كيف تساعد طفلك على تكوين صداقات والتخلص من آثار كورونا الاجتماعية؟
كيف تساعد طفلك على تكوين صداقات والتخلص من آثار كورونا الاجتماعية؟
لم يقف تأثير "كوفيد-19" عند حد حصد ملايين الأرواح، وإنما امتد أثره ليشمل سلب الناس حياتهم الاجتماعية خاصة الأطفال، الذين ألزمتهم الجائحة الجلوس في المنزل والتماهي مع العالم الافتراضي دون تكوين صداقات حقيقية وأنشطة من خلالها تتكون شخصياتهم ويكتسبون مهارات التواصل والتعلم، لقد كان حذر الآباء تجاه كل شيء كبيرًا بكبر حجم الخوف داخلهم من تلك الجائحة.
وبعد تخفيف القيود، قلّل العديد من الآباء ومقدمي الرعاية من حذرهم، لكن بحلول ذلك الوقت، أصبح أطفالنا ضعفاء من ناحية تكوين الصداقات.
وقالت مراسلة تربوية ومؤلفة كتاب The Stolen Year: How COVID Changed Children's Lives, and Where We Go Now، أنيا كامينيتز في تصريحات إعلامية: “لم يكن هناك شيء استطعنا القيام به حيال الانتكاسات الاجتماعية، ومن المحتمل أن جميع أطفالنا يستطيعون الاستفادة من بعض المساعدة لإعادة بناء الروابط الاجتماعية مع دخولهم هذا العام الدراسي”.
وفي تقارير صحفية عبر الخبراء عن المشكلة بقولهم، إن الصداقات جزء أساسي من الطفولة، وليس فقط لأن التواصل مع الآخرين يبعث شعورًا جيدًا، بل لأنه يخلق أيضًا فرصًا تنموية مهمّة تؤدّي إلى أداء أفضل في المدرسة، وحياة الطفل، ورُغم أهمية الروابط العائليّة، فإن الأصدقاء يوفّرون منفذًا اجتماعيًا مهمًا خارج نطاق الأسرة، حيث يمكن للأطفال الحصول على مساحة أكبر لمعرفة أنفسهم"، على حد قول كبيرة مديري الممارسات في منظمة CASEL، كارين فان أوسدال.

الأجهزة الذكية والصحة النفسية للأطفال
لو كنت تدع أطفالك يتعاملون دون رقابة وتحكم في الوقت المستهلك مع الأجهزة الذكية فتلك مصيبة، فقد كشفت دراسة طبية حديثة عن تأثير الوقت الطويل الذي يقضيه الأطفال أمام شاشات الأجهزة الذكية على صحتهم النفسية وحالتهم المزاجية.
ووفقًا لموقع "سكاي نيوز عربية"، قالت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة جنوب أستراليا، إن الأطفال الذين يمارسون الرياضة أو يأخذون دروسًا في الموسيقى أو يتواصلون مع أصدقائهم بعد المدرسة، يكونون أكثر سعادة وصحة مقارنة بأولئك الذين يظلون ملتصقين بشاشات الأجهزة الذكية.
وخلصت الدراسة، التي أشرفت عليها الباحثة روزا فيرغارا، إلى أن الأطفال الذين لعبوا ألعاب الفيديو، وشاهدوا التلفزيون، واستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي بعد المدرسة، كانوا يتمتعون بصحة أضعف مقارنة بأولئك الذين مارسوا نشاطات رياضية وفنية.
كذلك أظهرت الدراسة من خلال استبيانات الرأي التي وزعت على أهالي الأطفال، أن ممارسة نشاطات غير قضاء ساعات أمام الأجهزة الذكية، ساهمت في رفع مستويات الشعور بالتفاؤل والسعادة والرضا عن الحياة، كما كان أولئك قادرين على التحكم بعواطفهم بشكل أفضل.

نصائح يجب أن يعمل بها الآباء
قالت أخصائي النفسي الإكلينيكي، آية حسين:" إن بعض الآباء لا يملكون الوعي الكافي للتعامل مع أطفالهم، حيث يتساهلون في تربيتهم، وساهمت كورونا من حيث البقاء في المنزل في إسكات الطفل بإعطائه الموبايل وجلوسه عليه فترات طويلة، ولهذا الأمر سلبيات كثيرة أولها انعزال الطفل اجتماعيًا كما يفقد مهارات كثيرة للتواصل مع الأسرة ومع أصحابه في المدرسة أو النادي، أو أي شيء خارج العالم الافتراضي ذي العلاقات غير المشبعة".
وأضافت آية في تصريحات لـ«جسور بوست»: "أول شيء نخبر به الأهل في تلك الحالات، لا بد أن يكون هناك وقت للتابلت أو الهاتف المحمول نحو ساعتين يوميًا مقسمتين على مدار اليوم، أو يلعب به في الإجازات أو الفترات الصيفية، مع أخذ في الاعتبار تحميل البرامج المفيدة الخاصة بالأطفال، كي لا تترك للطفل حرية البحث في أي موضوع أو مشاهدة فيديوهات غير مناسبة لمرحلته العمرية".
واستطردت:" يمكن للآباء أيضًا الاشتراك لأبنائهم في رياضة جماعية وأخرى فردية، كي يتعلم التعامل مع فريق، والأمر يحتاج إلى اهتمام الأهل، فمن المهم الاشتراك في نوادٍ وإن كانت الإمكانات المادية لا تسمح فهناك نوادٍ غير مكلفة الاشتراك فيها ومراكز شباب وورش لتعليم الحرف اليدوية، من الممكن تعلم الجرافيك أيضًا أو أي شيء يتعلق بجهاز الكمبيوتر متى ظهرت موهبتهم أو ميولهم لذلك، كذلك يجب تشجيع الطفل واصطحابه في الاجتماعات الأسرية للتعلم كيفية الاندماج وسط مجموعة".
.jpg)
وعن توقيت مراجعة أخصائي أطفال اجتماعي أو نفسي، أشارت إلى أن ذلك يحدث متى ظهر على الطفل نوبات غضب أو بدا أنه غير اجتماعي أو ذو سلوكيات جانحة، فيجب استشارة المتخصصين وعدم اعتبارها مجرد "شقاوة" طفل، بحيث يرشدني إلى السلوك السليم الذي يحتاج إليه الطفل، فليس جميع الأطفال مثل بعضهم، وهناك ما يسمى بـ"النموذج"، بحيث لا تكون جميع التوجيهات قولية "هذا صواب وهذا خطأ".
وإنما الأفضل بالتجربة بأن يظهر الآباء قبول الآخر في أفعالهم وألا يحكم وأن يستمع إلى الآراء المختلفة وكذلك الإنصات وتقبل أنه ربما يكون خطأ، أيضًا من الأهمية بمكان عدم لوم الطفل على خطأ، فحتى يكون مبادرًا ولديه ثقة في نفسه وتصرفاته وأفكاره يجب عدم الإكثار من اللوم، وإنما أعلمه كيف يتحمل مسؤولية خطئه، فإذا كسر هاتفه المحمول على سبيل المثال، لا آتي له بآخر وإنما يتحمل هو ذلك من ماله الخاص، فيتحمل المسؤولية، وتكون لديه ثقة في ذاته ومن ثم يستطيع أن يكون مبادرًا ويكون باستطاعته تكوين صداقات.