حقوقي فلسطيني: إسرائيل تستخدم قتل الأطفال بغزة ورقة ضغط وترويع للفلسطينيين
حقوقي فلسطيني: إسرائيل تستخدم قتل الأطفال بغزة ورقة ضغط وترويع للفلسطينيين
بمشاهد مؤلمة لأطفال تتلطخ أجسادهم بالدماء، تتعمد القوات الإسرائيلية قتل أرواح بريئة بدم بارد، وسط حالة دمار شامل لحقت بقطاع غزة الفلسطيني بعد قصف الجيش الإسرائيلي المدنيين العزل.
وقالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، إن بين ضحايا القصف الإسرائيلي على قطاع غزة قُتل أكثر من ألف طفل، أي حوالي 25 بالمئة من إجمالي عدد الضحايا الذي تخطى 4 آلاف قتيل.
ويشكل الأطفال (أقل من 18 عاما) في قطاع غزة نحو نصف عدد السكان البالغ 2.2 مليون نسمة، ويقول محللون إن القوات الإسرائيلية تستهدف الأطفال بشكل متعمد في إطار مساعيها للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس".
وترفض إسرائيل السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، فيما تمكنت بصعوبة عدة شاحنات تحمل مساعدات إنسانية ومواد غذائية من المرور عبر معبر رفح الحدودي (شمال شرقي مصر) عقب نحو أسبوعين من القتال المتواصل.
وتفرض إسرائيل حصارا كاملا على سكان قطاع غزة، إذ تمنع وصول الإمدادات الغذائية، والمياه، والأدوية، والمساعدات الإغاثية إلى سكان غزة من مصر.
القانون الدولي
وبموجب القانون الدولي الإنساني، على الدول احترام الحق بالمياه، الذي يتضمن الامتناع عن تقييد الاستفادة من خدمات المياه وبناها التحتية أو تدميرها كتدبير عقابي خلال النزاعات المسلحة، إضافة إلى احترام الالتزام بحماية الأعيان الأساسية لحياة السكان المدنيين.
الحصار التام الذي تفرضه إسرائيل على سكان قطاع غزة يشكل جزءا من الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، اللتين ترتكبهما السلطات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
ويمنح القانون الدولي الإنساني والمعاهدات المتعلقة بحقوق الطفل، حماية خاصة للأطفال الذين لا يشاركون في النزاعات المسلحة ويواجهون جملة من المخاطر.
ويحظى هؤلاء بالحماية العامة التي يتمتع بها المدنيون غير المقاتلين، إلا أن احتياجاتهم الخاصة للمساعدة الطبية والغذاء والمأوى والملبس معترف بها في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها لعام 1977.
ويلزم القانون الدولي بوجوب التعرف على الأطفال الذين تيتّموا أو انفصلوا عن عائلاتهم وحمايتهم، إضافة إلى توفير المرافق الخاصة التي تضمن سلامتهم البدنية.
ويجب تلبية احتياجاتهم في مجال التعليم، ومعاملة الأطفال المحتجزين بسبب نزاعات مسلحة معاملة إنسانية، والسعي إلى عدم تفرقتهم عن أفراد أسرتهم، وفي حال تعذر ذلك، ينبغي عزلهم عن كبار السن من الأسرى أو المحتجزين، إذ يهدف القانون الدولي الإنساني بشكل عام، إلى الحد من آثار الحرب على الأطفال ومساعدتهم على بدء حياة جديدة بعد انتهاء النزاع.
إبادة جماعية
وقال نائب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة، سمير زقوت، إن عدد الضحايا يفوق كل التصورات، وهناك إخفاق في إحصاء أعداد القتلى، بسبب استمرار القصف الإسرائيلي ليلا ونهارا، حيث يتم يوميا دفن عشرات الجثامين مجهولة الهوية، في وضع ينطبق تماما مع مصطلح "إبادة جماعية".
وأوضح زقوت في تصريح خاص لـ"جسور بوست"، أن الغالبية العظمى من القتلى والضحايا من الأطفال والنساء والمسنين، ونسبة المقاتلين من الحركات الفلسطينية المسلحة لا تتجاوز نسبة 1 بالمئة، لأن ما تنفذه القوات الإسرائيلية ليس معركة حقيقية، لأنها تملك سلاح جو وقذائف تزن الواحدة منها أكثر من طن، حيث فتحت الولايات المتحدة مع إسرائيل خط إمدادات لا تنقطع بالقذائف الثقيلة التي تخترق الأرض، بينما لا يملك قطاع غزة مضادات لهذه الأسلحة والقذائف المتطورة.
وأضاف: "الأهداف التي تقصفها إسرائيل جميعها مدنية تتمثل في مئات البنايات السكنية والكنائس والمساجد والمستشفيات والمدارس، حيث تمسح مناطق وأحياء سكنية بالكامل عن وجه الأرض، وذلك بهدف التضييق على المدنيين واستخدام الأطفال ورقة ضاغطة في المعركة المسلحة على قطاع غزة".
وتابع زقوت: "الأوامر الصريحة من القيادات الإسرائيلية هي إخلاء شمال قطاع غزة والتوجه إلى الجنوب، وهذا يعني القضاء بشكل كامل على حياة الناس، من خلال منع الإمدادات الإنسانية بقطع التيار الكهربائي والوقود، ومنع الدواء والغذاء والمياه، وهذا يعني إبادة جماعية لأنه مَن لم يموت بالقصف سيموت بالجوع والظمأ ومنع الأدوية".
ومضى، قائلا: "جنوب غزة لن يحتمل نزوح هذه الكثافة السكانية التي تصل إلى مليون و200 ألف نسمة من سكان الشمال، حيث لا يملك بنية تحتية تستوعب هذه الكثافة، وفي الوقت نفسه تقصف حافلات المواطنين الذين انصاعوا للأوامر وبدؤوا في النزوح".
لا يوجد مكان آمن
وأكد سمير زقوت أن "قوات الجيش الإسرائيلي تواصل قصف المناطق التي تطالب الفلسطينيين بالنزوح إليها، حيث تشهد مدينة رفح قصفا يوميا يستهدف المنشآت المدنية، حيث لا يوجد مكان آمن من الموت بكامل مدن القطاع، في انتهاك فاضح للشرعية الدولية والقانون الدولي الإنساني".
واختتم، قائلا: "إسرائيل تسعى إلى إقناع العالم بأنها تقوم بواجبها عندما تحذر مستشفيات أو أحياء أو مدنا بالكامل للإخلاء، إلا أنه في الحقيقة جزء من جريمة الحرب والعقاب الجماعي لسكان قطاع غزة".
وفي فجر 7 أكتوبر الجاري، أطلقت حركة حماس، عملية مباغتة ضد إسرائيل بإطلاق دفعات مكثفة من الصواريخ على مناطق إسرائيلية عدة، وتنفيذ عمليات تسلل في محيط قطاع غزة، في ما اعتبرته السلطات الإسرائيلية حربا ضد دولتها تستدعي الرد بغارات جوية على القطاع.
ورد الجيش الإسرائيلي بقصف جوي موسع على قطاع غزة تسبب في تدمير واسع للبنية التحتية والمباني المدنية والحكومية، فيما سقط آلاف القتلى والجرحى خلال المواجهات وأثناء العمليات العسكرية بين الجانبين.