعة الوضع القنصلي للمواطن السويدي المعني وفق قناة "إيران إنترناشيونال".

وأكدت وزارة الخارجية السويدية أن الاعتبارات المتعلقة بسرية الشؤون القنصلية، وحرصها على عدم عرقلة مسار المتابعة أو التأثير سلباً في وضع المواطن المحتجز، تحول دون تقديم تفاصيل إضافية في هذه المرحلة. ويعكس هذا التحفظ الرسمي حساسية الملف وتعقيداته، خاصة في ظل سجل إيران مع قضايا مزدوجي الجنسية والتهم المرتبطة بالتجسس.

استدعاء السفير الإيراني

في تطور لافت، أعلنت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرغارد، أن بلادها استدعت السفير الإيراني في ستوكهولم على خلفية هذه التقارير، وخلال مؤتمر صحفي، أوضحت الوزيرة أن وزارة الخارجية تلقت معلومات تشير إلى أن المواطن السويدي، المتهم بالتجسس، قد صدر بحقه حكم بالإعدام في المرحلة الأولى من المحاكمة، مع التأكيد على أن هذه المعلومات لم يتم تأكيدها بشكل نهائي حتى ذلك الوقت.

وشددت ستينرغارد، من دون الكشف عن هوية المواطن السويدي، على أن موقف السويد والاتحاد الأوروبي من عقوبة الإعدام واضح تماماً، وأن بلادها تعارض إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام في كل مكان ومن دون أي استثناء، معتبرة أن هذه العقوبة تمثل انتهاكاً خطِراً لحقوق الإنسان.

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان السلطة القضائية في إيران، يوم الجمعة 20 ديسمبر، تنفيذ حكم الإعدام بحق عقيل كشاورز، وهو طالب هندسة معمارية في جامعة شاهرود، بتهمة التجسس لمصلحة إسرائيل، وقد أثار هذا الإعدام موجة من القلق في الأوساط الحقوقية والدبلوماسية، خاصة أنه جاء بعد أيام قليلة من زيارة عائلته له في سجن أرومية يوم الخميس 19 ديسمبر.

ويأتي تنفيذ هذا الحكم في سياق تشديد الأجواء الأمنية في إيران بعد الحرب التي استمرت 12 يوماً، والتي شهدت تصعيداً عسكرياً وأمنياً واسعاً، رافقته حملة اعتقالات واسعة بحق مواطنين إيرانيين وأجانب بتهم تتعلق بالتجسس والتعاون مع جهات خارجية.

اعتقال مواطن مزدوج الجنسية

كانت وزارة الخارجية السويدية قد أكدت، يوم الأربعاء 17 ديسمبر، اعتقال مواطن سويدي إيراني مزدوج الجنسية في إيران، وأعلنت أن سفارة السويد في طهران ووزارة الخارجية على تواصل مع عائلة المعتقل، ويأتي هذا التأكيد في ظل تحذيرات سابقة أصدرتها السويد لمواطنيها دعتهم فيها إلى الامتناع عن السفر إلى إيران، بسبب خطر الاعتقالات التعسفية واستهداف الأجانب ومزدوجي الجنسية.

في هذا السياق، أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية أصغر جهانغير، يوم الثلاثاء، اعتقال ومحاكمة مواطن إيراني سويدي مزدوج الجنسية بتهمة التجسس لإسرائيل، مشيراً إلى أن الحكم في هذه القضية سيصدر قريباً، وأوضح أن الدائرة الثانية لمحكمة الثورة في كرج تولت النظر في الملف، وأن الشخص المعتقل حصل على الجنسية السويدية في عام 2020 وأقام في السويد منذ ذلك الحين.

وبحسب تصريحات جهانغير، فإن المتهم سافر عدة مرات إلى إسرائيل، ودخل إيران قبل نحو شهر من اندلاع الحرب التي استمرت 12 يوماً، وأقام في فيلا قرب مدينة كرج، كما أعلن رئيس دائرة العدل في محافظة البرز حسين فاضلي هريكندي، في 8 ديسمبر، بدء النظر في هذا الملف، مؤكداً أن القضية تندرج ضمن ما تصفه السلطات الإيرانية بشبكة تجسس واسعة.

موجة اعتقالات

قال مسؤولون إيرانيون إن أكثر من 700 شخص جرى اعتقالهم بعد الحرب، بشبهة التجسس أو التعاون مع إسرائيل، في إطار حملة أمنية موسعة شملت مختلف أنحاء البلاد، وترافقت هذه الحملة مع إقرار البرلمان الإيراني، في 28 سبتمبر الماضي، مشروع قانون طارئ يتيح النظر في قضايا التجسس وفق لوائح زمن الحرب، ما يسرع إجراءات المحاكمة ويشدد العقوبات.

وتشير تقارير حقوقية إلى تصاعد ملحوظ في إصدار أحكام الإعدام في القضايا المرتبطة بالتجسس، إذ يواجه نحو 70 سجيناً بتهم سياسية، إلى جانب سجناء في قضايا جنائية، خطر المصادقة على أحكام الإعدام أو تنفيذها، في حين يواجه أكثر من 100 شخص آخرين خطر صدور أحكام مماثلة بحقهم.

تأتي هذه التطورات في سياق توتر مستمر بين إيران ودول غربية على خلفية قضايا حقوق الإنسان والملف النووي والأوضاع الأمنية الإقليمية، وتعد قضايا اعتقال الأجانب ومزدوجي الجنسية من أبرز نقاط الخلاف، حيث تتهم منظمات حقوقية طهران باستخدام هؤلاء ورقة ضغط سياسية.

وفي المقابل، تؤكد السلطات الإيرانية أن هذه القضايا جنائية وأمنية بحتة، ومع تزايد أحكام الإعدام المرتبطة بتهم التجسس، تتصاعد الدعوات الدولية لوقف تنفيذ هذه العقوبة، وسط مخاوف من تدهور إضافي في أوضاع حقوق الإنسان، وتأثير ذلك في العلاقات الدبلوماسية بين إيران ودول الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها السويد، التي تؤكد باستمرار معارضتها المطلقة لعقوبة الإعدام وسعيها لحماية مواطنيها في الخارج.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية