الاتهامات تلاحق سلطات بلغاريا بسبب تعاملها "الوحشي" مع اللاجئين
الاتهامات تلاحق سلطات بلغاريا بسبب تعاملها "الوحشي" مع اللاجئين
تواجه السلطات البلغارية العديد من الاتهامات بالاعتداء على المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور حدودها مع تركيا، إذ يؤكد طالبو لجوء أنه تم إبعادهم واحتجازهم وتجريدهم من ملابسهم وضربهم.
وتعد الدولة المنضوية في الاتحاد الأوروبي، إحدى بوابات الدخول إلى التكتل، وتحاول تشديد الرقابة على حدودها لوقف تدفق عدد متزايد من المهاجرين، الذين وصلت أعدادهم إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2015، وفق “فرانس برس”.
وقالت ديانا ديموفا التي تترأس مجموعة "ميشن وينجز" البلغارية لمساعدة اللاجئين: "منذ مطلع العام الماضي، شهدنا عمليات إبعاد مكثفة وقاسية للناس"، وهي ممارسة مخالفة لقوانين الاتحاد الأوروبي.
وتُشير شهادات طالبي لجوء وتقارير وكالة حرس الحدود الأوروبية "فرونتكس"، إلى استخدام أساليب وحشية عند الحدود الجنوبية الشرقية للدولة الواقعة في البلقان.
وأحبطت شرطة الحدود 164 ألف محاولة "عبور غير نظامية" في عام 2022، مقارنة مع 55 ألفاً في 2021، وفق ما أظهرت بيانات وزارة الداخلية.
وساهم ارتفاع الأعداد في بلغاريا بالفعل في وقوف النمسا وهولندا بوجه مساعي صوفيا للانضمام إلى منطقة "شنجن".
وسيُدرج هذا الملف على رأس جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي المرتقبة في بروكسل في وقت لاحق هذا الأسبوع.
وفي مسعى لوقف تدفق المهاجرين، عززت السلطات البلغارية الرقابة على امتداد السياج الشائك البالغ طوله 234 كيلومتراً، ويغطي كامل الحدود مع تركيا تقريباً.
ضربونا بالهراوات
أفاد سوري يبلغ من العمر 16 عاماً في بلدة حدودية، بتعرّضه للاعتقال بعد عبوره إلى بلغاريا، واحتجازه في "معسكر مغلق بجدار مرتفع" وصفه بـ"السجن"، إذ تم اقتياده في إحدى الليالي مع معتقلين آخرين إلى سياج حدودي مع تركيا.
وقال طالباً عدم الكشف عن هويته: "قسّمونا هناك إلى عرب وأفغان وبدؤوا ضربنا.. ضربونا بالهراوات"، مضيفاً أنه أُبعد عبر الحدود إلى تركيا.
وأظهر تسجيل مصوّر نشرته عدة وسائل إعلام أوروبية في ديسمبر الماضي بالشراكة مع منظمة "لايتهاوس ريبورتس"، مجموعة من الأشخاص محتجزين في منشأة اعتقال مؤقتة أشبه بقفص في بلدة سريديتس الحدودية.
وشمل التحقيق نفسه شهادة من شاب سوري قال إنه تعرّض لإطلاق نار في الصدر من قبل شرطة الحدود البلغارية، بينما نفت السلطات البلغارية بدورها التهمة.
وقال علي الحسيني الذي حصل على وضع الحماية في بلغاريا، إنه جُرّد من ملابسه وتعرض للضرب والسرقة، ودفع إلى تركيا عندما توجه إلى الحدود بحثاً عن شقيقه الربيع الماضي.
والتقى الأفغاني البالغ 20 عاماً بشقيقه وشخصين آخرين، لكنه أفاد بأن عناصر شرطة ملثمين "اقتادونا إلى الغابة وأخذوا ملابسنا بما في ذلك أموالي وجهاز آيباد الخاص بي وحذائي بعد ذلك، فتحوا السياج وأرسلونا إلى الجانب الآخر، تركيا، واحداً تلو الآخر".
وبعدما عاد "حافياً" عبر الحدود في اليوم ذاته، قال إنه ألقي القبض عليه مجدداً، وتعرّض إلى "لكمات" و"ضرب" قبل أن يتم دفعه مرة جديدة إلى تركيا.
استغرق الأمر أسبوعاً ورحلة إلى إسطنبول لترتيب عودته إلى بلغاريا، فيما احتاجت إعادة إصدار هويته الشخصية 5 شهور أخرى.. وأمّا شقيقه، فتم ترحيله من تركيا إلى أفغانستان.
لغة مهينة وعبارات عنصرية
وذكرت "فرونتكس" أنها اتخذت 25 إجراء بشأن "تقارير عن حوادث خطيرة" مرتبطة بأنشطتها في بلغاريا عامي 2021 و2022.
وكتب أحد عناصرها في تقرير: "تتم عمليات الإبعاد بشكل متكرر في المنطقة العملياتية، فيما يتم إبقاء موظفي فرونتكس بعيدين عمداً عندما تقع".
وأضاف أن هذه العمليات "تتم عبر مناطق ضحلة من النهر، أو حتى عندما يكون منسوب المياه مرتفعاً.. كما يتم إجبار المهاجرين على السباحة بغض النظر عن قدرتهم على القيام بذلك أو قوتهم".
وأشار التقرير إلى استخدام "لغة مهينة وعبارات عنصرية مثل إشارة بعض عناصر حرس الحدود البلغاريين إلى المهاجرين على أنهم من "طالبان"، بحسب عنصر "فرونتكس".
وخلصت وكالة حرس الحدود الأوروبية إلى أن "غياب التقارير العملياتية ذات المصداقية" من قبل شرطة الحدود البلغارية "يمكن أن يكون مؤشراً على أوجه قصور في آلية إعداد التقارير، أو، وهو أمر أكثر إثارة للقلق، وجود سياسة ضمنية تقوم على عدم الإبلاغ عن تعرّض الحقوق الأساسية للمهاجرين للخطر بشكل كبير".
ونفت السلطات البلغارية مراراً الاتهامات المرتبطة بالانتهاكات.. وقال الرئيس البلغاري رومن راديف الشهر الماضي إنه "على مدى العام الماضي، ازداد الضغط على حدودنا بشكل كبير، وباتت أفعال المهاجرين أكثر عدائية".
وطلبت صوفيا من الاتحاد الأوروبي ملياري يورو (2.1 مليار دولار) لتعزيز السياج الحدودي وتحسين المراقبة، لكن بروكسل رفضت حتى الآن تقديم المبلغ.
الهجرة غير الشرعية
وتعد قضية الهجرة غير الشرعية واحدة من أبرز القضايا التي تؤرق المجتمع الدولي بشكل عام والأوروبيين بشكل خاص، وتعد اليونان وإيطاليا وإسبانيا من نقاط الدخول الرئيسية إلى دول الاتحاد الأوروبي للمهاجرين الذين ينطلقون من دول شمال إفريقيا، وخاصة من المغرب والجزائر وتونس وليبيا والقادمين من جنوب الصحراء، حيث ارتفع عدد المغادرين بشكل كبير مقارنة بالسنوات الماضية.
وتتوقع دول البحر المتوسط الواقعة على الطرق الرئيسية للهجرة إلى أوروبا، زيادة عدد المهاجرين إليها بالتزامن مع أزمات الاقتصاد والطاقة والأمن الغذائي الناجمة عن حرب أوكرانيا بموجة هجرة جديدة، خاصة من إفريقيا والشرق الأوسط، بخلاف تداعيات التغيرات المناخية.
وارتفعت حالات دخول المهاجرين بشكل غير شرعي إلى الاتحاد الأوروبي في 2022 بنسبة 64 بالمئة على ما كانت عليه قبل عام، وبلغت أعلى مستوى منذ 2016، حسب أحدث بيانات نشرتها وكالة الحدود الأوروبية (فرونتكس).
وقالت الوكالة في بيان، إنه تم تسجيل 330 ألف دخول غير شرعي في 2022 مقابل 123318 في عام 2021، جاء 45 منها من طريق البلقان، وتضاعف عدد المواطنين السوريين الذين تشملهم هذه الحالات ليبلغ 94 ألف شخص.