تفكيك شبكات استغلال الأجانب بإسبانيا يكشف معاناة المهاجرين المغاربة

تفكيك شبكات استغلال الأجانب بإسبانيا يكشف معاناة المهاجرين المغاربة

لا يتحقّق "حلم جنة أوروبا" على النحو المأمول دائما بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين المغاربة، فبعد رحلات محفوفة بجميع أنواع المخاطر على متن “قوارب الموت”، يصل أغلب الحالمين بمستقبل أفضل إلى إسبانيا، باعتبارها “بوابة أوروبا”، دون تخطيط لما سيحدث بعد ذلك، ما يجعلهم يتشبّثون بأي مساعدة تقدّم لهم، لا تكون مدفوعة -في الغالب- بحسن نية.

منذ سبتمبر 2022، باشرت السلطات الإسبانية عملية بحث واسعة في مختلف المدن، أهمها منطقة الأندلس، بعد اكتشاف شركة مقرها مدينة إشبيلية تستغل المهاجرين غير النظاميين من مختلف الجنسيات، في الحقول الزراعية بأجور زهيدة، وفق صحيفة "هسبريس" المغربية

وفي يناير الماضي، أوصلت التحقيقات السلطات الإسبانية إلى واحدة من أكبر شبكات الاتجار بالبشر في البلاد، حيث كانت تضمّ قبل تفكيكها 7 شركات زراعية أرغمت أزيد من مائة مهاجر غير نظامي، أغلبهم من جنسية مغربية، على العمل لما يزيد على 12 ساعة في جميع الأحوال الجوية، بجانب إيوائهم في منازل مهجورة، حيث يضطرون لافتراش الأرض.

وإلى جانب استغلالهم في الحقول الزراعية، عملت الشركات التي كانت تتخذ من مدينة مالقة مقرّا لها على تعريض الضحايا لعملية نصب واحتيال، إذ عرضت عليهم عقود عمل مزورة بغرض تسوية أوضاعهم مقابل مبالغ مالية تصل إلى نحو 3000 يورو، بينما اضطر من لا يملك المبلغ إلى العمل في الحقول مجاناً مقابل الحصول على هذه العقود.

ولم ينهِ توقيف 43 شخصاً من هذه الشبكة معاناة المهاجرين غير النظاميين المغاربة بإسبانيا، فقد أكدت تقارير إعلامية إسبانية عدم إغلاق السلطات هذا الملف، مبرزة استمرار توقيف متورّطين وتحرير الضحايا المحتجزين في ظروف غير إنسانية في مدن ومناطق مختلفة.

وتمكن أفراد من شرطة مدينة بلد الوليد، الأسبوع الماضي، من الإفراج عن مواطنة مغربية كانت قد اختطفت واحتجزت لمدة شهر لدى شخص في إحدى مزارع الماشية في ملكيته، إذ أجبر المٌزارع، وفق ما أكدته وسائل إعلام إسبانية، نقلا عن الشرطة، الضحية على العمل في ظروف غير إنسانية وغير نظامية في مزرعته، كما اعتدى عليها جنسيا أكثر من مرة.

وخلال الأسبوع نفسه، حرّرت شرطة إشبيلية 3 ضحايا آخرين تم استغلالهم في الأعمال الزراعية، وأجبروا على العيش دون وثائق، في منازل يتقاسمها أكثر من 15 شخصًا، ومليئة بالحشرات، كما اعتقلت 6 أشخاص يشتبه في تورّطهم في الانتماء إلى منظمة إجرامية تتاجر بالبشر عبر توفير العمال الأجانب للمزارعين.

وأكدت وسائل إعلام إسبانية أنه بينما لا يتجاوز ما يتقاضاه بعض ضحايا هذه الشبكات مقابل الأعمال الشاقة المجبرين عليها 50 يورو في الأسبوع، هناك من يعمل دون مقابل، حيث يتم، وفق بلاغ للشرطة، “استغلال الضحايا وتحقيق الثراء على حسابهم”.

وكشفت المصادر أن هذه المنظمة عملت على إغراء الضحايا في موطنهم الأصلي بوعود كاذبة بالحصول على وظيفة “بعيدة عن الواقع”، لافتة إلى أنه مباشرة بعد وصولهم إلى منطقة “برينيس” في إشبيلية سُحبت منهم وثائقهم وأجبروا على القيام بأعمال زراعية يومياً دون توقّف، ولمدة 12 ساعة يوميا، لا يرتاحون فيها إلا لتناول وجبة غداء.

وتضطر ظروف إقامة المئات من المهاجرين غير النظاميين بإسبانيا إلى الوقوع في شباك هذه المنظمات الإجرامية، إذ أحصى متخصّصون في نوفمبر الماضي وخلال ليلة واحدة، 680 شخصا من الجنسيتين المغربية والجزائرية بدون مأوى، نائمين في العراء أو في مداخل المنازل والبنايات، أو تحت الجسور على الطرق السريعة، أو في الأكواخ والمباني الصناعية المهجورة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية