"الدولية للهجرة": أمهات يفقدن أطفالهن خلال رحلة البحث عن الماء في الصومال
"الدولية للهجرة": أمهات يفقدن أطفالهن خلال رحلة البحث عن الماء في الصومال
في أحد مواقع النزوح في بيدوا بالصومال، تجلس سيدة عجوز متأملة بما آلت إليه أمورها، حيث مضى شهران على مكوثها في الموقع بعد أن نفقت ماشيتها، سارت على الأقدام ما يقرب من 5 أيام، في ساعات النهار كانت تستظل تحت الشجر وتكمل الرحلة في ساعات المساء.
تلك السيدة العجوز خسرت ماشيتها، لكن الخسائر البشرية كانت كبيرة أيضا، وأثرت على الكثيرين، تقول امرأة أخرى تجلس بين مجموعة من الأشخاص وقد اغرورقت عيناها بالدموع: "فقدنا بعض أطفالنا بسبب الجفاف".
في مدينة "بيدوا" الواقعة في إحدى أسوأ المناطق المتضررة من الجفاف في جنوب وسط الصومال، يصل حوالي 7500 شخص إلى مواقع النازحين أسبوعيا، هؤلاء يكونون في حاجة ماسة إلى المساعدة.
أولئك الذين وصلوا إلى مواقع النازحين اتخذوا قرارات مؤلمة للمخاطرة بالرحلة في حالتهم الضعيفة الناجمة في المقام الأول عن سوء التغذية، أو ترك أفراد أسرهم الأكثر ضعفا -كبارا وصغارا- على أمل البقاء على قيد الحياة.
تأمل فرحية (30 عاما) في تجنّب نفس المصير لطفلها، وتقول: "أكافح لإطعام ابني.. إنه مريض ولا أعرف أين آخذه، لا أحد يساعدنا".
وتكشف الأم الشابة عن مجموعة من آثار الحروق الظاهرة على ابنها البالغ من العمر 6 أشهر، والذي يعاني من سوء التغذية.
كانت "فرحية" قد أخذته إلى معالج بالطب التقليدي، حيث ضغط على جسد الصغير بالخشب المحترق للقضاء على المرض، وهو ما أدى إلى حرق جسد صغيرها.
تعيش "فرحية" في مخيمات بيدوا العشوائية منذ 9 أشهر ومع ذلك لم يخبرها أحد عن العيادة الصحية القريبة.
بعد أن شاركت "فرحية" قصة مرض ابنها، ساعدها موظفو إدارة المخيم من المنظمة الدولية للهجرة على التعرف على مستشفى "بيدوا"، الذي أدخلت ابنها لتلقي العلاج في ذلك اليوم ومعالجة التهاب في الجهاز التنفسي، وبعد 10 أيام تحسن ابن "فرحية" بشكل كبير وخرج من المستشفى.
ولا تعد عدم قدرة "فرحية" على الحصول على الرعاية التي تحتاجها لابنها حالة فريدة، كثيرون من النازحين مثلها لا يعرفون حقوقهم أو الخدمات المتاحة لهم.
ووفقا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة، تعد الاحتياجات في الصومال غير عادية بالنظر إلى حقيقة أن أكثر من مليون شخص قد نزحوا داخليا بسبب الجفاف، مع 150 ألفا منهم استقروا في "بيدوا"، أقاموا في مخيمات مؤقتة، ما أدى إلى توسيع المواقع غير الرسمية التي تستضيف بالفعل آلاف الأشخاص النازحين بسبب الصراع والصدمات الناجمة عن المناخ.
بالنسبة للكثيرين، هذه هي المرة الأولى التي يضطرون فيها إلى ترك منازلهم وطريقة حياتهم، وبالنسب للبعض، قد نزحوا بالفعل عدة مرات بسبب عمليات الإخلاء أو نقص الخدمات في الأماكن التي استقروا فيها من قبل.
وفي خضم الفوضى والصدمات الناجمة عن فقدان نمط حياتهم التقليدي، يواجه النازحون عقبة جديدة، وهي الوصول إلى المعلومات الحيوية بما في ذلك طرق ووسائل الغذاء والمأوى والرعاية الطبية والحفاظ على وحدة الأسرة.
يقول منسق مجموعة إدارة المخيمات التي تشارك في قيادتها المنظمة الدولية للهجرة في الصومال، بنجامين كونر: "إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي تعيش فيها في موقع مثل هذا، فأنت لا تعرف من أين تحصل على المعلومات، وما هي الخدمات المتاحة وما يحق لك الحصول عليه، بينما قد لا يعرف الشركاء في المجال الإنساني أنك وصلت.. هذا هو المكان الذي يمكن لإدارة المخيم فيه سد فجوة المعلومات والخدمات والتنسيق".
ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، تلجأ المجتمعات النازحة إلى تلك المواقع كملاذ أخير بحثا عن الأمان والرعاية الطبية والغذاء والمأوى والمياه، وقد لا توفر هذه المواقع حلا دائما ولكن إذا تمت إدارتها بشكل جيد، فيمكنها توفير ملاذ مؤقت حيث يمكن تقديم المساعدة المنقذة للحياة.
وعندما لا يكون تنسيق وإدارة المخيم موجودين، يضطر النازحون إلى الانتقال مرارا وتكرارا للعثور على المساعدة الإنسانية، غالبا بسبب الخدمات المحدودة أو عدم فهم ما هو متاح بسبب ضعف مشاركة المعلومات.
وتدير المنظمة الدولية للهجرة أنظمة إدارة المخيمات فيما يقرب من 628 موقع نزوح في جميع أنحاء البلاد استقبلت عشرات الآلاف من الأشخاص، وتبدأ العملية بمجرد وصول كل شخص أو عائلة إلى الموقع، حيث يحدد مديرو المخيم كل فرد ويجمعون معلومات عن خلفيتهم حتى يفهم الشركاء نطاق الاحتياجات لضمان الرعاية الكافية.
وفي حين أن العملية قد تبدو مباشرة، فإن لكل نازح مجموعة فريدة من الاحتياجات المعقدة التي يجب معالجتها، والتي تتطلب غالبا شركاء أو مسارات متعددة للوصول إلى المساعدة.
ثم تنظم المنظمة الدولية للهجرة جلسات إعلامية لتزويد سكان الموقع بالمعلومات والإرشادات حول حقوقهم وخدماتهم، بما في ذلك مكان العثور على المرافق الصحية ومصادر المياه وكيفية الوصول إلى توزيع الغذاء، ويتم تيسير الجلسات من قبل أفراد المجتمع المدرّبين المطّلعين على الخدمات الإنسانية في المنطقة.
ويتم تزويد سكان موقع النزوح أيضا بمعلومات حول كيفية التعبير عن الشكاوى أو تقديم الملاحظات والطلبات لمنظمات الإغاثة بشأن احتياجات محددة، من خلال مكتب المساعدة أو الخط الساخن المجاني للاتصال الذي تديره المنظمة.
وفي "بيدوا" وصل عشرات الآلاف من الأشخاص إلى مواقع النزوح في جميع أنحاء الصومال منذ العام الماضي مع تدهور حالة الجفاف؛ معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن.
يعتبر نقص الغذاء والماء والمأوى من أهم الشكاوى المقدمة من قبل سكان الموقع، ولا يعمل نظام التعليقات أو الملاحظات على تحسين المساءلة فحسب، بل تسريع عملية الإغاثة أيضا.
ومع وجود أكثر من 3500 موقع نزوح في الصومال وحده، فإن الاحتياجات هائلة لأنظمة إدارة المخيمات، حيث تدير المنظمة الدولية للهجرة وشركاؤها 30 في المئة من المواقع، وبسبب التمويل المحدود تجد صعوبة في نشر المزيد من مديري المخيمات الذين بإمكانهم مراقبة وتسجيل الوافدين الجدد للمساعدة على تلبية احتياجاتهم.
وتحتاج المنظمة الدولية للهجرة بشكل عاجل إلى 12.5 مليون دولار لتوسيع خدمات إدارة المخيمات وضمان وصول هذا الدعم المنقذ للحياة إلى من هم في أمس الحاجة إليه.