باكستان.. مسيحيون يصلّون وسط الأنقاض بعد اتهامات بالتجديف
باكستان.. مسيحيون يصلّون وسط الأنقاض بعد اتهامات بالتجديف
جالسون وسط الأنقاض، شارك المسيحيون في جارانوالا بولاية البنجاب الباكستانية، الأحد، في أول قداس يقام منذ أن دمر متظاهرون من المسلمين حيّهم في أعمال عنف اندلعت إثر ورود مزاعم عن قيام مسيحيين بتدنيس القرآن.
الأربعاء، تمّ تخريب أكثر من 80 منزلًا و19 كنيسة في هذا الحيّ الواقع في ضواحي مدينة فيصل أباد (شرق) بعد انتشار اتّهامات لمسيحيين بتدنيس القرآن.
واضطرّت عائلات إلى الفرار إثر هجوم شنّه مئات السكّان المسلمين حيث أحرقوا وخرّبوا كنائس ومنازل، وفق وكالة فرانس برس.
وأظهرت صور انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي حشوداً مسلّحة بعصي وحجارة تقتحم الشوارع بعدما دعا رجال دين محليون أتباعهم للاحتجاج والتعبير عن غضبهم.
بعد أربعة أيام من أعمال التخريب، كان لا يزال العديد من السكّان الفارّين عاجزين عن العودة إلى منازلهم نظرًا للأضرار التي لحقت بمساكنهم.
لكن نحو 200 منهم شاركوا في قدّاس الأحد، جالسين على كراسٍ وُضعت في شارع ضيّق قرب الكنيسة الرئيسية لجيش الخلاص.
وتقول ربّة المنزل نوشين فارمان (29 عامًا) العاجزة عن العودة إلى منزلها المتضرر من حريق "اعتدنا المجيء إلى هنا بدون خوف، لكننا اليوم بتنا بحاجة إلى الشرطة".
وتضيف: "لم نأتِ بأطفالنا إلى الكنيسة مع أننا نعلّمهم عادة أهمية المجيء إلى الكنيسة".
مراقبة أمنية
فيما كان عشرات عناصر الأمن يراقبون المنطقة، بدأت مرنّمة ترتّل إلى جانب عازف إيقاع أمام المصليّن القادمين من مدن مجاورة للتعبير عن دعمهم لسكّان جارانوالا.
وتقول المدرّسة سارة إجاز (32 عامًا): "بعد الحادث الأخير، تراودنا كثير من الشكوك بشأن أمننا.. نتساءل عما إذا كنّا بأمان أم لا".
وتضيف الشابة على مقربة من الكنيسة ذات النوافذ المتفحّمة والسقوف المتصدّعة: "هل هذا بلدنا أم لا؟".
بعد أعمال التخريب، لجأ البعض إلى مدارس رسمية أو مساكن ذويهم، بانتظار انتهاء أعمال إعادة البناء التي وعدت بها الحكومة المحلية.
ويقول سامسون سلامات (44 عامًا): "ستُرمّم هذه المباني والمنازل، لكن سيصعب على الفتيات والأطفال تخطي هذه الصدمة.. سيتذكرون دومًا الرعب الذي واجهوه أثناء فرارهم من منازلهم".
وأوقف أكثر من 125 شخصًا على خلفية أعمال التخريب، فيما يخضع 12 آخرون للتحقيق لاستخدامهم مكبرات الصوت في مسجد لدعوة المسلمين إلى الاحتجاج.
وتمّ اعتقال شقيقين مسيحيين أيضًا في هذه القضية.. وتمّ لصق صفحات ممزقة من القرآن كتبت عليها كلمات مسيئة للإسلام على جدران مسجد في الحيّ في الساعات الأولى من صباح الأربعاء.
مسألة حسّاسة
يعدّ التجديف مسألة حسّاسة في باكستان ذات الغالبية المسلمة، حيث يمكن لأيّ شخص يعتبر أنه أهان الإسلام أو شخصيات إسلامية أن يواجه عقوبة الإعدام.
ويمثّل المسيحيون الذي يشكّلون نحو 2% من السكان فئة تعدّ من بين الأفقر في المجتمع الباكستاني وكثيرا ما تطولهم اتّهامات ملفّقة ولا أساس لها بالتجديف، يمكن استغلالها لتصفية حسابات شخصية.
وتلقى هذه القضايا عادة دعماً من زعماء إسلاميين من اليمين وأحزاب سياسية في أنحاء باكستان، حيث تم اغتيال سياسيين وتهديد بلدان أوروبية بالأسلحة النووية فيما قُتل طلبة إثر اتهامات بالتجديف.
وكانت الباكستانية المسيحية آسيا بيبي في قلب نزاع مرتبط بالتجديف في البلاد لتُلغى لاحقاً عقوبة الإعدام الصادرة بحقّها فيما سُمح لها في نهاية المطاف بمغادرة البلاد.
وأثارت قضيتها تظاهرات عنيفة واغتيالات لمسؤولين كبار، وسلّطت الضوء على التشدد الديني لدى فئات واسعة من المجتمع الباكستاني.