"صندوق دعم الأسرة".. متهم بريء خلف قضبان الشائعات في مصر

بعدما أثار جدلاً واسعاً

"صندوق دعم الأسرة".. متهم بريء خلف قضبان الشائعات في مصر

حالة من الجدل الواسع سادت في المجتمع المصري، عقب كشف الرئيس عبدالفتاح السيسي عن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد في البلاد.

وتعد الحكومة المصرية قانونا جديدا للأحوال الشخصية لحل المشاكل الأسرية المتفاقمة، والقضاء على تعدد القوانين الحالية، لكن الإعلان عن تدشين صندوق دعم الأسرة أثار لغطا كبيرا.

ومن أبرز ملامح مشروع القانون هو إنشاء صندوق لرعاية الأسرة سيتم تمويله من المقبلين على الزواج، إضافة إلى إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق، وتوثيق حالات الطلاق.

وأثار قرار إنشاء صندوق لرعاية الأسرة جدلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، لا سيما فيما يتعلق بدفع المقبلين على الزواج حديثا مبلغا ماليا يضاف إلى مصروفات عقد القران.

ودشن مغردون مصريون "هاشتاغ" وسماً، باسم "إلحق أتجوز قبل ما تدفع"، ليلقى إقبالا واسعا بين الآلاف من رواد منصات التواصل الاجتماعي.

وانتشرت شائعات بتحصيل الحكومة لمبلغ يتراوح بين 20 و30 ألف جنيه من الراغبين في الزواج لصالح صندوق رعاية الأسرة، فيما نفى وزير العدل المصري عمر مروان، صحة ذلك قائلا: "قيمة هذه الرسوم لم تتحدد بعد".

وأضاف مروان، في تصريحات متلفزة، أن صندوق الأسرة يستهدف حماية الأبناء واستقرار الأسرة، مؤكدا أن هناك شائعات لا أساس لها من الصحة وسيتم إحالة مروجيها للنيابة العامة.

وتنظم الأحوال الشخصية في مصر مجموعة من القوانين يأتي أبرزها القانون رقم 25 لسنة 1920، والقانون رقم 25 لسنة 1929، والقانون رقم 1 لسنة 2000.

وخلال العشرية الماضية، تصاعدت المطالب السياسية والحقوقية بضرورة إصدار قانون موحد للأحوال الشخصية، لحل القضايا والمشاكل الأسرية في المجتمع المصري.

والأحوال الشخصية، هي مجموعة القواعد القانونية التي تنظم علاقة الأفراد فيما بينهم من حيث صلة النسب والزواج وولاية وحضانة وحقوق وواجبات متبادلة، وحقوق في النفقة والحضانة والإرث والوصية.

جدل واسع

أثارت دعوة أطلقها مأذون شرعي بتعجيل عقد القران للمقبلين على الزواج، قلقا وارتباكا كبيرا عبر منصات التواصل الاجتماعي، فيما حاول آخرون دحض تلك المزاعم باعتبارها شائعات عارية من الصحة.

وقال مأذون شرعي يدعى ياسر القرشي: "الإخوة اللي حاجزين لدى المكتب عقد خلال شهر يناير 2023 نصيحة عجلوا بالعقد إذا استطعتم، واجعلوا الفرح في أي وقت تحبون، لأن القانون الجديد سيصدر خلال أيام والتوقعات تشير إلى أن العريس سيدفع في الصندوق من 20 إلى 50 ألف جنيه".

وفي مواجهة ذلك قالت وزارة العدل، في بيان، إن "المدعو ياسر القرشي لا يعمل مأذونًا شرعيًا، ويباشر أعمال المأذونية على الوثائق الخاصة بالمأذون محمد محمد درويش مصطفى، بمساعدة الأخير عن طريق إمداده بوثائق الزواج والمستندات وتفويضه في ذلك بالمخالفة للائحة المأذونين".

وأضاف البيان أنه تم تحرير مذكرة بالواقعة وإحالتها إلى النيابة العامة لتولي التحقيق لما نشره المتهم من رسائل غير حقيقية تحمل شائعات مغرضة، كما تم إيقاف المأذون محمد محمد درويش مصطفى، عن العمل وسحب دفاتر الزواج والطلاق منه.

بدوره، قال الإعلامي المصري البارز حافظ المرازي عبر تويتر: "أكثر ما أخشاه من قانون الأحوال الشخصية الجديد بمصر، ليس تحويل صندوق الأسرة من دعم المطلقة إلى الجباية، ولكن من أن يتحول اشتراط الفحص الطبي قبل الزواج إلى تقنين لكشوف العذرية، ولو بشكل يبدأ تدريجيا من بعض العائلات، فتُهان المرأة بدلا من أن تُصان".

وعلى سبيل التندر تساءل هاني بخيت: "ممكن أفهم ليه العريس المسيحي يدفع تأمين في صندوق دعم الأسرة عشان مخاطر الطلاق.. إذا كان هو معندوش (ليس لديه) الأوبشن ده أصلاً؟!".

فيما نشر حساب باسم هاني المصري، صورة لعقد قران قائلا: "عقد زواج في أول يوم 1/1/2023، ورسوم صندوق الأسرة 100 جنيه فقط وبدون أي شهادات طبية.. أين مروجي الشائعات وبتوع 30 ألف جنيه؟". 

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي


إحياء وليس استحداثاً 

وقبل أسبوع، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، خلال افتتاح مشروعات قومية جديدة في محافظة الجيزة (غرب القاهرة)، إن الاختلاف وارد بين الأزواج، وقد تحدث بينهم عدة أزمات تؤثر على حالة الأطفال.

وأضاف السيسي: "سيتم إنشاء صندوق لدعم الأسرة المصرية يتم تمويله من المقبلين على الزواج والحكومة، بحيث ما سيتم جمعه من أموال من المقبلين على الزواج ستدفع الحكومة مثله (دون تحديد مبلغ بعينه)".

وأوضح أن صندوق رعاية الأسرة ووثيقة تأمين لدعمها ماديا، يأتي لمواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية، مع توفير المصادر التمويلية للصندوق ودعمه من قبل الدولة، حفاظا على الترابط الأسري.

كما شدد الرئيس المصري على أهمية طرح قانون الأحوال الشخصية للحوار المجتمعي خلال الفترة المقبلة، مطالبا وزير العدل بمتابعة آخر مستجدات التعديلات وإجراء حوار مجتمعي بشأنه.

بدوره قال وزير العدل عمر مروان، إنه سيتم دعوة جميع فئات المجتمع لوضع قانون الأحوال الشخصية، وسوف نقوم بطرحه على مجلسي النواب والشيوخ ومجلس الوزراء فور الانتهاء منه.

وقال مروان: "أخدنا موافقة الأزهر والأوقاف والإفتاء في توثيق الطلاق، وبالتالي نحن مطمئنون إلى البنود الموجودة في القانون".

وصندوق دعم الأسرة هو صندوق سيتم تمويله من المقبلين على الزواج والحكومة، والهدف منه هو الحفاظ على الأطفال ضحايا الطلاق، وحماية لأبناء الأطراف المختلفة، ولكيلا تضيع حقوقهم عند حدوث خلاف أو طلاق بين الأم والأب.

ومن جانبها نشرت وسائل إعلام مصرية، أن الصندوق الذي سينشأ بموجب قانون الأحوال الشخصية الجديد تحت مسمى "صندوق دعم ورعاية الأسرة المصرية" يعود تاريخه إلى عام 2004.

وقالت إن الأمر لا يعدو كونه تطويرا لصندوق قائم بالفعل اسمه "صندوق نظام تأمين الأسرة المصرية"، الذي تأسس بالقانون 11 لسنة 2004 وفقا لقانون الأحوال الشخصية الشهير رقم 1 لسنة 2000، والذي تضمن أحكام الخلع وإجراءات تنظيم الطلاق والتصالح وغيرها أمام محكمة الأسرة.

فيما توقع خبراء وتشريعيون أن قيمة المبلغ الذي سيدفعه الزوج عند عقد القران بعد تطوير صندوق الأسرة، سيتراوح بين  400 أو 500 جنيه فقط بحد أقصى.

ورجح تلك التوقعات تصريح الرئيس السيسي بشأن قيمة الرسوم والذي قال فيه: "مبلغ ضئيل يمكن للجميع تحمله، ويمكن لمن يتزوج دفع هذا المبلغ".

تطوير وتعظيم استفادة

بدورها قالت عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان نهاد أبوالقمصان، إن صندوق دعم الأسرة المصرية سيساعد على حل 90 بالمئة من مشاكل الأسرة والتي تكون غالبيتها بسبب الخلافات بين الزوجين.

وأوضحت أبوالقمصان، في تصريح متلفز، أن هناك صراعا مريرا بين الزوجين بعد الطلاق، حيث ترغب الزوجة المطلقة في الحصول على نفقة، وتبدأ في رفع القضايا لكنها تواجه تعطيلا في الحصول على أي أموال تصرف بها على أبنائها، لذا سيكون الصندوق بمثابة دخل لها للحفاظ على الأبناء.

وأضافت: "يجب على الدولة الاطلاع على حالة الزوج الذي يمر بأزمة مالية، ويجب على صندوق الأسرة توفير دخل شهري، ويقوم بسدادها بعد تيسير أموره".

نهاد أبوالقمصاننهاد أبوالقمصان

ومن جانبه أشار مدير تحرير صحيفة "الشروق" المصرية، محمد بصل، إلى أن الصندوق تم إنشاؤه منذ عام 2004 تحت اسم "صندوق تأمين الأسرة" ويديره بنك ناصر الاجتماعي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي.

وأضاف بصل: "الصندوق لعب دورا مهما طوال 18 عاما، لكنه للأسف حاليا مديون، رغم منحه منذ 7 سنوات إمكانية تحريك الدعوى الجنائية ضد المحكوم عليهم المتقاعسين والمتهربين".

وتابع أنه ببساطة ما تم الإعلان عنه هو تطوير للصندوق بزيادة صلاحياته ومصادر تمويله، والتي ستتم غالبا وفق مشروع الحكومة لقانون الأحوال الشخصية الجديد.

وفي أغسطس 2022، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (رسمي) في إحصائه السنوي، ارتفاعا كبيرا في حالات الطلاق لعام 2021 بمصر.

وأوضح الجهاز المركزي أن نسبة الطلاق في عام 2021 ارتفعت بنسبة 14.7 بالمئة مقارنة بالعام الذي سبقه 2020، إذ سجلت 254 ألفا و777 حالة طلاق، بينما كانت 222 ألفا و39 حالة في عام 2020.
 
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية