الحقوقي رياض الصبح لـ«جسور بوست»: آن الأوان لحصول المرأة الأردنية على كامل حقوقها
الحرب على غزة «فضحت الزيف الإسرائيلي».. والشجب العربي ليس سلاحاً فعالاً
في ظل الأزمات المتصاعدة والصراعات المستمرة التي تشهدها المنطقة العربية، تبرز قضايا حقوق الإنسان كأحد أبرز التحديات التي تواجه الشعوب.
وفي حواره مع «جسور بوست» تحدث الخبير الحقوقي الأردني ومؤلف كتاب «الدولة وحقوق الإنسان في الفلسفة المعاصرة»، رياض الصبح، حول وضعية حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وفي القلب منها المملكة الأردنية الهاشمية، وتداعيات العدوان على غزة على تمتع الشعوب العربية بحقوق الإنسان، وتخاذل المجتمع الدولي عن وقف الانتهاكات المروعة التي ترتكبها قوات الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، ورؤية الشعوب العربية لقيم ومفاهيم حقوق الإنسان وسط هذا التخاذل العالمي.
وإلى نص الحوار:-
بداية.. ما تقييمك لوضعية حقوق الإنسان بشكل عام في المنطقة العربية؟
وضعية حقوق الإنسان في المنطقة العربية سيئة لأسباب متعددة، منها عدم وضع حقوق الإنسان كأولوية، فهناك أزمات عديدة تتعلق أولا بالصراع مع إسرائيل وحقوق الشعب الفلسطيني التي لم يحصل عليها، والحرب الدائرة في غزة وفي المنطقة، وهذا كله يجعل ملفات حقوق الإنسان ملفات أقل اهتماما، والأمر الآخر هو مستوى الدول العربية على المؤشرات الدولية، وهو مستوى يحتاج إلى تحسن في مجال حقوق الإنسان.
وماذا عن الوضع الحقوقي في الأردن؟
الخطاب الرسمي الأردني يتبنى «بشكل نسبي» حقوق الإنسان، ولدينا خطة وطنية لحقوق الإنسان وبعض التعديلات الدستورية الجيدة، وقانون الانتخابات الأخير هو الأفضل من غيره، لكن على مستوى الواقع والممارسات نجد إشكاليات في المزيد من التقييد لمؤسسات المجتمع المدني، وبعض القيود التي ليست بقليلة على حرية الرأي والتعبير.
أما من ناحية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فنجد تراجعا لنسبة البطالة في الأردن، التي وصلت في فترة كورونا إلى 25 بالمئة، وتراجعت الآن، لكنها ما زالت أعلى من المعدل السنوي الذي كان متعارفا عليه.
وما تقييمك لعملية الانتخابات البرلمانية الأردنية التي جرت مؤخرا؟
القانون الذي أجريت على أساسه الانتخابات جيد، وجاء نتيجة مخرجات لجنة تحديث تشكلت العام الماضي، والتي أوصت بتغييره بهذا الشكل، ومن المعروف أن أي عملية انتخابية تشوبها بعض التجاوزات، لكن لم يصدر أي تقرير من أي جهة رقابية، سواء محلية أو دولية يشير إلى وجود خرق جدي لنزاهة الانتخابات.
وإجمالا كانت الانتخابات ناجحة، نستطيع أن نقول ذلك، أما نسبة المشاركة فما زالت متواضعة، لكن أفضل مما كانت عليه في الانتخابات السابقة.
وإلى أين وصلت أزمة قانون الجرائم الإلكترونية؟
قانون الجرائم الإلكترونية مطبق، ومنذ صدوره تعرض لانتقادات شديدة، وكان ضمن الانتقادات بيان صادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان، عبرت فيه عن قلقها من هذا القانون. وقد أمر الملك عبدالله الثاني خلال اجتماع له مع المركز الوطني لحقوق الإنسان بأن تكون هناك عملية رصد لتقييم القانون، في محاولة لاستدراك الاحتمال السلبي لتطبيقه.
وهناك حالات تضررت من القانون على مستوى حرية الرأي والتعبير، لكن يبدو أن تطبيقه أقل مما كان يخشى، وهذا لا يمنع أنه يمكن بأي لحظة التوسع في تطبيقه، وبالتالي هو سيف مسلط على الحريات بالأردن.
وهل آن الأوان لحصول المرأة الأردنية على حقها في منح الجنسية لأطفالها؟
كمبدأ حقوقي، طبعا، وهذا ما نطالب به وتطالب به منظمات حقوقية ونسوية، وكنا نتوقع استجابة حكومية لهذه المطالب، لكن لا توجد أي مؤشرات إيجابية في هذا الخصوص، وبسبب حرب غزة تراجع الحديث في الأمر، ويبقى رغم كل شيء مطلبا حقوقيا نأمل أن يأتي وقت لتطبيقه.
ماذا عن الموقوفين بعد المشاركة في احتجاجات داعمة لفلسطين؟
أعتقد أن الأردن هو أكثر بلد عربي شهد اعتصامات ومسيرات لصالح قضية غزة منذ بداية العدوان، تهدأ في أوقات وتشتد في أخرى، ونستطيع القول إن لدينا مساحة لا بأس بها من الحرية في هذا الأمر، وانفعال كبير في الشارع الأردني بسبب العلاقة الكبيرة بين الشعبين، وفي بعض الحالات قالت السلطات إن بعض المتظاهرين استغلوا هذا السقف للإساءة لرموز السلطة، ما دفعها لاعتقال أعداد منهم في رمضان الماضي، منهم من خرج ومنهم من لم يخرج بعد، وآخرون موقوفون على خلفية احتجاجات ارتفاع الأسعار.
وكيف أثرت الحرب في غزة على تمتع شعوب المنطقة بحقوق الإنسان؟
هذا موضوع يطول فيه الحديث، لكن باختصار، شعوب المنطقة شعرت بالخذلان من المجتمع الدولي، لكن يجب الفصل بين سلوك وسياسات عديد الدول الغربية وبين سلوك شعوب هذه الدول المتعاطف والمتضامن مع فلسطين، وأغلب المسيرات التي نراها في العالم تشير إلى أن الشعوب الغربية رأت الحقيقة، وفي المقابل فإن الإنسان العربي لا يعبر عن رأيه، والأنظمة العربية لم تحقق تطلعات شعوبها وسط كل هذا.
ولماذا عجز العالم عن نجدة الفلسطينيين؟
بصراحة، عجز العالم يرجع إلى عجز العالم العربي، سواء الدول أو الشعوب غير القادرة على التعبير عن رأيها، وبسبب ضعف الديمقراطية، فالناس لا تتمتع بحقوقها كاملة، وهناك أيضا حساسية من الأنظمة العربية تجاه إيران ومجموعة الحلفاء في المنطقة ما جعل الأنظمة العربية مترددة في خوض المسألة بكل تشابكاتها وبشكل حازم.
وما تداعيات الحرب الإسرائيلية على نظرة المواطن العربي لقيم حقوق الإنسان؟
يجب التمييز بين آليات حقوق الإنسان وبين دور مجلس الأمن، فتركيبة الأخير منحازة إلى إسرائيل بسبب حق النقض «فيتو» الأمريكي كما هو معلوم، والدعم الأمريكي الواسع لإسرائيل، لكن من يقولون إن حقوق الإنسان تتراجع يجب الرد عليهم بأن هذا الكلام غير صحيح، لأنه لو لم يكن لحقوق الإنسان من قيمة لما قالت الشعوب أين حق الشعب الفلسطيني، بمعنى أنه هناك قيمة موجودة بالعالم، ولكن هذه القيمة ضعيفة التطبيق عندما يتعلق الأمر بقضية فلسطين.
في تقديرك.. هل حصول الفلسطينيين على العدالة أمر ممكن؟
طبعا ممكن، لكن كما قلت يعتمد على استخدام الآليات الدولية، وعلى حسم موقف الأنظمة العربية من المسألة، وعدم الاكتفاء فقط بالإدانة والشجب، ودائما يبقى الأمل موجودا في حصول الشعب الفلسطيني على حقه.