"خنق صوت المعلمين".. تعذيب هاشم خواستار يفضح أوضاع السجون في إيران
"خنق صوت المعلمين".. تعذيب هاشم خواستار يفضح أوضاع السجون في إيران
في زاوية معتمة من سجن "وكيل آباد" بمدينة مشهد، حيث يُحكم الصمت قبضته على الجدران الباردة، يعيش المعلم الإيراني والنقابي المخضرم هاشم خواستار عزلة تامة، محرومًا من الهواء والكرامة، ومطوّقًا بكاميرات مراقبة لا تنام، ليس لجرمٍ اقترفه، بل لأنه طالب ذات يوم علنًا باستقالة المرشد علي خامنئي، ودعا إلى إصلاحات دستورية سلمية.
خواستار، السجين السياسي والناشط المعروف في أوساط الدفاع عن حقوق المعلمين، يواجه اليوم تعذيبًا نفسيًا ممنهجًا وظروفًا توصف بأنها أقرب إلى "الاحتجاز البطيء حتى الانهيار"، وفق ما كشفه مجلس تنسيق النقابات المهنية للمعلمين الإيرانيين في بيان أصدره مساء الثلاثاء.
لطالما شكّل هاشم خواستار، المدرّس في مرحلة التعليم الثانوي سابقًا، أحد أبرز الأصوات المطالبة بتحسين أوضاع المعلمين والدفاع عن الحقوق الاجتماعية في إيران.
وفي صيف عام 2019، وقّع على بيان نادر يُعرف بـ"بيان 14 ناشطًا سياسيًا"، دعا فيه بشكل سلمي إلى تغيير النظام القائم عبر استقالة المرشد الأعلى وإعادة صياغة الدستور.
هذا الموقف حوّله من مدافع عن العدالة إلى "خطر على الأمن القومي"، كما تصنفه الأجهزة الأمنية، فبدأت رحلة الاعتقالات والضغوط والحرمان من أبسط الحقوق.
زنزانة بلا نوافذ
يكشف المجلس في بيانه أن خواستار محتجز حاليًا في القسم "1/6" من سجن وكيل آباد، وهو أحد أكثر السجون شهرةً في إيران من حيث سوء المعاملة وانعدام المعايير الإنسانية.
الغرفة التي يقبع فيها المعلم السبعيني تخضع لمراقبة دائمة بكاميرات تغزو خصوصيته الشخصية، في انتهاك سافر لكل الأعراف الحقوقية.
ويُمنع خواستار من التواصل مع السجناء الآخرين، كما تُقيّد اتصالاته الهاتفية بشكل صارم، ويُسمح له فقط بساعة تهوية واحدة يوميًا، وسط حرمان تام من أبسط خدمات الرعاية الطبية أو النفسية.
تهديد للصحة النفسية
يرى ناشطون حقوقيون أن هذه الإجراءات تُشكّل نمطًا متكرراً من التعذيب النفسي والإذلال المنهجي، خصوصًا أن خواستار يبلغ من العمر 70 عامًا، ويعاني من أمراض مزمنة.
يحذر البيان من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى انهيار صحته النفسية والجسدية، ما يجعله عرضةً لخطر حقيقي على حياته.
ويحمل مجلس المعلمين المسؤولية الكاملة للسلطة القضائية والأمنية في إيران، مطالبًا بالإفراج الفوري وغير المشروط عنه وعن سائر السجناء السياسيين.
هاشم خواستار ليس وحده، بل اسمه يندرج ضمن قائمة طويلة من النشطاء الإيرانيين الذين تعرّضوا للتعذيب والانتهاك لمجرد تعبيرهم عن الرأي، ومنهم المصور والمدوّن سهيل عربي، والناشط كيانوش سنجري، وآخرون اعتُقلوا وتعرضوا لصنوف التعذيب داخل السجون الإيرانية، بحسب تقارير متعددة لمنظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية".
دعوات حقوقية دولية
طالبت العديد من المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، بالتحقيق في وقائع التعذيب داخل السجون الإيرانية، خاصة بعد توثيق شهادات لمعتقلين سابقين تؤكد تعرضهم للتنكيل والإيذاء الجسدي والنفسي.
وفي تصريحاتها الأخيرة، حذرت ماي ساتو، المقررة الخاصة بالأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في إيران، من تصاعد وتيرة القمع، مشددة على أن سجون إيران "تحولت إلى ساحات انتقام سياسي".
لكن رغم الإدانات الدولية، لا يزال النظام الإيراني يعتمد الإخفاء القسري والاعتقال الانفرادي كوسيلة لإسكات المعارضين، في ظل غياب أي مساءلة داخلية أو ضغط دولي فعّال.
"لا تتركونا وحدنا"
في رسالة غير مباشرة وصلت من السجن، قال مقربون من خواستار إن كلماته الأخيرة كانت: "لا تتركونا وحدنا في هذه الزنازين".
هي دعوة لكل من يحمل صوتًا أو قلمًا، ولكل من آمن بحرية الكلمة، أن يضع اسم هاشم خواستار في قلب المعركة من أجل إنسانيةٍ مهدورة خلف القضبان.