اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري.. تضامن دولي مع الشعوب المظلومة
يحتفل به في 21 مارس من كل عام
بسموم تُبث عبر الممارسات والقوانين والطبقات الاجتماعية، لا يزال التمييز العنصري يمثل طوقا حديديا يكبل أعناق العديد من البشر بالقمع والظلم والوصم.
ويحيي العالم، اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، في 21 مارس من كل عام، للتضامن مع الشعوب التي تكافح ضد العنصرية والتمييز العنصري.
ويحتفل باليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري سنويًا تزامنا مع اليوم الذي أطلقت فيه الشرطة في شاربفيل بجنوب إفريقيا النار وقتلت 69 شخصًا كانوا مشاركين في مظاهرة سلمية ضد "قوانين المرور" المفروضة من قبل نظام الفصل العنصري في عام 1960.
وفي عام 1979، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة برنامجا للأنشطة يتعين الاضطلاع بها خلال النصف الثاني من عقد العمل لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري.
ومنذ ذلك الحين تم تفكيك نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وإلغاء القوانين والممارسات العنصرية في العديد من البلدان، وبناء إطار دولي لمكافحة العنصرية، استرشادا بالاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري.
ومع اقتراب الاتفاقية من التصديق العالمي، لا يزال تعاني الكثير من الشعوب والمجتمعات في جميع المناطق من الظلم والوصم والقهر الناجم عن الممارسات العنصرية.
تركة متجذرة
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن العنصرية آفة تطول عدواها البلدان والمجتمعات في جميع أنحاء العالم، وهي تركة متجذرة من مخلفات عهود الاستعمار والاسترقاق.
وأضاف غوتيريش في كلمة بهذه المناسبة: "عواقب هذه التركة المهولة تتجسد في الحرمان من الفرص، والدوس على الكرامة، وانتهاك الحقوق، وإزهاق الأرواح، وتدمير حياة الأشخاص".
وأوضح أن العنصرية شائعة، لكن تأثيرها على المجتمعات المحلية يختلف من مجتمع إلى آخر، وموضوع اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري لهذا العام يسلط الضوء على هذه الحقيقة، ويركز على المنحدرين من أصل إفريقي وعلى مبادئ الاعتراف والعدالة والتنمية.
وتابع: "المنحدرون من أصل إفريقي يمثل أمامهم تاريخ فريد من العنصرية المنهجية والمؤسسية، ويواجهون اليوم تحديات شديدة، ويجب أن نتخذ مواقف ردا على هذه الحقيقة، بالتعلم من أنشطة الدعوة الدؤوبة للمنحدرين من أصل إفريقي واتخاذها أساسا نبني عليه".
واستطرد: "يشمل ذلك انخراط الحكومات في النهوض بسياسات وبتدابير أخرى ترمي إلى القضاء على العنصرية ضد المنحدرين من أصل إفريقي، وكذلك قيام شركات التكنولوجيا على سبيل الاستعجال بمعالجة التحيز العنصري الذي يتسم به الذكاء الاصطناعي".
واختتم الأمين العام كلمته بعبارة: "لنلتزم إذاً بالعمل معا، في هذا اليوم، من أجل بناء عالم تسوده الكرامة والعدالة ويعمه تكافؤ الفرص لصالح كل مجتمع محلي في كل مكان".
خلفية تاريخية
وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل فرد الحق في جميع الحقوق والحريات، دون تمييز من أي نوع، مثل التمييز القائم على العرق واللون وغيرهما.
وتؤكد الجمعية العامة للأمم المتحدة أن جميع البشر يولدون أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق ولديهم القدرة على المساهمة البناءة في تنمية مجتمعاتهم.
وشددت الجمعية العامة كذلك في قرارها الأخير على أن أي مبدأ للتفوق العنصري هو زائف علميا ومدان أخلاقيا وظالم اجتماعي وخطير ويجب رفضه، إلى جانب النظريات التي تحاول تحديد وجود أجناس بشرية منفصلة.
ومنذ تأسيس الأمم المتحدة قامت بحظر التمييز العنصري ليتضمن جميع الصكوك الدولية الأساسية لحقوق الإنسان، وفرضت هذه الصكوك التزامات على الدول للقضاء على التمييز في المجالين العام والخاص.
ويتطلب تطبيق وتفعيل مبدأ المساواة من الدول الأعضاء اتخاذ تدابير خاصة للقضاء على الظروف والأوضاع التي قد تسبب أو تساعد في إدامة التمييز العنصري أو الممارسات العنصرية.
وفي عام 2001، وضع المؤتمر العالمي لمكافحة التمييز العنصري أشمل برنامج وأكثرها حجية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل به من تعصب، هو إعلان وبرنامج عمل ديربان.
وفي سبتمبر 2011، عقدت الأمم المتحدة اجتماعا رفيع المستوى احتفالا بحلول الذكرى السنوية العاشرة لإعلان وبرنامج عمل ديربان، واعتمد قادة العالم إعلانا سياسيا لمناهضة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب وحماية ضحايا تلك الممارسات.
وفي سبتمبر 2021، اجتمع في الجمعية العامة للأمم المتحدة قادة العالم في فعالية من يوم واحد للاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لاعتماد إعلان وبرنامج عمل ديربان تحت شعار "التعويضات والعدالة العرقية والمساواة للمنحدرين من أصل إفريقي".
وشهدت السنوات الأخيرة زخما متجددا في اتجاه التغيير، بفضل الحركة العالمية المناهضة للعنصرية، إذ يشكل إنشاء آلية الخبراء المعنية بالنهوض بالعدالة والمساواة في سياق إنفاذ القانون.
ويعد المنتدى الدائم المعني بالمنحدرين من أصل إفريقي شهادة على تطلعات المنحدرين من أصل إفريقي بصفتهم الجماعية إلى العدالة والمساواة في أنحاء العالم.