رفيدة الأسلمية.. أول جرَّاحة وصاحبة مستشفى عام في الإسلام

حقوقيات في زمن النبوة "15"

رفيدة الأسلمية.. أول جرَّاحة وصاحبة مستشفى عام في الإسلام

يقول مثل إنجليزي شهير، إن “الجراح الجيد يجب أن يكون لديه عينا نسر، وقلب أسد، ويد امرأة”، ولكن هل المرأة مؤهلة بطبيعتها لأن تكون جرَّاحة تداوي الرجال كما النساء، وماذا عن اقتحامها هذا المجال في عصر الخيل والبعير، بعيدا عن الحضارة بكل ما تشمله من تطور طبي وتكنولوجي كما هو العصر الحالي؟

التاريخ قال كلمته بسرده قصة أول جرَّاحة في الإسلام، السيدة رفيدة الأسلمية رضي الله عنها وأرضاها، قبل 1400 عام من الآن تعلمت كيمياء العقاقير والجراحة، فكانت تداوي جرحى المعارك، وتنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجِمَال، حتى تُقيمها بالقرب من معسكر المسلمين، وتعد خيمتها المتنقلة أول مستشفى ميداني في الإسلام، ولما مرض سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه، حوَّلوه إلى خيمة السيدة رفيدة. الأدب المفرد: 1129.

وتُورد المصادر أن خيمة رفيدة تُعد أول مستشفى حربي مُتنقل في التاريخ، توصف رفيدة أيضًا بأنها صاحبة الخيمة الطبية الأولى في التاريخ. 

ورفيدة بنت سعد الأسلمية، من قبيلة أسلم وهي صحابية جليلة من الأنصار أسلمت بعد الهجرة، كان والدها سعد الأسلمي طبيبا ماهرا، اكتسبت رفيدة الكثير من معرفتها الطبية وهي تكبر إلى جانبه، واستهوتها حرفة التطبيب ومداواة المرضى.

وشهدت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بعض أسفاره وغزواته، وبخلاف مداواتها للجرحى كانت مقاتلة باسلة، فشاركت في الغزوات والمعارك، وكان يطلق عليها لقب "الفدائية"، حيث كانت تقتحم أرض المعركة وتنقل الجرحى إلى خيمتها لمداواتهم، وشاركت في "غزوة أحد، وغزوة بني قريظة، وغزوة خيبر، وغزوة حُنين، ومعركة اليمامة".

ويستفاد من سيرتها، أنها أول من بادرت بالعمل التطوعي للمرأة في الإسلام، وتبرز أيضاً إن المرأة في كل زمان ومكان ذات عطاء واضح، وقدمت نماذج في العمل التطوعي يذكرها التاريخ على مر عصوره ومراحله. 

وتقديرًا لجهودها وعملها الطبي الاستثنائي، خصص النبي -صلى الله عليه وسلم- لها حصة من غنائم الحرب، وكان نصيبها يعادل حصة جندي من الذين قاتلوا بالفعل. 

عمل رفيدة عمل إنساني نبيل، يدحض كل افتراء على الإسلام، واصفًا إياه بأنه دين ضد المرأة، وأنه يريدها مهمشة بدون دور فاعل لها في الحياة فلا تتعلم ولا تعمل، بل على العكس أعطاها قيادة طبية وقدمها بفعله مع رفيدة على الرجال.

وهي رضي الله عنها الجديرة بأن تكون هناك جائزة باسمها، تتفوق على الجائزة المعتمدة باسم البريطانية "فلورنس" رائدة التمريضِ في العصر الحديث، فقيادة رفيدة للطب في عهد النبوة، تجربة لم يعرفها الغرب إلا عام 1845، أي بعد رفيدة بنحو 1200 عام، من خلال فلورنس نايتينغل (Florence Nightingale) التي نذرت حياتها لإرساء قواعد تلك المهنة، كانت تحمل المصباح ليلا باحثة عن الجرحى الذين سقطوا في المعارك الحربية لتطبيبهم ومداواة جراحهم، حتى أطلق عليها "سيدة المصباح"، ويحتفل العالم كله بـ"نايتينغل" مؤسسة التمريض الحديث يوم 12 مايو من كل عام في ذكرى ميلادها، الذي أقره المجلس العالمي للتمريض "يوم التمريض العالمي" تقديرا لدورها العظيم. 

لم يقتصر دور السيدة رفيدة رضي الله عنها على مداواة الجرحى، بل كانت ذات ثروة واسعة، مكنتها من الإنفاق على الفقراء والأيتام، كما كانت تقوم بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، كذلك أنفقت من مالها الخاص لتجهيز خيمتها بالمعدات الطبية والعلاج، فهي قدوة وأسوة لعطاء المرأة المتدفق.

لقد تعددت مهامها رضي الله عنها، إلى حد وصف البعض بأنها كانت "أخصائية اجتماعية"، ساعدت في حل المشكلات الاجتماعية المتعلقة بالأمراض ومساعدتها الأطفال المحتاجين ورعاية الأيتام، والمعاقين والفقراء، واستمر عملها بمهنة الطب في وقت السلم أيضًا، فكانت تعاون رضوان الله عليها وتواسي كل مريض ومحتاج.

ما فعلته السيدة رفيدة وأقره النبي، يُبين فضل مهنة التمريض والطب، ويدحض ما يثار بحق المرأة في مجتمعاتنا العربية وتعرضها للظلم والتلسين بسبب تأخرها ليلًا في وظيفتها، أو حين يرى فيها كثيرون بأنها لا تصلحُ أن تكون أُمًّا، ولذا يعزفون عن الارتباط بها حتى إن كانوا من أقاربها، ما يدل على جهل أولئك البعض بيسر الدين الإسلامي وسماحته.

ولعظم فضلها كتب الشاعر المصري أحمد محرم ديوان "مجد الإسلام"، حيثُ جاء بثلاثة آلاف بيت شعري وصف فيه البطولة الإسلامية عبر استعراض سيرة النبي محمد بتسلسل زمني، وما تضمنته من غزوات ومعارك مختلفة، وتضمن الديوان قصيدة بعنوان "رفيدة الأسلمية رضي الله عنها وأرضاها" بنحو 24 بيتًا.

مستشفى رفيدة

أوردت كتب السير والتاريخ، أنها رضوان الله عنها كانت نموذجاً بارزاً في المدينة المنورة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد تعلمت الطب وأتقنت مداواة المرضى واجتهدت في أن تنفع الناس بخبراتها الطبية. 

وعندما كان جيش المسلمين يستعد لغزوة خيبر، ذهبت رفيدة الأسلمية ومجموعة من المتطوعات إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يطلبن الإذن بالمشاركة لعلاج الجرحى والمصابين، وهو ما أذن به النبي الكريم. 

وتكريمًا لجهودها، خصص لها النبي -صلى الله عليه وسلم- حصة من غنائم الحرب تقديرا لتمريضها وعملها الطبي الاستثنائي، وكان نصيبها يعادل حصة جندي من الذين قاتلوا بالفعل. 

وفي غزوة الخندق، أصيب الأنصاري المحارب سعد بن معاذ بسهمٍ، وطبقا لما جاء في كتاب "النساء ومهنة الطب في المجتمعات الإسلامية"، أشار النبي إلى أصحابه "بنقله إلى خيمة رفيدة"، وهناك مكث مع رفيدة وصاحباتها حيث أسعفنه ومرضنه، ثم اضطرت رفيدة في آخر الأمر إلى أن تكوي الجرح لإيقاف النزيف، وكان الرسول يزوره هناك كل يوم. 

عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ‏:‏ لَمَّا أُصِيبَ أَكْحُلُ سَعْدٍ (الأكحل هو الوريد في وسط الذراع) يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَثَقُلَ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا‏:‏ رُفَيْدَةُ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَكَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُولُ‏:‏ كَيْفَ أَمْسَيْتَ‏؟‏، وَإِذَا أَصْبَحَ‏:‏ كَيْفَ أَصْبَحْتَ‏؟‏ فَيُخْبِرُهُ‏. (الأدب المفرد).

وورد في سير أعلام النبلاء أنه لَمَّا أُصِيْبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ، فَثَقُلَ، حَوَّلُوْهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ، تُدَاوِي الجَرْحَى. فَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُوْلُ: (كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَكَيْفَ أَصْبَحْتَ؟). فَيُخْبِرُهُ، حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيْهَا، وَثَقُلَ، فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، إِلَى مَنَازِلِهِم. 

 والحديث صحح إسناده ابن حجر في "الإصابة" (8/136)، والشيخ الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (863). 

الطبيبات الأوليات

ثبت أن رفيدة رضي الله عنها كانت لها خيمة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- تداوي فيها المرضى، ولكن هل اختُصت وحدها بذلك؟

أوردت كتب السيرة أن السيدة رفيدة رضي الله عنها، اقتحمت مجال التمريض والتطبيب بشجاعة لم يسبقها إليها أحد، ونقلت علمها إلى أخريات حتى إن 7 من النساء امتهن الطب والتمريض في عصر الرسول والصحابة، أسوة بها وسيرا على نهجها.

حتمًا لم تكن رُفيدة الأسلمية وحدها من تداوي الجرحى، بل علَّمت غيرها من نساء الصحابة ممن يذهبن للغزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ويداوين الجرحى، ومن هؤلاء: أم عطية، والرُّبَيِّع بنت معوذ وأم سليم وغيرهن. 

وقد ثبت في صحيح مسلم (1812) عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ خَمْسِ خِلَالٍ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْلَا أَنْ أَكْتُمَ عِلْمًا مَا كَتَبْتُ إِلَيْهِ، كَتَبَ إِلَيْهِ نَجْدَةُ: أَمَّا بَعْدُ، فَأَخْبِرْنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بِسَهْمٍ؟ 

فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْزُو بِالنِّسَاءِ؟ "وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ، فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى، وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ". 

وعند البخاري (2882) عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ، قَالَتْ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَسْقِي وَنُدَاوِي الجَرْحَى، وَنَرُدُّ القَتْلَى إِلَى المَدِينَةِ". 

وفي صحيح مسلم (1812) عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: "غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعَ غَزَوَاتٍ، أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَأَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى، وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى".

وفي صحيح مسلم أيضا (1810) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ، وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى».   

رفيدة والفقه الإسلامي

استنبط الفقهاء عددًا من الأحكام الفقهية من الأخبار المروية عن مداواة رفيدة للجرحى والمرضى وغيرها من نساء المسلمين، منها جواز تَطْبِيْب المرأة للرجل، قال ابن حجر في فتح الباري: "فيه جواز معالجة المرأة الأجنبية الرجل الأجنبي للضرورة. قال ابن بطال: ويختص ذلك بذوات المحارم ثم بالمتجالات منهن، لأن موضع الجرح لا يلتذ بلمسه، بل يقشعر منه الجلد، فإن دعت الضرورة لغير المتجالات فليكن بغير مباشرة ولا مس". 

كما استدل الفقهاء خاصة المُعاصرين بخيمة رفيدة الطبية بالمسجد النبوي كدليل على جواز تحويل المسجد إلى مستشفى في أوقات الضرورة. 

وفي إبريل 2020 أفتى الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القره داغي بجواز تحويل أجزاء من المساجد إلى "مستشفيات مؤقتة" لعلاج المصابين بمرض "كوفيد-19"، وأشار إلى أن "الصحابية رفيدة كانت لها خيمة داخل المسجد لعلاج الجرحى".

تكريمات                                                           

أُطلق اسم رُفيدة الأسلمية على عدد من المدارس في فلسطين والأردن ومصر والكويت والسعودية، وعدد من الشوارع في الأردن والسعودية.

 كما أُطلق اسمها على كلية في الأردن تحمل اسم "كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة" في مدينة الرصيفة التابعة لمحافظة الزرقاء، وكانت قد تأسست في 7 فبراير 1991 بعد دمج عددٍ من الكليات، وفي عام 2012 أُدمجت مع معهد المهن الطبية المساندة في مدينة عمّان ليُصبح اسمها «كلية رفيدة الأسلمية للتمريض والقبالة والمهن الطبية المساندة»، حيثُ تتبع قسم التمريض والقبالة والمهن الطبية المساندة في وزارة الصحة الأردنية، وكان قد بلغ عدد طلاب هذه الكُلية نحو 730 طالبًا وطالبة في عام 2013. 

كما أُطلق اسمها على مبنى كلية التمريض والقبالة في جامعة الآغا خان في باكستان. 

وقرر مجلس وزارة الصحة العرب التابع لجامعة الدول العربية في دورته التي عُقدت بالكويت عام 1978م منحَ جائزة لأوائل خريجي معاهد ومدارس التمريض في الدول العربية، تُسمى "جائزة رفيدة الأسلمية"، ولكن القرار لم يُنفذ. 

كما تمنحُ المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر "وسام رفيدة الأسلمية"، والذي كان قد مُنح للمرة الأولى في السعودية عام 1995، حيث تمنحه المُنظمة منذ ذلك الوقت عبر منافسةٍ بين الجمعيات الوطنية العربية.

أعلن عميد كلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور هيثم بن أحمد زكائي عن "جائزة رفيدة الأسلمية" في 14 مايو 2011، وأنها سوف تُقدم لأفضل بحث علمي في مجال التمريض لطالبات قسم التمريض في الكلية. 

كما تمنح كلية الجراحين الملكية في أيرلندا بالتعاون مع جامعة البحرين «جائزة رُفيدة الأسلمية» لطالب مميز في كل عام، حيثُ يُحدد الفائز عبر فريقٍ من كبار الأطباء. 

أما في الأردن فقد أطلق المجلس التمريضي الأردني في عام 2009 جائزة الأميرة منى الحسين للتميُّز في التمريض والقبالة للأردنيين أو غيرهم، وتشمل 3 مستوياتٍ «قلادة شرف، وقلادة رفيدة الأسلمية، وقلادة نسيبة المازنية»، حيث تُمنح للمتميزين في كافة المجالات التمريضية أو في دعم مهنة التمريض أو من قاموا بمبادراتٍ تهدف إلى تطوير الرعاية أو إلى تمكين الممرضين والممرضات وفِرق الرعاية الصحية، وفي عام 2015 أصبحت الجائزة على مستوى الأفراد والمؤسسات محليًا وإقليميًا.

تأسست في الرياض عام 2016 "جمعيةُ رُفيدة لصحة المرأة"، التي تُعد أول منظمة غير ربحية على مستوى السعودية تتبنى نظرة شاملة ومتكاملة لصحة المرأة.

ووصفتها الممرضة البريطانية بيثان سيفيتر في كتابها «The Student Nurse Handbook» الذي نشر عبر إلزيفير عام 2004، حيث قالت: "لتستلهم من بعض أبطال الممرضين الذين سبقوك، قد ترغب في البحث عن بعض الأسماء الشهيرة التالية: فلورنس نايتينجيل، ماري سيكول، إليزابيث نيكا أنيونو، إثيل جوردون فينويك، إديث لوسيا كافيل، رفيدة الأسلمية ونانسي روبر".

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية